فرق الإسلام السياسي ومسببات ودوافع الانتماء
كمال ازنيدر
إن السامع عن الإسلام السياسي لأول مرة، قد يقوده جهله لكل شيء عن هذا التيار إلى الاعتقاد بأنه توجه سياسي واحد، لا اختلاف فيه بين جماعة إسلامية وأخرى أو حزب إسلامي وآخر إلا في بعض الجزئيات أو الحيثيات – خصوصا أن هناك جهات إعلامية وسياسية تروج لمغالطات مفادها أن الجماعات والأحزاب الإسلامية كلها متشابهة وكلها رجعية وإرهابية -. لكنه وبمجرد أن يبدأ البحث والتنقيب في حقيقة هذا التيار السياسي فسيكتشف أن اعتقاده الأولي كان مخطئا للغاية وأن ما تروجه هذه الجهات الإعلامية والسياسية هو في واقع الأمر أكذوبة، سياسة من سياسات الإمبريالية الفكرية، هدفها تضليل الرأي العام.
فالإسلام السياسي ليس بتيار متجانس إنما هو مزيج لحركات فكرية سياسية مختلفة بل متناقضة، قد يستغرب العقل انتماؤها لنفس الدين ونفس التيار السياسي. توجهاته ومكوناته، قسمها بعض الباحثون إلى سبعة أقسام رئيسية، وهي :
1) “السلفية العلمية” القائمة على إعادة بناء التعاليم الأخلاقية التي كانت سائدة في العصر الأول للإسلام بشكل سلمي ومن دون اللجوء إلى أعمال العنف أو العمليات الحربية ؛
2) “السلفية الجهادية” القائمة على الجهاد المسلح لإقبار الأنظمة العربية الطاغية ومهاجمة الأهداف الغربية دفاعا عن المسلمين من العدوان الغربي ؛
3) “الناشطون السياسيون الإسلاميون” الذين اختاروا العمل السياسي السلمي مستخدمين أفكار وتقنيات حديثة ومنظمات سياسية معترف بها لتحقيق هدفهم المتمثل في إقامة الدولة الإسلامية ؛
4) “الفدائيون” الذين يؤمنون بأن الطريق الأوحد لإقامة المجتمع الإسلامي الذي يرغبون فيه هو الكفاح المسلح فحسب ؛
5) “مسلمو الشتات” أو “المسلمون في الغربة” الذين يحاولون الإبقاء على هويتهم الإسلامية في بلدان المهجر ؛
6) “جناح النخبة الحاكمة” المتكون من الإسلاميين الذين يتم الإشراف عليهم من قبل النخبة الحاكمة التي تساعدهم من خلال الدعم المادي واللوجستيكي والإعلامي عبر وسائل الإعلام الرسمية ؛
7) “المتعاطفون” الذين لا ينتمون عمليا لهذه التنظيمات والذين يرون النشطاء والفدائيين كأبطال وعظماء وشهداء يضحون بحياتهم من أجل القيم النبيلة.
وذهب آخرون إلى تصنيف الحركات الإسلامية وفقا لتصنيف مكون من أربعة أصناف رئيسية، وهي كالتالي :
1) “الحركات الإسلامية السياسية” السلمية وذات الخلفية الإخوانية والتي تميل إلى العمل من داخل النظام السياسي والاجتماعي السائد، وتسعى إلى دفعه إلى التغيير بروح إصلاحية سلمية لا ثورية انقلابية معتمدة في ذلك منهج التدرج والنضال المدني بالتعاون مع القوى القومية والوطنية المعارضة ؛
2) “الحركات الإسلامية السلفية” التقليدية وذات المنحنى التعميمي والإرشادي، والتي لم تكن تهتم بالسياسة كثيرا، لكن التطورات الاجتماعية والسياسية التي عرفها العالم العربي خلال العقد الأخير دفعتها إلى تغيير منحى سيرها وجعلتها أكثر تسيسا وأعمق وعيا بالشأن المحلي ؛
3) “الحركات الجهادية الثورية” السلفية الفكر في الغالب الأعم والمختلفة عن السلفيين التقليديين في موقفها من الحكام والأنظمة الحاكمة وميلها إلى الانقلاب عن السلطة واستعمال العنف والعمل المسلح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الدولة الإسلامية ؛
4) “حركات الإسلام الليبرالي” التي يدعمها الغرب لمواجهة الحركات الإسلامية المتطرفة والداعية إلى الحلول الليبرالية المعتدلة لمشاكل الدين والمجتمع، والمهتمة بقضايا مختلفة مثل الديمقراطية وفصل الدين عن السياسة وحقوق المرأة وحرية الفكر.
