هكذا نريد لوطننا أن يكون، واحة وارفة غناء، نستظل بظلها جميعا، ونذوذ عن حوزتها جميعا
المختار عويدي
تجتاح المجتمع المغربي هذه الأيام، مشاعر وطنية جارفة رائعة، لا يمكن للمرء سوى الإعتزاز والإفتخار والتنويه بها. الجميع منخرط بدافع هذه الروح، في معركة المواجهة مع الوباء اللعين، مسؤولون ومواطنون. كل في خندقه وجبهته وموقعه. هناك من يقاومون في الخطوط الأمامية للمعركة، مخاطرين بصحتهم وأرواحهم وحياتهم، من رجال الصحة والوقاية المدنية والنظافة والأمن.. وهناك من يناضلون من موقعهم في جبهات لا تقل أهمية ومسؤولية، من رجال التعليم والإعلام والإدارة والفلاحة، والعمال في مختلف الأوراش والمرافق والمجالات، التي تضمن استمرارية تدفق شروط الحياة، رغم الحصار وحالة الطوارئ. وآخرون يناضلون بتفقد إخوانهم المواطنين، الذين يعانون الهشاشة والعوز، في محاولة منهم للتخفيف من أوضاعهم الطارئة الصعبة، موقعين على صور إنسانية ووطنية، غاية في الروعة والألق والجمال. وآخرون يساهمون بما أنعم الله عليهم، في صندوق تدبير هذه الجائحة التي أيقظت في مواطنينا كل القيم الجميلة، والعواطف الجياشة تجاه وطنهم ومواطنيهم…
كثيرة جداً هي صور التلاحم والتضامن والتعاون التي أبان عنها شعبنا الأبي. كثيرة جدا هي المبادرات والإلتفاتات الرائعة، التي محت الكثير من الصور النمطية العقيمة الكئيبة، التي كانت تؤثث يومياتنا، صور العنف والانانية والفردانية…. حتى المشردين والمتسكعين والهائمين على وجوههم في هذا الوطن، امتدت إليهم هذه الأيام أيادي الرحمة والرأفة والحنان، كي تجتثهم من معاناتهم وعزلتهم وضياعهم. يا لروعة هذا الأمر.. !! حقاً إن حب الأوطان من الإيمان.. !!
إنه انخراط وطني عارم للجميع، يُشعر المرء بفخر وشرف الإنتماء إلى هذا الوطن الرائع. ودفء حضنه الواسع الذي يحضننا جميعاً.
حقاً فهذه المحنة قد أيقظت فينا شعبنا، كل مشاعر الروح الوطنية الجياشة الكامنة. وكشفت عن الوجه المشرق لمواطنينا، خلال حلول الأزمات ونزول النكبات.
هكذا نريد لوطننا أن يكون، واحة وارفة غناء، نستظل بظلها جميعا، ونذوذ عن حوزتها جميعا، متى ما قض مضجعها طارئ. هكذا نريد حقا لهذا الوطن أن يكون، منتدى للأحرار، ومشرقا للأنوار، ومجمعا للأخيار الأبرار. لا نريد لهذا الوطن أن يكون قصعة يتخطفها اللئام، ولا بقرة حلوبا يتنافس على حلبها الأوغاد، ولا مكان يهان فيه مواطن. لا نريد أن يحيى بيننا من هم مفسدون فاسدون مرتشون، ولا من هم سراق لخيرات هذا الوطن. لا نريد أن يحيى بيننا من هم متعطشون للتسلط والقمع والقهر والتنكيل. نريد وطنا حاضنا لأبنائه، جميع أبنائه، عادلا في توزيع خيراته، صارما في إنفاذ قوانينه. نريد في المجمل وطنا متقدما قويا مزدهرا وعادلا.