وإن عدتم عدنا(…)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وآله وصحبه أجمعين
وإن عدتم عدنا(…)
بقلم : عبد المجيد بنمسعود
كنت قد نشرت على صفحات وجدة سيتي الغراء، بتاريخ 5 رمضان 1441، الموافق ل29 أبريل، 2020، مقالا، تصديت فيه لما ورد في إحدى المقالات، نشرت بنفس الجريدة الإلكترونية، من مغالطات وتجاوزات، تحاول النيل من بعض ما هو معلوم من الدين بالضرورة، وخاصة الدعاء، حيث أنكر صاحب المقال على المغاربة خاصة، وعلى المسلمين عامة، حقهم في أن يتوجهوا لخالقهم بخالص الضراعة والدعاء، ليرفع عنهم وباء كورونا الذي طالهم منه هم وغم ونكد، ونفى بالمطلق أن يكون للدعاء أدنى نفع ولا جدوى، في الخلاص من هذه الجائحة، وأن المعول في تحقيق ذلك على ما يبذله العلماء وأصحاب المختبرات من جهود في البحث، ليس إلا. وقد رجحت أن يكون الرد مقنعا ومفحما لصاحب مقال” إلى أي مغرب سنعود ؟” لما أزعم له من تدرع بالحجاج المنطقي المسلح بشواهد الشرع والعقل، ومن دعوة صادقة لصاحب المقال، أن يلزم جانب الصواب، ويؤوب إلى الحق، إذ الحق أحق أن يتبع، كما يقر بذلك أولو النهى والألباب.
غير أن صاحب المقال، ما عتم أن عاد بعد ما يقرب من أسبوعين، لينشر مقالة أخرى، يظهر من خلال قرائنها، أنه رد على الرد الذي كان بعنوان” القول الصراح، في الرد على مقالة ” رمضان مصباح”، أو الصخر الجلمود،في الجواب على مقال” إلى أي مغرب سنعود؟. ومن الغريب أن صاحب المقال، أعاد التعبير عن مضمون موقفه السابق، مع تغيير بعض الألفاظ والتعابير، أي الموقف من الدعاء، الذي تناوله بغير قليل من السخرية والانتقاص. وإن الذي يزيد الأمر غرابة، أن بعض سياقات المقال وألفاظه، تتوخى إظهار صاحبه بمظهر من يصدر عن مذهبية الإسلام، وهو الأمر الذي استندت إليه في صياغة ردي عليه في القالب الذي بدا لي مناسبا للإطار المرجعي، وظاهر حال المقال، مستصحبا نوعا من التغافل، أو من مجاراة الاستغفال.
فالمقال الجديد، لم يأت – إذن – بجديد، على مستوى الموقف، وإن أتى بجديد على مستوى الشكل والقالب، فقد أرتأى صاحبه أن يكون رده منظوما في قالب شعري، مع تمهيد له بتقديم نثري، يتوخى به بيان ظروف النص. والحقيقة أن طريقة الرد محكوم عليها بالبطلان،لأنه ليس من المقبول أن نرد على ما جاء في صياغة نثرية، بصياغة شعرية. فكان المفروض في صاحب الرد أن يحترم هذه القاعدة، فيفكك مقالي كما فككت مقاله، ويستخرج منه ما بدا له باطلا من الأفكار والأطروحات، فيدحضها بحجج ناصعة، ويبرز لي ما يراها صوابا وتصحيحا، مثلما يبدو لي إنني فعلت بأفكاره. ولكن صاحبي لم يقم بشيء من ذلك، وبدلا منه لاذ بقصيدة شعرية عرض فيها بصاحب الرد، وشحنها بشحنة من الأوصاف القدحية، التي يبوء بها وترتد إلى وجهه، لأنها لا تنطبق على صاحب الرد الذي عزز رده بقدر كاف من الشواهد والدلائل، التي لا ينكرها إلا معاند مكابر. مما يعطينا الدليل الساطع، أن صاحب المقال، لما أعوزه أن يكون رده موضوعيا وعلميا بالطريقة التي ذكرت، وتحت أشعة الشمس، أوى إلى خيمة الشعر، طلبا للستر وحفظ ” ماء الوجه”، نظرا لما يحتمله الشعر من إمكانيات التستر تحت الكنايات والرموز والاستعارات. وإن كان ما تنطوي عليه القصيدة من لمز وشتم ظاهرا للعيان.
وأنا لازلت أطالب خصمي بأن يكون منصفا ويعود إلى الموضوعية، ويعيد قراءة ردي عليه والنظر فيه بهدوء وروية، ويهدي لي أخطائي، فإن أقنعني، فسأذعن خاضعا للحق، وأشكره على صنيعه الجميل، ولسان حالي ومقالي:” وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ” ( سبأ:24).