وخلص تقرير للمجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إلى تقسيم الجماعات والأحزاب الإسلامية إلى ثلاثة تيارات رئيسية، وهي :
1) “تيار التوجه الإسلامي السياسي” المشتمل على حركات تعطي الأولوية للعمل السياسي على الخطاب الديني وتسعى للسلطة بواسطة وسائل سياسية وليس بالعنف، متخذة شكل أحزاب سياسية كما هو الحال بالنسبة لحزب الحرية والعدالة بمصر وحزب العدالة والتنمية بالمغرب، إلى آخره ؛
2) “تيار النشاط التبشيري” المتجدد والأصولي في آن واحد المتجنب لممارسة النشاط السياسي بشكل مباشر، والذي لا يسعى للسلطة ولا يخلق مؤسسات حزبية، بل يركز فقط على النشاط التبشيري كالدعوة لتثبيت أو إحياء الإيمان والحفاظ على تماسك الأمة بالتمسك بالنظام الأخلاقي الذي يدعو إليه الإسلام (الحركة السلفية وجماعة التبليغ كخير مثال) ؛
3) “تيار الجهاديين” الملتزم بالعنف لتوسيع رقعة دار الإسلام أو الدفاع عسكريا عن الأمة والرد على هجمات الأعداء الكفار والمنقسم إلى تيارين رئيسيين : السلفية الجهادية المنظمة إلى صفوف الجهاد المسلح بعد انفصالها عن الحركة السلفية واقتناعها بعدم جدوى سلميتها والقطبيون الذين انشقوا عن جماعة الإخوان المسلمين متأثرين بالفكر المتطرف للسيد قطب وتكفيره للمجتمعات والحكومات العربية ودعوته إلى نسفها (جماعة الجهاد الإسلامي المصرية، القاعدة…).
في حين اعتمد بعض آخر تقسيما بسيطا يقسم الإسلاميين إلى قسمين :
1) “المحافظون”، الوهابيون على سبيل المثال، الذين يعتبرون أن الشريعة الإسلامية نظام شامل وقار ؛
2) “التطويريون”، الذين يعتبرون الشريعة الإسلامية نظاما كونيا للقيم يجب تفسيره وأقلمته.
وترى ويندي كريستيانسن – رئيسة تحرير صحيفة العالم الدبلوماسي النسخة الإنجليزية وكاتبة صحافية مختصة في قضايا الشرق الأوسط والعالم الإسلامي – أن هذا التقسيم الثنائي صالح فقط في مجال تفسير النصوص الدينية، وبالتالي يجب استخدام توصيفات أخرى، غالبا ما تكون متداخلة فيما بينها، لوصف الفعل الإسلامي السياسي : من ناحية، “الثوريون”، الذين يدعون إلى إنشاء دولة إسلامية “من أعلى إلى أسفل المجتمع” باللجوء إلى العنف إذا لزم الأمر ؛ ومن ناحية أخرى، “الإصلاحيون”، مثل الإخوان المسلمين، الذين يؤمنون بإمكانية إنشاء الدولة الإسلامية “من الأسفل إلى الأعلى” من خلال التغيير التدريجي والإجماع السياسي.
وقد اختلفت هذه التوجهات الإسلامية السياسية بشأن مصادر التشريع في الإسلام السياسي وانقسمت إلى ثلاثة مذاهب :
– المذهب الأول يرى أن هذه المصادر هي مصادر الأحكام في الشريعة الإسلامية ؛
– المذهب الثاني يرى أن هذه المصادر هي القرآن، ثم السنة “وفق شروط معينة”، ثم التشريع الصادر من أولي الأمر في إطار الشريعة الإسلامية، دون غيرها من المصادر ؛
– المذهب الثالث يقول أن هذه المصادر هي مصادر الأحكام في الشريعة الإسلامية ويضاف إليها المصادر المأخوذ بها في القانون الوضعي شريطة ألا تتنافى مع الشريعة الإسلامية.
