في زمن كورونا: رسالة من تلميذ المدرسة العمومية إلى “رابطة أصحاب التعليم الخاص… فكيف تسمحون لأنفسكم بالكتابة لرئيس الحكومة لتطلبوا شيئا ليس لكم بحكم القانون والأخلاق والإنسانية ؟”
عبد الرحيم المنار اسليمي*
أنا عبدالرحيم المنار اسليمي أحد قدامى تلاميذ المدرسة العمومية المغربية، ابن مدرسة الطبري ومدرسة ابن عبدربه، سيدي بنور في سنوات السبعينيات، الذي تلقى تعليمه على يد معلمين رحمهم الله مثل السي إبراهيم والسي الميبي والسي المنجي… .وكثيرون علمونا الوطنية والتضامن والتكافل في اللحظات الصعبة مثل اللحظة التي يعيشها الوطن اليوم، أتذكر المرحومة المشرفة على المطعم المدرسي البسيط (لكونتين) أنداك “مي غضيفة“ رحمها الله وحراس المدرسة “ باسعيد” و”سي أحمد كويبة” رحمهما الله جميعا، كيف كان هؤلاء يضعون أنفسهم رهن إشارة الوطن كلما شعروا أنه يحتاج لهم، لتكون مفاجئتي وصدمتي كبيرة، وأنا التلميذ الذي يحمل هذه الذاكرة، بأن أجد أمامي رسالة من “رابطة أصحاب التعليم والتكوين الخاص” يعلنون فيها “هشاشة“ قطاعهم ويطالبون دعم رئيس الحكومة بإدراجهم ضمن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة انطلاقا من المبالغ التي تبرع بها المغاربة من أفراد ومؤسسات لفائدة صندوق تدبير ومواجهة جائحة كورونا، ويطالبون بإعفائهم من مجموعة مستحقات لمؤسسات الدولة، والأخطر مطالبتهم رئيس الحكومة بتحمل أجور مستخدمي التعليم الخاص العاملين في مدارسهم وثانوياتهم الخاصة.
لا أعرف ماهو شعوركم في “رابطة أصحاب التعليم الخاص“ وأنتم تكتبون هذه الرسالة لرئيس الحكومة، ماهو إحساسكم وانتم تكتبون هذه الرسالة في وقت يجري فيه المقدم والشيخ على قدميهما بين الدواوير لتوعية المغاربة في القرى بواجب الجلوس في بيوتهم للحماية من تفشي وباء كورونا، وفي وقت تطوف فيه السلطات العمومية بالبراح في أحياء المدن لتوعية المواطنين بخطورة الوباء وتدعوهم الى التباعد الاجتماعي، وفي وقت يقف فيه أفراد الشرطة والدرك والجيش والقوات المساعدة لتنظيم المغاربة وحمايتهم ودعمهم في هذا الظرف الصعب الذي لم يسبق للمغاربة والعالم أن عاشوه في تاريخهم الحديث، ألا تشعرون انتم أثرياء التعليم الخاص وأنتم تتابعون نشرات الأخبار العالمية والوطنية وتتابعون الاجتماعات والندوات الصحفية للسلطات العمومية بالمغرب أن الفترة فترة “حرب ضد وباء كورونا “؟ فكيف تسمحون لأنفسكم بالكتابة لرئيس الحكومة لتطلبوا شيئا ليس لكم بحكم القانون والأخلاق والإنسانية ؟
لقد اندهشت وأنا أقرأ رسالتكم الى السيد رئيس الحكومة، أنا تلميذ المدارس العمومية القديمة، وتذكرت كيف كانت المدارس العمومية تتعبأ وتجعل كل ما تملك من الطاولات إلى “دوايات الحبر” والسبورات السوداء وصور خارطة المغرب المعلقة على الجدران والأعلام الوطنية في خدمة الوطن، وكيف كانت تفتح لنا المدارس لتقوم باحتضاننا في أوقات زمهرير الرياح والبرد القارس والأمطار القوية، فماذا فعلتم انتم للوطن في هذا الظرف الاستثنائي الصعب ؟ سوى أنكم أعلنتم عن “هشاشة” قطاعكم قبل أن نعرف ماذا سيحصل بالضبط ؟ وهل سننجو من هذه الكارثة جميعا أم لا؟
فكرتم في مبالغ صندوق ساهم فيه المغاربة ببسطائهم وأغنيائهم صندوق من أولوياته الآن تدبير ومكافحة جائحة كورونا، وإذا كنتم أثرياء التعليم الخاص قد ادعيتم “الهشاشة” وطلبتم دعم الحكومة فماذا تبقى للبائع البسيط الذي جمع طاولته من الشارع ودخل لبيته استجابة لقرارات السلطات العمومية ؟
وماذا تبقى لماسح الأحذية الذي لن يجد زبناء في الشارع ؟ أو “الكسال” في الحمامات الشعبية التي أغلقت كتدبير وقائي؟ أو حلاق درب الفقراء الذي أغلق باب محله ،أو نادل المقاهي البسيط ،ماذا سيقول هؤلاء؟
لقد كنا ننتظر منكم نحن تلاميذ المدارس العمومية أن تنضموا للمغاربة وتعلنون أنكم سفتحون مدارسكم مجانا خلال ما تبقى من السنة الدراسية لفائدة ابناء عائلات ستتضرر من جائحة كورونا وتعلنون انكم ستخصصون شهرا من مداخيل الآباء التي وصلتكم لحد الآن للتبرع الى صندوق المغاربة، ومادمتم قد سلكتم هذا السلوك الغريب والخطير فمن يدري قد تفاجئون العائلات بزيادة شهرية تحتسبون فيها شيئا يسمى تكلفة الدروس عن بعد في زمن كورونا؟
وأنا اكتب لكم هذه الرسالة بصفتي تلميذ المدارس العمومية القديم، نزلت أمامي إعلانات تضامن مع صندوق دعم المغاربة في مواجهة جائحة كورونا من النقابة الوطنية للتعليم العالي التي أوقفت كل المطالب ودعت الى المساهمة في صندوق المغاربة لمكافحة جائحة كورونا، وقرار المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني بالمساهمة بمبلغ 40 مليون درهم انخراطا من هاتين المؤسستين الأمنيتين في التعبئة الوطنية لمكافحة وباء كورونا !!
هؤلاء رجال الأمن يقومون بحماية المغاربة والمساهمة في دعم صندوق المغاربة لمكافحة جائحة كورونا، وهذا درس كاف لرابطة أصحاب التعليم الخاص ليصمتوا، وبصفتي أحد التلاميذ القدامى لمدرسة الطبري وابن مدرسة ابن عبدربه واستاذ جامعي اليوم، أطالب السيد رئيس الحكومة ووزير التشغيل بحماية مستخدمي قطاع التعليم الخاص من قرارات قد يلجآ اليها المسؤولون عن رابطة أصحاب التعليم الخاص ضدهم بمبررات مختلفة تظهر من الآن من مضمون رسالتهم لرئيس الحكومة !!
*تلميذ قديم بالمدرسة العمومية