كوفيد 22.20..إحراج القضاء بتوارد خواطر الزبناء
رمضان مصباح الإدريسي
لماذا عَمَّمت إسهالك؟
هو في جوهره – حسب ما سرب منه- قانون لتوارد الخواطر؛بمعنى أن يتحدث أحدهم، رقميا ، عن إسهال أصابه جراء “كاشير ” معلوم تناوله ،فيوافقه الرأي ،عن تجربة، عشرات أو حتى مئات و آلاف الأصدقاء المتابعين لمنشوراته.
وبمعنى أدق أن تتوارد خواطرنا ،دون أدنى ترتيب مسبق،فنتحدث عن جائحة تجارية ما –مثلا- في وقت واحد؛كما الأمر في أسواق البوادي ،والمراكز التجارية الكبرى و “الجوطيات” .
وكما الجاري به العمل في حمامات النساء ،التي تشتغل كوكالات للأنباء.
وكما نتحدث اليوم ،حتى في أحلامنا عن الوباء؛وبالمناسبة فقد رأيتني الليلة في المنام وأنا أوزع الكمامات على الناس؛فسَّرت هذا بكوني بحثت عنها منذ أيام في الصيدليات بدون طائل؛وقد أضحكني أحد الصيادلة بقوله:يا أستاذ هي تباع في التلفزيون فقط.
هكذا يدردش الناس عفويا،مازحين أحيانا ومنفسين عن غيظهم ، ومتطهرين، أحيانا أخرى .
هذا كاف لتكييف هذه الدردشة الاسهالية – الخلائية– على أنها من مشمولات “كوفيد22.20” ، التي يجب أن تنشط لها همم قضائنا الموقر؛وكأنه أجرى جميع التحليلات لجميع البؤر/الملفات القضائية ومخالطيها ومن خالطهم ،إلى يوم القبض على الجميع؛ولم يعد له ما يشغله غير ذرات الأوكسجين الرقمي ،يلاحقها أنى لاحت وكيفما تبدت .
لماذا عممتَ إسهالك يا هذا ،حتى زكمت الأنوف؟ وما سر هذه “الكاشيرية” التي تخذل بها على نواياك؟ وهل ستتحدث غدا عن دود التمر أم ناموس الزيتون؟
وتتناسل الأسئلة والإجابات والاتهامات ،بإسهال شديد،في أركاح التحقيق ،القضاء والدفاع.
ولكم أن تتخيلوا كم سيهدر من زمن قانوني،وكم ستلد الدردشة الواحدة من مخالطين ؛يواجهون ،حتى دون تحقيق، تهمة الدخول إلى الفضاءات الرقمية بدون كمامات.
حيثما يوجد الأوكسجين توجد كوفيد ،سواء كانت بنت 19 القاتلة،أو 22.20 السجانة ؛ فكمموا ولا تعمموا.
طبعا وكما دخل السجن من خرق الحجر الصحي ،ومن لم يكمم ؛سيدخله من خرق الحجر الرقمي ولم يكمم ؛وقال في الكاشير ما لم يقله مالك في الخمر. وستدخل بموجب هذه الجائحة القانونية – وهي ليست من روح القوانين ،بل من حوافرها – أسر كاملة ،لشيوع حديث الإسهال أسريا أولا.
ليمت الاقتصاد ويحيا الوطن:
إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ،كما يقرر الأصوليون؛ولهذا أنا لا أهتم بالحديث عن أسباب نزول هذا المشروع “القانوني” في هذا الوقت بالضبط ،حيث الجميع – ملكا وحكومة وشعبا –في “حَرْكةٍ” واحدة ،امتشقت روح وادي المخازن ،لتغرق هذا الذي عبر إلينا في كيد عابر. (لا داعي لاتهام الذئب بدم يوسف مرة أخرى).
كيف يرسخ البعض المقاطعة السابقة سببا للنزول ،وأرجاء الوطن لا تزال تردد المقولة الملكية: حياة المغاربة أعز ما يطلب اليوم؛ليمت الاقتصاد ويحيا الوطن؟
وهل يخفى أن شرط الحياة السياسية الحزبية البناءة، هو وجود الأوكسجين السياسي النقي؟ وهل ينكر أحد أن هذا الشرط انتفى اليوم ،ولم تعد يقظى في الأحزاب غير التنمرات الانتخابية ،التي تعبر فوق الجماجم إلى الكراسي؟
وهل ينكر أحد اليوم أن أغلب المواطنين لم تعد تتوزعهم غير ملايير “الجِغبايت” من الأوكسجين الرقمي ،يتنفسون فيها بملء رئاتهم ،وبدون كمامات ،وهم آمنون؟
وهل من ضحى بالاقتصاد من أجل الحياة ،يعود لينكرها على المواطنين ،أو يتحرش بها ،وهي تتحقق رقميا بعد أن طحنتها الجائحة السياسية التي أصابت الأحزاب؟
لا لا من فضلكم ،اصرفوا النظر عن نازلة المقاطعة ” الحليبية” مصدرا لهذا التشريع الأخرق،الذي يحرج القضاء قبل الزبناء المثرثرين حتى بإسهالهم. أقول هذا وأنا في حل من جميع الأحزاب منذ سنوات؛لا أنا في عيرها ولا في نفيرها.
