عجرفة الغرب تجاه القارة الأفريقية في عز أزمة كورونا
سليمة فراجي - محامية - برلمانية سابقة
نصاب بالذهول لما نواجه بتصريحات أو ممارسات دول الغرب في مواجهة القارة الأفريقية والعالم العربي ، يلقنوننا دروسا في احترام حقوق الإنسان ،ويفرضون علينا قيمهم وهيمنتهم باسم العولمة ، يطالبوننا بملاءمة تشريعاتنا الوطنية مع المواثيق التي لها صلة باحترام الحقوق والحريات وبالشرعة الدولية ، لكن اذا كان احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية كما هي متعارف عليها كونيا لا يتم فقط من الناحية القانونية , وإنما أيضًا من الناحية الواقعية والفعلية de facto , على اعتبار ان حقوق الإنسان هي في نفس الوقت أمر مقدس في ذاته يجب مراعاته دائما ، وهي أمر نافع يجب عدم المساس به أبدًا ، فإنه تبعا لذلك يعتبر الأولوية الأسمى a highest priority ولا يجوز إطلاقًا اضطهاده أو المساس بإنسانيته وكرامته تحت أية ذريعة .
في عز أزمة وباء كورونا ومختلف الفواجع التي تعيشها الإنسانية بسبب الفيروس الفتاك ،يصرح أطباء فرنسيون عبر قناة فرنسية تبث الأخبار بصفة مستمرة وهي قناة LCI ، عن إجراء اختبار وتجارب تخص لقاحا ضد فيروس كورونا في الدول الأفريقية ، ويتعلق الأمر برئيس طوارئ مستشفى Cochin بباريس ، جان بول ميرا ، الذي صرح عبر امواج القناة أي بواسطة تصريح علني موثق وهو في كامل قواه العقلية وبدون ادنى تحفظ أو احترام لمشاعر بني الإنسان ،في سياق حديثه مع المدير العام للمعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية بفرنسا ، انه سيتحدى الاستفزاز و يدعو لإجراء تجارب لقاح ضد الفيروس في أفريقيا التي يفتقد سكانها حسب قوله لابسط ضروريات العلاج من أقنعة وإنعاش ، مقارنًا ذلك بما تم القيام به سابقًا لما تعلق الأمر بوباء الأيدز حيث تم اجراء التجارب الكيماوية على النساء الممارسات للدعارة في إفريقيا ، وأكد الفكرة مدير المعهد الصحي مثمنًا ما دعا اليه الاستاذ ميرا حول إجراء التجارب على مواطنين من القارة السمراء مشيرا الى المقارنة مع لقاحات أخرى اجريت في أفريقيا ، علما ان التصريحات المذكورة اقل ما يقال عنها انها تشكل شروعا في جرائم ضد الإنسانية تتمثل في إلحاق الأذى والمعاناة بالجسم أو الصحة أو الممارسات الحاطة من الكرامة ، اذ ان الأمر يتعلق باعتبار الإنسان بمثابة “فئران تجربة ” cobayes ,واعترافا بارتكاب جرائم سابقة ضد الإنسانية في حق ساكنة أفريقيا ، بخصوص إجراء تجارب كيماوية سابقة، وتمييزا عنصريا خطيرا ، بإهانة البشرية بإخضاعها للتجارب الكيماوية وكأنها اقل درجة واعتبارا من ساكنة دول أوروبا ، بل تصنيفها في درجة الحيوانات التي تخضع للتجارب ، في خرق سافر لابسط حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا والتي نصت عليها الشرائع والنواميس والقوانين ، والسؤال المطروح هل ستستمر عجرفة هذه الدول في معاملة أفريقيا بمنطق الاستعمار والهيمنة الذي عرفته أفريقيا في القرون السابقة لما كانت أوروبا تبحث عن المستعمرات وعن الموارد الطبيعية إبان الثورة الصناعية وأخضعت الدول والشعوب لسيطرتها ، وكان على هذه الشعوب المضطهدة النضال وخوض حروب التحرير الطاحنة من اجل التخلص من قبضة الاستعمار ؟ أم انه حان الوقت لدول أفريقيا ومن بينها دول شمال أفريقيا ان تنتصر لتشجيع وتخصيص ميزانيات مهمة للبحث العلمي واحداث وتأطير وتمويل مراكز ومختبرات البحث العلمي بجميع متطلباته ، علما ان الأساتذة الباحثين والعلماء في قارتنا لا يقلون ذكاء عن غيرهم في دول مصنعة متقدمة ،بحجة ان معظم المراكز والمختبرات في امريكا وأوروبا وكندا تعج بمغاربيين وأفارقة وغيرهم ، بدل صرف وتخصيص ميزانية لقطاعات اثبتت التجربة الكورونية و غيرها مما قد يحدث من مستجدات عن عدم فاعليتها وعدم جدواها ، لذلك واذا كانت الأزمات تذكي الهمم وان الإهانات تحفز على ايقاظ الضمائر ، فان التسلح بالإرادة القوية الجماعية يفرض علينا ان نعتمد على أنفسنا و نعيد الثقة في دولنا ونعيد ترتيب أولوياتنا .