بالجزائر .. النفط مقابل العداء
بقلم: بوشعيب حمراوي
غريب أمر هذا البلد الشقيق الغني بثرواته النفطية والغازية، والفقير بأفكار ورؤى قادته الذين أدمنوا حقدا وكراهية اتجاه المغاربة، إلى درجة أنهم حرموا الشعب من أبسط مطالبه في الحياة. وقرروا تبذير أمواله وثرواته في برامج ومخططات لمضايقة المغرب. برعاية ودعم جمهورية وهمية احتلت جزء من تراب الجزائريين، وحولته إلى مستوطنات تعيش على نفقتهم.
غريب أمر هؤلاء القادة الذين فضلوا استغلال ثروات الشعب الجزائري وعائداتها المالية في تجييش عصابات ودول ضد وحدة المغرب الترابية. ولم يفطنوا بعد إلا أن خططهم واهية. ولا يمكنها أن تغير من حقيقة مغربية الصحراء. وأن حبال الاستمالة والابتزاز والإغراء قصيرة. بدليل أن هناك عدة دول قررت سحب اعترافها بجمهورية الوهم الجزائري. بعد أن علمت بحقيقة ما يجري ويدور في أرض الواقع. واكتشفت كذب وبهتان قادة قصر المرادية المصابين بوباء (العداء للمغرب).
عندما كنت أسمع آباء من ملاك العقارات والأراضي الفلاحية. يجيشون أبناءهم لارتكاب الجرائم الإنسانية اتجاه بعض من يتعارضون معهم في أمور تافهة تفرضها طبيعة الاحتكاك اليومي البشري بين الجيران والأصدقاء والمارة، أو بسبب حسد أو غيرة أو مواضيع وقضايا الجوار التي يمكن حلها تفاوضيا أو قضائيا.. يحرضونهم على القتل والتنكيل، مؤكدين لهم أن (دية خصومهم في جيوبهم)، وأنهم مستعدين لبيع الأراضي والمواشي والأبقار من أجل الدفاع عنهم لدى المحاكم. ودفع الأموال اللازمة لتبرئتهم… عندما كنت أرى أن ثراء هؤلاء الآباء، لا أثر له على حياة أبنائهم ومعيشتهم اليومية. يكتنزون المال ويقضون الأيام والليالي في الحرص على عدم صرفه أو استثماره لإنعاش أبناءهم.. لكنهم مستعدين لتبذيره من أجل تحقيق رغبات ومكبوتات لديهم في الاستقواء والتسلط على الغير… كنت أجزم حينها أن الأمر يتعلق بعقليات قديمة. ترسخت لديها مفاهيم خاطئة بسبب ما عاشته إبان الاستعمار، وما عانته من عزلة وهوان. بلا تربية ولا تعليم ولا كرامة..
لكن أن تجد أن هوس هؤلاء المغلوب على عقولهم، يتبناه نظام بلد بأكمله. فهذا يدعو إلى السخرية والاستهجان.. نظام تعاقد رواده على تبذير ثروة شعب منحهم ثقة التدبير والتسيير، من أجل إفراز قلق مجاني لشعب شقيق. نظام ترك أولويات بلاده، من تغذية وصحة وتعليم وسكن و… وفضل رعاية وتجنيد آلاف الأجناس والعصابات المرتزقة، وإلباسهم ألبسة مزيفة، من أجل تنفيذ أجنداته الرخيصة في مضايقة جاره.
كلما تذكرت مطلب (الاعتذار للشعب الجزائري الشقيق)، الذي يصر عليه الرئيس الجزائري الجديد، ردا على الأيادي المغربية المبسوطة من أجل فتح الحدود. وكلما تذكرت هذيانه طيلة فترة حملته الانتخابات الرئاسية، وحتى بعد فوزه بالرئاسة في انتخابات يرفضها الشارع الجزائري.. وإصراره على تهميش مطالب شعب مقهور، وفرض الاهتمام بقضية وهمية، لدمى وكراكيز صنعها النظام العسكري من أجل مضايقة جار. كان أول من ساند ودعم استقلال الجزائر.. كلما أحسست بهول المعاناة التي يعيشها الشعب الجزائري الشقيق تحت رحمة نظام يغرد خارج سرب التنمية والإنصاف. وكلما أحسست بضرورة تقديم الاعتذار للأشقاء الجزائريين، ليس من أجل تبريرات تبون الواهية، ولكن بسبب عدم قدرتنا نحن المغاربة على التدخل من أجل نجدتهم وتخليصهم من قبضة مصاصي دماءهم.
