نهاية التاريخ لفوكوياما
محمد العرجوني
اليوم لم اخضع للقيلولة… ربما بسبب كثرة النوم. فائض النوم… فقررت تصدير هذا الفائض إلى العقل كي يشتغل شيئاً ما… حسب قدراته… طبعا…. لهذا قررت مناقشة فكرة نهاية التاريخ لفوكوياما….
******
تحدث فوكوياما عن نهاية التاريخ، مباشرة بعد “انتصار” الرأسمالية المتوحشة. مباشرة بعد أن نخرت كالسوسة “عدوها” اللدود الذي يقف في وجه احتكارها. وذلك بمباركة “الكلاص نوت” ومن يدور في فلكها. صحيح إنها النهاية. نهاية التوازن. نهاية اقتصاد آدم سميث. اقتصاد يراعي قوة العمال ونسبيا إنسانية التعامل. اقتصاد ينتج من أجل الاستهلاك والقيمة المضافة من غير مضاربات افتراضية. هكذا تحدث عن نهاية التاريخ المبنىي في حقيقة الأمر على جدلية الحياة. جدلية تمشي على رجليها. فاوقفه. وأنهى مسيرته ليصبح مفتوحا على السوق الحرة وعلى المضاربات الافتراضية. اصبح تاريخا مبنيا على المال. تاريخ الربح بأية طريقة من غير مراعاة اليد المنتجة بمساعدة تطور تكنولوجي رهيب يسمح بالاستغناء عن الإنسان. اذن تم الاستغناء عن التوازن.
هكذا انتهى تاريخ حسب فوكوياما لصالح تاريخ يخدم مصالح الرأسمالية. فيذكرنا فوكوياما هنا بهيجل الذي انتهت به فلسفته التاريخية والتي بناها على الديالكتيك، إلى تناقضه حينما أوقف عجلة التاريخ عند الفكر الجرماني الذي اعتبره وصل إلى الحرية المطلقة وهكذا أوقف بشعور أو من غير شعور منطق الديالكتيك.
لكن، هل فعلا انتهى التاريخ كما أراده ان ينتهي؟
في نظري حسب ما يجري منذ ان صرح أحد الرأسماليين بانه لم يعد للطبقة العاملة حق في المطالبة بحقوقها كما كان ذلك ممكنا سابقا، لم ينته التاريخ كما أراده فوكوياما. انتهى صحيح، لكن ليس بمفهومه. ليس بالمفهوم الغربي الذي يعتبر العالم الغربي بمثابة مركز العالم. ليس بمفهوم انطلاقا من تلك النظرة العرقية المركزية. اي التاريخ الذي تحدث عنه هيجل ولم يعط فيه أهمية للحضارات التي همشتها الحضارة الغربية. فوكوياما تنبأ اذن بنهاية تاريخ كان مبنيا على عالم ثنائي. اي عالم ماوراء حائط برلين أو الستار الحديدي وعالم دونه. لم يأخذ في الحسبان أن هناك عوالم أخرى. وخاصة عالم ينتمي إليه هو نفسه ثقافيا. وبالمناسبة، الا يمكن اعتباره كمثال حي للمستلب؟ كيف انتهى به الأمر بنسيان ثقافته الشرقية؟ نحن أمام بروز تاريخ آخر. بأحداث مختلفة وشعوب أخرى. تاريخ الشرق. بزعامة الصين. اذن ديالكتيك التاريخ والذي ينبني على الفكر يبرهن لنا مرة أخرى ان الفكرة هي الرأسمالية المتوحشة، و نقضيها الذي تحمله في جوهرها. اي لا يمكنها ان تكون متوحشة وتسحق الإنسان الذي لولاه ما كانت رأسمالية، لنجد أنفسنا أمام توليفة تجمع بين محاسن الرأسمالية ونقيضها. والتجربتان الأساسيتان اللتان مرت بالنقيضين، هما في نظري، التجربة الماوية (التي اعتمدت على الفلاح في البداية مرورا بالثورة الثقافية إلى مرحلة التأقلم مع العولمة)، ثم التجربة الروسية (التي اعتمدت على العامل في البداية مرورا بالستالينية إلى مرحلة العولمة او الكلاص نوت).
وهكذا يستمر منطق التاريخ المادي وليس المثالي كما اعتمده هيجل ثم بعده فوكوياما…
***********
محمد العرجوني
تحت الحجر الصحي 09-4-2020