هذا فيما يخص التشريع المتعلق بأنظمة الحكم الإسلامية أو بشكل آخر مصادر الدستور في الإسلام وكذا القانون الجنائي وغيره من القوانين المؤطرة للحياة العمومية بداخل المجتمع، أما فيما يخص التنظيمات الداخلية لجماعات وأحزاب الإسلام السياسي فكل تنظيم حر في تسيير أموره واختيار آساليب وكيفيات تنفيذ برامجه ومخططاته السياسية شريطة احترام بعض الضوابط الشرعية التي لابد من مراعاتها في اعتماد الكيفيات أو التنظيمات، وهي :
1) أن تكون محققة للمقصود الذي من أجله وضعت ؛
2) أن لا تخالف قاعدة من القواعد الشرعية أو مقصدا من مقاصد الشريعة الإسلامية ؛
3) أن لا تخالف دليلا من أدلة الشرع التفصيلية ؛
4) أن لا تترتب عنها مفسدة تسيء للمصلحة المراد تحقيقها.
هذه الاختلافات بخصوص مصادر التشريع في الإسلام السياسي أودت إلى ظهور جماعات وأحزاب إسلامية سياسية ذات توجهات متباينة ومتباعدة بشكل كبير جدا. مبادئ وأفكار هذه التكتلات ليست فقط مختلفة بل متناقضة إلى حد يستعصي معه التصديق أو التسليم بأنها جميعها تنبع من نفس الدين وتنتمي إلى نفس التيار السياسي.
فكما هناك إسلام سياسي يأمر بقتل المرتد، هناك إسلام سياسي آخر ينهى عن هذا القتل ويعتبره كبيرة من الكبائر. وكما هناك إسلام سياسي يرى في المرأة مخلوقا ناقص عقل لا يصلح إلا للاهتمام بالأشغال المنزلية وتربية الأولاد، هناك توجه إسلامي سياسي مغاير يعتبر المرأة إنسانا كاملا، عليه أن يدرس ويعمل مثله مثل الرجل.
وإن كان هناك إسلاميون يعادون الغير مسلمين، يقصونهم ويحرمونهم حقوقهم وحرياتهم، فهناك آخرون لا يعتبرون الآخر عدوا لهم ولا يمايزون بين الناس وفقا لأديانهم. وإذا كنا نجد إسلاميين يدمرون معابد من يصطلح عليهم بالكفار، فكذلك نجد آخرين ينهون عن هذا الفعل ويعدونه استبدادا، ظلما أو جريمة في حق التراث البشري أو الإرث الثقافي للإنسانية.
وعموما الإسلاميون الذين يأمرون بقتل المرتد هم نفسهم الذين يرون في المرأة مخلوقا ناقص عقل لا يصلح إلا للاهتمام بالأشغال المنزلية وتربية الأولاد، يعادون الغير مسلمين، يقصونهم ويحرمونهم حقوقهم وحرياتهم، ويدمرون معابد من يصطلح عليهم بالكفار. وأولئك الذين لا يدينون بقتل المرتد هم كذلك نفسهم الذين يعتبرون المرأة إنسانا كاملا، عليه أن يدرس ويعمل مثله مثل الرجل، لا يعتبرون الآخر عدوا لهم ولا يمايزون بين الناس وفقا لأديانهم، لا يتعدون على معابد الغير وينهون عن هذا الفعل ويعدونه استبدادا، ظلما أو جريمة في حق التراث البشري أو الإرث الثقافي للإنسانية… إن كانوا صادقين في ما يظهرونه للرأي العام بطبيعة الحال.
هذا الاختلاف نتج عنه تصدعا وانشقاقا كبيرين داخل تيار الإسلام السياسي. فالفكر السياسي لحركة النهضة التونسية مثلا هو كفر بالنسبة لحركة طالبان الأفغانية أو القاعدة أو داعش وغيرهم من جماعات السلفية الجهادية، وحركة النهضة التونسية ترى الضلال في المذهب السياسي لهذه التنظيمات وتعده فكرا وتحاريف دينية شوهت صورة الإسلام وأساءت كثيرا للإسلام السياسي والإسلاميين.
ويعزى مرد هذا الاختلاف والتباين الكبير في مواقف وأراء الإسلاميين إلى البيئة الثقافية والسياسية وكذا الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي ينشأ ويترعرع فيها الإسلامي. فهذا الأخير، مثله مثل أي إنسان، هو إبن بيئته. بشر كباقي البشر، هو كذلك انعكاس للعالم الذي يتثاقف فيه. إذا نشأ وترعرع في مجتمع متقدم، كان إسلامه السياسي متقدما. وإذا تكون وتثاقف في عالم متخلف، كان فكره الإسلامي السياسي فكرا رجعيا وظلاميا.