أما كان الأولى أن ينصت تبون لنبض الشارع الذي يغلي. وأن يكفر عما ارتكبه النظام العسكري على مر العقود. بتقديم الاعتذار للشعب الجزائري، ودعم مطلبه الوحيد والأوحد، والمتمثل في العيش الكريم، في كنف دولة مدنية، تحكمها الديمقراطية والشفافية والانتخابات النزيهة. حيث لا مكان للعسكر وأسلحته التي استنزفت جزء كبيرا من ثرواته النفطية والغازية؟.
أما كان له أن يستمع لشعب الجزائر الحر الذي خاض أزيد من سنة من الاحتجاجات، وانتفض أزيد من 54 جمعة في وقفات ومسيرات المطالبة بالإنصاف. الشعب الذي جهر غير ما مرة بهوية الجهة التي يريد منها الاعتذار والتنحي والمحاسبة؟. أما حان له أن يجري استفتاء وطنيا، ليدرك أنه يراهن على قضية خاسرة ومرفوضة وطنيا. وأن الشعب يطالب بفتح الحدود من أجل لقاء الأشقاء واسترجاع ما ضاع من سنوات الفراق المفروض ؟.
قد يلعب فيروس كورونا دور المهدئ، للشارع الجزائري. بسبب التخوف من الإصابة به عند الازدحام. وقد يكون هذا الوباء (النقمة)، في طيته نعمة مؤقتة لتبون. لكنها نعمة ظرفية. تتيح للمحتجين استعادة أنفاسهم، وإعادة ترتيب أوراقهم من أجل تنفيذ ثورة حتى النصر. ومن أجل أن تصرف أموال النفط الجزائري في الغذاء والتنمية. لا أن تستعمل في توسيع دائرة العداء لشعب شقيق، وكرشاوي من أجل كسب مؤيدين وهميين لقضية مصطنعة. ولا أن تصرف في احتضان شعب وهمي بقيادة مأجورة. ولا في التسليح والتجنيد من أجل استعراض العضلات وتهديد جيرانه.
لابد من الاعتراف بأن على المملكة المغربية (حكومة وشعبا) الاعتذار للشعب الجزائري الذي كتب عليه الفقر والحصار الغذائي والصحي والثقافي.
كتب على الطفل واليافع الجزائري أن يتلقى مناهج وبرامج مزورة في التاريخ والجغرافيا والفكر الإسلامي. وأن يتغذى بأفكار استعمارية وعنصرية من توليف النظام العسكري.
كتب على المواطن الجزائري أن يكتم حبه لأشقائه المغاربة، ويظهر رغم أنفه، عداء مجانيا إرضاء لنزوات نظام عسكري استبدادي. وكتب الإجهاض على حلمه في وطن مغاربي رحب، يتسع لكل الأشقاء بالمغرب والجزائر وتونس ولبيا وموريتانيا.
وجب الاعتذار للأشقاء الجزائريين، بالنظر إلى ما يعانون منه، من لامبالاة وتهميش لمطالبكم المشروعة. التي يسهل تحقيقها بالنظر إلى ما تختزنه بلادهم من ثروات نفطية وغازية. وكفاءات بشرية. مطالب كلما انتفضوا من أجل تحقيقها، يسارع النظام إلى فرض لفت اهتمامكم وشغلكم بقضية وهمية لشعب لا وجود له إلا في أجندات النظام. نظام يسعى دائما لتبرير عمليات صرف وتحويل أموالهم، وتبذيرها في التسلح و إنعاش قياديي جبهة الوهم. وشراء الذمم. وضخ جزء كبيرا منها في حسابات بنكية خارجية. يعيش شعب الجزائر الدولة الغنية بثرواتها النفطية والغازية، أوضاعا معيشية مزرية. حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى أزيد من 14 %. و توقع تقرير للبنك الدولي أخيرا، اتساع رقعة الفقر في الجزائر، وتوقع أن يسقط ربع سكان الجزائر تقريباً تحت عتبة الفقر. ارتفاع في أسعار المواد الغذائية المصنعة والخضر والفواكه، وحتى الوقود الذي تعتبر الجزائر من بين أكبر الدول المنتجة له.