الجزائر: تبادل إطلاق النار في مقر مديرية الأمن الداخلي وهروب رئيسه الجنرال وسيني صباح تنصيب خلفه اللواء عبد الغني راشدي
عبدالقادر كتــرة
تناقلت بعض وسائل الإعلام الجزائرية خبر اشتباكات مسلحة وتبادل إطلاق نار كثيف بين فرقة من قوات الخاصة وبين الحراس الخاصين للجنرال وسيني بوعزة بمقر مديرية الأمن الداخلي في العاصمة، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين 13 أبريل 2020.
وأوردت نفس المصادر أن فرقا من قوات الجيش الوطني حاولت اقتحام مقر مديرية الأمن الداخلي من عدة اتجاهات لاعتقال الجنرال وسيني بوعزة رئيس مديرية الأمن الداخلي بالقوة وتصدت لهم وحدات من قوات المقر المسلحة .
وتميزت المواجهة بين قوات الأمن المتواجدة في المقر وقوات الجيش التي توجد خارجه بإطلاق الرصاص حيث سجلت سقوط ضحايا من الجانبين، قامت إثرها، قوات الجيش باقتحام مقر مديرية الأمن الداخلي بمساعدة من القوات الخاصة للقبض على الجنرال وسيني بوعزة والذي فر من المقر قبل وقوع الاشتباكات بدقائق ولم يعرف الوجهة التي فر إليها.
هذا الوضع الخطير جاء بعد إقدام رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة السعيد شنڨريحة على إنهاء مهامه الجنرال وسيني بوعزة على رأس مديرية الأمن الداخلي وتعيين خلفا له اللواء عبد الغني راشدي .
الجنرال شنڨريحة أشرف، صباح نفس اليوم، على تنصيب اللواء عبد الغني راشدي مديرا عاما للأمن الداخلي بالنيابة خلفا للعميد واسيني بوعزة.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع اليوم الإثنين “باسم السيد رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، أشرف السيد اللّواء السعيد شنڨريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة، اليوم الاثنين 13 أبريل 2020، على التنصيب الرسمي للعميد عبد الغني راشدي، مديرا عاما للأمن الداخلي بالنيابة خلفا للعميد واسيني بوعزة”.
وفي لندن كشف عضو أمانة حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت النقاب عن أن الإطاحة بمدير المخابرات السابق واسيني بوعزة، هو ثمرة صراع قوي بين جناحي المخابرات والرئاسة من جديد.
وقال زيتوت في حديث خاص بـ “عربي21”: “الإطاحة بواسيني بوعزة تمثل انتصارا لجناح الرئاسة ولأصدقاء مدير المخابرات السابق الجنرال محمد مدين (التوفيق) وبشير طرطاق منسق الأجهزة الأمنية والسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المعتقلين، إضافة إلى كونه انتصارا للرئيس عبد المجيد تبون نفسه”.
وأضاف: “لقد جاء صعود الجنرال واسيني بوعزة مستعجلا، فقد وصل إلى منصب مدير المخابرات في نيسان (أبريل) من العام الماضي، بعد الإطاحة بـ (الرئيس) عبد العزيز بوتفليقة، وتمكن منذ ذلك الحين من إسقاط عدد من الجنرالات الأقوياء، وهو من أقنع قائد الأركان الراحل قائد صالح بأن لا يضع واسطة بينه وبين المخابرات، وباعتقال القيادات الأمنية والسياسية السابقة، وظلت قناة التواصل بينهما مباشرة”.
وأشار زيتوت إلى أن “الجنرال واسيني بوعزة، الذي أصبحت له الكلمة العليا في عهد رئيس الأركان الراحل، ارتكب خطأ قاتلا في الانتخابات الرئاسية الماضية، فبينما كان قائد صالح مع دعم عبد المجيد تبون عمل واسيني بوعزة على دعم عزالدين ميهوبي، وقد وصل الخبر إلى قائد صالح الذي كان يومها على فراش المرض، فغضب وكاد يأمر باعتقاله لولا أن الموت أدركه”.
وذكر زيتوت أن “عبد المجيد تبون، الذي كان على علم أيضا بميول واسيني بوعزة في الانتخابات الرئاسية، عمل منذ وصوله إلى منصب الرئاسة، على تشكيل فريق ضم عددا من الأسماء ذات الصلة بقيادات النظام السابق المعتقلين، ومنهم عبد العزيز مجاهد ورئيس مكتب التوفيق الحاج رضوان”.
وأضاف: “عمل فريق تبون على مدى الأشهر الأربعة التي تلت وصوله إلى الرئاسة على إضعاف واسيني بوعزة إلى أن جاءت اللحظة المناسبة للإطاحة به”.
وأوضح زيتوت، أن “الإطاحة بواسيني بوعزة كانت منذ أسبوع تقريبا عندما تم تعيين اللواء عبد الغني راشدي نائبا له قبل أسبوع بصلاحيات واسعة”.
وذكر “أن مصير الجنرال واسيني بوعزة، الذي كان رجل الأمن الأقوى خلال العام الماضي، غير واضح، وأن الأنباء حوله متضاربة، فبينما هناك روايات تتحدث عن هروبه، هناك من يقول إن تبادلا لإطلاق النار جرى لحظة اعتقاله، وهناك من يتحدث عن تصفيته أصلا”.
واعتبر زيتوت أن هذا الصراع الخفي الذي يطبع العلاقات بين أجنحة نظام الحكم في الجزائر يؤكد مرة أخرى، صوابية مطلب الشعب الجزائري وقواه الحية بالدعوة إلى قيام دولة مدنية حقيقية كما يطالب الحراك منذ سنة، لأنها تمتلك المؤسسات الواضحة لحسم الخلافات في إدارة الشأن العام، وهي الأكثر ضمانة لحفظ حقوق الناس، على حد تعبيره