ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: رائد الدراسات التاريخية، (ألبير عياش) (1905-1994) الحلقة 27
بدر المقري
ليس تحصين الذاكرة المعرفية الجماعية امتيازا، بل هو حق يحمل من سمات الأولوية الشيء الكثير. ولا يختلف اثنان في أن التباس قيمة الذاكرة الجماعية وتبخيس المعرفة، عاملان رئيسان في ما يحسبه الناس في زمن الرداءة، شكلا من أشكال العبث، أو الترف الفكري.
ولذلك نذهب إلى أن من يدرك قيمة الأنموذج الذي اخترناه في هذه الحلقة، من سلسلة ذاكرة مدينة وجدة المعرفية، يجب أن يكون على شرط إدراك قيم الذاكرة الجماعية والمعرفة، في آن واحد.
موعدنا اليوم مع صرح معرفي باسق في حقل الدراسات التاريخية المختصة بالمغرب، على عهد الحماية. ولا أزال ملحاحا في أن يبادر القائمون على الشأن المحلي بوجدة، إذا كانوا على شرط إدراك قيم الذاكرة الجماعية والمعرفة، إلى تكريم رجل ارتبط مساره الذاتي والموضوعي بمدينة اسمها: وجدة، رغم أنه ولد بتلمسان، يوم 21 أكتوبر 1905. فقد هاجرت أسرته إلى وجدة، في أوائل 1912.
يتعلق الأمر بالباحث الأكاديمي: (ألبير عياش)، الذي انصهر في المجتمع الوجدي انصهارا لافتا للنظر، اتخذه سندا في صياغة مشروع علمي اقترن به إلى وفاته بباريس، يوم 5 يونيو 1994.
فقد كان (ألبير عياش)، أستاذا للتاريخ والجغرافيا بثانوية الفتيان بوجدة (عمر بن عبد العزيز لاحقا)، ما بين 1932 و 1939. وقد أهله ذلك لخوض غمار العمل السياسي الميداني، في مدينة وجدة ونواحيها.
وهكذا انخرط (ألبير عياش)، في الكونفدرالية الفرنسية العامة للشغل بوجدة سنة 1936، وساهم في خريف 1946، في تأسيس مركزية نقابية جديدة، قوامها العمال الكادحون في مناجم جرادة وسيدي بوبكر. وبسبب مواقفه المناهضة للحماية الفرنسية، قامت الإدارة الاستعمارية بطرده من المغرب، في دجنبر 1952. وأصبح بعد ذلك، أستاذا مختصا بتاريخ المغرب، في جامعة باريس 7.
وقد انعكست تجربة الأستاذ (ألبير عياش)، الشخصية والمهنية، في مدينة وجدة ونواحيها، في الكتب القيمة التي أصدرها، ونخص بالذكر ما يأتي:
1- (جغرافيا المغرب)، سنة 1950.
2- (حصيلة الاستعمار الفرنسي في المغرب)، سنة 1956.
3- (الحركة النقابية في المغرب)، في ثلاثة أجزاء، 1985-1990.