يمموا شطر السيد رئيس الحكومة وقبيله من الوزراء ؛فهو من يتحمل المسؤولية دستوريا ،وان لم يعمل أو يتكلم.
لم يعد هناك عاقل يقبل بوجود قرارات عليا تبكِّت الحكومة ؛وقد سبق لجلالة الملك أن رخص في الاستقالة لمن يرى نفسه مرغما على ما لا يقبله من قرارات. هل رأيتم أحدا يستقيل ؟
إن الحكومة الحالية ،وهي إسلامية قيادة، مسؤولة ،أمام الملك والمواطنين،عن هذا التشريع لتوارد الخواطر؛ وقضاء النوايا.
يحصل هذا منها – وفقها – وهي تقرأ قوله تعالى ؛أو على الأقل يفترض فيها هذا:
” لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ” البقرة:284.
وتقرأ ،طبعا،عن حجم الذهول الذي خيم على الناس – كما اليوم بالنسبة لنا ،ازاء كوفيد 22.20 – وهم يرون أنفسهم معذبين ،سواء صمتوا أو ثرثروا؛ ولم ترتفع الحيرة إلا بعد أن نزل قوله تعالى:” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا” البقرة:286.
إن شرعتِ يا حكومة لتوارد الخواطر ،والنوايا ،وإفساد الأوكسجين الرقمي ؛فما أسرع ما سيقع أفرادك أنفسهم تحت طائلة تشريعك؛إذ ما من وزير إلا وله صولات رقمية “أوكسجينية”،كثيرا ما يخلط فيها بين العام والخاص.
وما من وزير إلا ويخوض في ما نخوض فيه جميعا ،حينما نأكل الطعام ونمشي في الأسواق؛كما فعل السيد الرباح وهو يتحدث ذات شرَه عن “الزعبول” ؛وقد صادف أن كان يومها جلالة الملك في وجدة ،وفي إحدى جولاته لا حظ بناء متوقفا – دون الصومعة- في مسجد،فم يكن منه إلا أن طلب حضور المحسن ،ومكنه من شيك ليكمل إحسانه.
يومها كان لي مقال بعنوان:”صومعة محمد السادس وزعبول الرباح”.
هكذا نمشي جميعا في الطرقات ونأكل الطعام ،ونخوض في أطرف الأحاديث بيننا ،وننشر ،دون قصد الإساءة لأحد ؛ فهل يستقيم أن تثقلوا القضاء بما نسخ حتى وحيا ،كما تظهر الآيتان؟
أما أمناء الأحزاب ،من الوزراء، فيلزمهم ،وفق هذا المنظور الحكومي، قانون آخر ،ينقلهم من منصات خطبهم التجييشية إلى سجون المملكة،بأقصى سرعة كوفيدية ؛إذ لا تسلم كلماتهم ،وهي غير مكممة ،من غمز ولمز ،وقفز وفز؛وإلا فما تعريف السياسة إن لم تكن فن الممكن في النيل من الخصم ؛وقد يتشدد الظرف حينما يكون هذا الخصم من أصحاب المصانع والشركات ،فيتأذى اقتصاديا وسياسيا.
فتل الريح لمن يريد أن يستريح:
أول الدواء الكي ،وليس آخره ؛ بدل التشريع لتغول الفساد السياسي ،الإداري،الصناعي والتجاري ؛ردعا، حتى آخر حروف الصلاح والنقاء،ليعود الناس إلى استنشاق الأوكسجين الوطني ، الطبيعي والنقي ؛ويُفضوا إلى الأحزاب إفضاء الصبيان إلى حنان الأمهات ،وكلهم ثقة؛اختارت الحكومة الإسلامية ،وفي زمن الجائحة والالتفاف حول المؤسسات ،وترقب النصر القريب ،أن تصرِّف فعلي أراح واستراح؛ وكفى الله مؤمني حزب العدالة والتنمية القتال.
طبعا استراحة متربصة،و مدفوعة الثمن في الانتخابات المقبلة (2021) ،من لحم الأحزاب التي بدت بعنفوان وهي تنشط لإنهاء عهد حكومة الإسلاميين ،التي أناخت الجمل بما حمل – قهرا – على صدر المواطنين ؛وهم يكادون لا يصدقون أنهم خدعوا بالله.
ورحم الله قائل:من خدعنا بالله انخدعنا له.
نعم هكذا يتم الخروج ،بكل توثب وتنمر،من الحجر الأخلاقي الديني ،كرأسمال سياسي ، إلى رحابة السلطة وزهو ركوب الأسد.
من هذه الناحية ،سواء سحبتم مشروع كوفيد22.20،أم لم تسحبوه ؛فقد فعل فعله وجيش الناس ضد المؤسسات والأحزاب المعروفة ؛لتتفرغوا لترتيب أوراق أخرى في غفلة ،والدولة منشغلة بالوباء ،وتدبير كل الهياج الذي يواجهُ به مشروعكم الانتخابي وليس التشريعي.
لكن السيل بلغ الزبى هذه المرة ،وتمزقت حد الركب والبطون كل جلابيبكم.
وإنكم لن تستطيعوا مع الأكسجين الرقمي صبرا؛خصوصا وقد أصبح هو الأوكسجين،بعد أن أكلتم اللحم وامتششتم العظم.