حركة طالبان الأفغانية على سبيل المثال، أعضاؤها نشئوا في عالم طغى فيه الاستبداد والسلطوية وتفشى فيه الفساد الإداري وحرمان مناطق شاسعة من أفغانستان من السياسات التنموية. لم يستفيدوا من تعليم في المستوى وحتى تكوينهم الديني كان ضعيفا ومحصورا في نتاج المدرسة الديوبندية، وهذا ما يفسر تخلفهم الفكري ونزعتهم للعنف. أما النهضاويون التونسيون فنشئوا في عالم أكثر تقدما، وتعرفوا على حضارات جد متقدمة كالحضارة الغربية، وهذا ما جعل منهم إسلاميين متنورين وجد متقدمين مقارنة بطالبان.
فالرجعية الإسلامية وكذا الإرهاب الإسلامي يستمدان بالأساس مسبباتهما من الفقر والبؤس والاقصاء الاجتماعي والبطالة وكذا هزالة التكوين الثقافي والعلمي وما يتولد عنه من جهل أو أمية. فهذه هي الأسباب الجذرية لهذا التخلف ولهذا الإرهاب اللذان يهددان مؤسساتنا الحكومية، يدمران اقتصادنا ويزعزعان استقرار بلداننا وبلدان العالم بأسره.
فإن دققنا النظر في مراقبة الجماعات الرجعية وكذا الإرهابية فسنجد أن الغالبية الساحقة من أعضائها تأتي من المناطق والبيئات الاجتماعية التي يسود فيها الفساد والفقر المدقع والتوزيع الغير عادل للثروة وترتفع فيها معدلات الجهل والأمية والإحساس بالظلم والقهر. فندرة المدارس والجامعات أو انعدامها والفقر والقهر والتعدي على حقوق الإنسان وما يتولد عنهم من إحساس بالحقرة وتشاؤم حول الآفاق المستقبلية يوفرون أرضية خصبة لجميع أشكال العنف ولانتشار شتى أطياف الأفكار الرجعية.
هذه العوامل تجعل من ضحاياها فريسة سهلة للأدمغة المدبرة التي تختفي وراء الإرهاب المنسوب للإسلام والتي تتفنن في استغلال ظروف هؤلاء الناس، جهلهم بالدين، مستواهم الثقافي والفكري المتدني وهشاشة شخصيتهم وبنيتهم التكوينية، وكذا حقدهم وسخطهم المجتمعي لضمهم إلى خلاياها الإرهابية… أو تجعلهم فريسة يسهل الإيقاع بها والتلاعب بها من قبل الدجالين وتجار الدين الذين يتفننون في العزف على الخطاب الديني واستغلال التخلف الفكري لهذه الفئات للحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات الانتخابية.
ولحماية مجتمعاتنا من هول الرجعية الدينية ولكي لا نساهم في نجاح هؤلاء المرتزقة الذين يتخفون وراء هاته المنظمات الإجرامية والأحزاب الاحتيالية التي لا تحمل من الجهاد الإسلامي أو الإسلام السياسي سوى الإسم، أصبح الآن من الضروري محاربة المشاكل والمسببات الاجتماعية والاقتصادية وكذا السياسية التي يتولد عنها الجهل ويتغذى منها الإرهاب وجميع أشكال العنف ويسهل معها نجاح ممارسات النصب والدجل الديني.
فالمقاربة الأمنية وحدها لا تنور عقول الناس ولا يمكن أن تحمينا بشكل فعال من تنامي مخاطر التطرف والعنف والإرهاب التي تتمخض عن الشعور بالظلم والإقصاء وضعف التعليم والتكوين، إذ يجب أن يصاحب هذا النهج الأمني إستراتيجية للإدماج الاقتصادي والاجتماعي لضحايا الفقر والتهميش، وسياسة توعوية دينية ومدنية كفيلة بالقضاء على الرجعية والتطرف والإرهاب.
فالتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحسين المستوى الثقافي والفكري للمواطنين هما أنجع سياسة لضمان حصانة مجتمعاتنا من التخلف والإرهاب والوقوع في فخاخ النصابين والدجالين الذين يتاجرون بالدين. لدى فمن الضروري اليوم الاستثمار في المناطق المقصية والمهمشة وكذا تبني سياسة حقيقية وفعالة للقضاء على الجهل والبطالة. للنجاح في حربنا ضد التخلف والإرهاب والاحتيال الديني، يجب علينا أن نستثمر في المناطق التي لم يسبق لها الاستفادة من خطط التنمية أو لم تستفد منها بشكل كافي، والعمل على خلق فرص شغل لشبابها وأنشطة تفتح أعينهم وتقيهم من شبح الجاهلية وحمى الفكر الإرهابي.
المدرسة هي كذلك لها دور كبير ذو أهمية قصوى عليها أن تلعبه. مناهجها الدراسية يجب أن تتضمن موادا تستنكر المراجع الدينية الرجعية التي أساءت كثيرا لصورة الإسلام والمسلمين بفكرها الجاهلي والظلامي، تحارب الإرهاب ومصادره الفكرية، وتساهم في خلق إسلام متنور مبني على قيم التسامح والحوار السلمي والهادف والتفاهم واحترام الخلاف الفكري والتعددية لا مكان لنبذ الآخر والإرهاب فيه.
فالإسلام، بالإضافة إلى كونه دعوة إلى نشر السلام والحب، هو موعظة تحث على العمل وتعلم العلوم والتقدم التكنولوجي. هذا هو الإسلام الذي على مؤسساتنا التعليمية -وبما في ذلك المساجد ودور الحديث أو القرآن- أن تشجعه وتدعو إليه. أما الأفكار الدينية التي حرمت تعلم العلوم واللغات وغالطت الرأي العام بجعله يعتقد أن تخلف بلداننا ليس سببه العزوف عن الدراسة وعدم الاستثمار في البحث العلمي بل سببه ترك الصلاة والصوم والحجاب، فيجب أن تحارب.
إن قمنا بهذا، نكون ضمنا 90% من حظوظ الفوز في معاركنا ضد الانحرافات الدينية وخصوصا معركتنا ضد التخلف والإرهاب ؛ 10% المتبقية، نضمنها بحماية مجتمعاتنا من أعداء الخارج وعملائهم بالداخل الذين يتربصون بنا ويعملون وفق أجندات تهدف إلى نشر الجهل بيننا، زعزعة أمننا وضرب وحدتنا، استقرارنا واستقرار العالم.
وإن لم نقم به، خطر الإرهاب وشبح التطرف والرجعية وآفة النصب والدجل الديني سيظلون حاضرين بقوة بيننا، وأعداد غفيرة منا ستسخر من جهلها الأمم، ستستنكر إغلاق المساجد ودور العبادة وستمارس حياتها بشكل عادي في ظروف عويصة تقتضي الحظر الصحي والتباعد الاجتماعي وستظل تدافع باستماتة وبكل ما أوتيت من قوة عن أخطاء كل مرجع ديني حتى وإن خالف النص الصريح لكتاب الله ودعا إلى سلوكيات انتحارية كدعوة المرضى والمصابين بفيروس كورونا إلى الصوم، وكأنهم ليسوا في أمس الحاجة إلى الأكل والشرب وتلقي العلاج للتشافي، ولهذا رخص لهم في القرآن الكريم بالإفطار في شهر رمضان… ووحده الخالق سبحانه وتعالى يعلم ما قد يقدمون عليه من حماقات إضافية في المستقبل بسبب الجهل واللاوعي.
● لائحة المصادر والمراجع :
1. عبير شوقي ذكي جرجس، العلاقة بين الدين والسياسة في أفريقيا، المكتب العربي للمعارف – القاهرة (2015)
2. نهى عبدالله السدمي، الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وجنوب شرق أسيا، مكتبة مدبولي – القاهرة (2014)
3. المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات – الشرق الأوسط، محاولة لفهم التوجه الإسلامي، التقرير رقم 37 حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، القاهرة (مارس 2005)
4. توفيق بن عبد العزيز السديري، الإسلام والدستور، وكالة المطبوعات والبحث العلمي وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد – الرياض (2004)
5. محمد شاكر الشريف، تحطيم الصنم العلماني : جولة جديدة في معركة النظام السياسي الإسلامي، دار البيارق – بيروت (2000)
6. Wendy Kristianasen, “Coran, politique et société”, Le Monde diplomatique (Décembre 1996, Page 27), En ligne : https://www.monde-diplomatique.fr/1996/12/KRISTIANASEN/5939
7. Kamal Znidar, “Islamisme, terrorisme et autoritarisme… Des liens réels ou fictifs”, Editions Edilivre – Paris (2017)
(*) كمال ازنيدر : كاتب إسلامي وباحث في الأداء السياسي والمؤسساتي