أما وقد وقع ونزل، فلا مفر من التعامل مع ما وقع ونزل، فأقف مليا مع رد صاحب الرد على الرد، بشقيه: مقدمته النثرية، ومتنه الشعري، لأستخرج ما انطوى عليه من الضغائن والأحقاد، والشتائم والسباب، فضلا عما استبطنه من شاردات الأفكار، وسادرات الضلالات التي يفقهها أولو النهى والألباب، ثم أضع ذلك في الميزان، مفسرا منطلقاته ودوافعه، ثم أختم بقصيدة شعرية، تواجه شعره ببعض الحقائق والمعاني، التي تنبع من نفس المشكاة ، وتعبر عن نفس المرجعية والأصول، مرجعية الإسلام الخالدة وأصوله الثابتة.
تحليل المقال ومناقشته:
أولا: المقدمة النثرية:
يقول صاحب المقال في بداية مقدمته:” في غمرة اليقظة الوطنية ،في مواجهة « كوفيد19 » ،طلعت علينا أصوات نشاز – من تلك التي همها تكسير الحجر الصحي ،والنيل المغرض من التفاف المواطنين حول قرارات الدولة المصيرية – تجاهر باعتبار الجائحة جندا من جنود الله ،سلطها الله على العباد بعد استشراء المعاصي؛ولا علاج لها أقوى من الدعاء والاستغفار ،وانتظار الخلاص منه”
فهو يحلو له أن يلقي الكلام على عواهنه، ولا يتورع عن اللمز، فضلا عن إلقاء التهم الباطلة، التي ليس لها من أساس إلا الهوى والافتئات، إذ إنه يعتبر من يربطون بين الجائحة وبين المعاصي، مقترفين لمخالفة كبرى، هي تكسير الحجر الصحي، والخروج عما سماه التفافا للمواطنين حول قرارات الدولة المصيرية، وينكر أن يكون فيروس كورونا وجحافله الضاربة العاتية من جند الله التي يسلطها على العصاة من العباد، وينكر أن يكون علاجها كامنا في” الدعاء والاستغفار، وطلب الخلاص منه”
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو من أين استقى الكاتب ما رتبه من علاقة سببية بين موقف ورؤية من يربطون بين الجائحة والمعصية، وبين فعل “تكسير الحجر الصحي، والنيل من التفاف المواطنين حول قرارات الدولة المصيرية”؟
إن الصواب من منظور من يربطون بين الجائحة والمعاصي، يتمثل في أن ربطهم هذا، يعد إسهاما وازنا في التخلص من قبضة الجائحة التي تمسك بخناق الناس، على اعتبار أن ذلك الربط يمثل دافعا للتوبة من المعاصي والذنوب، والرجوع إلى الإنابة والطاعة، مما يضمن فتح باب الفرج من الله عز وجل، الذي يفرح بتوبة عباده. وإن عكس هذا المنظور، والذي يؤمن به صاحب المقال، وهو المنظور الذي يرى أن لا دخل أبدا للمعاصي في الجائحة، هو الذي يساهم، ليس في كسر الحجر الصحي فقط، وإنما في تحطيمه وإلغاء مفعوله، لأن الحجر الحقيقي، ليس الانحجار وكتم الأنفاس في المنازل فقط، مع نية الاستمرار في المعاصي، أو مع الاستمرار في مقارفتها وإتيانها، وإنما هو – في منظور من يربطون بين المعاصي ونزول الجائحة – الجمع بين الانحجار في البيوت، وبين الفزع إلى التوبة والإنابة، طلبا لرحمة الله عز وجل وغفرانه، وتطهيره وإحسانه، أي الجمع بين الحجر المادي والحجر الروحي. وإن أي نكران لضرورة هذا الجمع، ولصواب الربط بين المعاصي والجائحة، ليعتبر اقترافا من هؤلاء القوم – من حيث يشعرون أو لا يشعرون – لجرم عظيم، لأنهم يساهمون بشكل قبيح وماكر، في تزييف الوعي لدى الناس، وفي التشويش على علاقتهم السليمة بالله عز وجل، وما يؤطرها من علاقة عقدية محكمة. والنتيجة الطبيعية والمنطقية لهذا التحليل، هي أن التوجه بالدعاء، لمن يملك أمر هذا الكون وهذا الإنسان، هو مفتاح الخروج من هذه الضائقة، ومن كل ضائقة، وأن ذلك التوجه لا يتنافى أو يتعارض مطلقا مع الأخذ بالأسباب المتمثلة في استفراغ الوسع في عملية البحث عن التلاقيح والأدوية والأمصال،والتي هي مأمور بها شرعا وعقلا، مع الاعتقاد أن الذي ييسر ذلك ويعين عليه، هو منزل الداء، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، وأن بيده سبحانه وتعالى الشفاء، فهو الشافي وهو المعافي. فأي الفريقين- إذن – يبوء بتهمة كسر الحجر والخروج عن التفاف الوطن والمواطنين، في تصديهم لجائحة كورونا، من أجل العودة الآمنة إلى فضاء الحياة وصناعة العمران؟
ثم يقول الكاتب في الفقرة الثانية والأخيرة من مقدمته النثرية ما يلي:” فاضت أحزاني قبل أشعاري ،وأنا أستغرب أن يظل مثل هذا الكلام ملازما لتضاريسنا العقلية ،نفسر به ،عبر القرون،على غرار أسلافنا المعذورين،كل ما يصيبنا في هذا الكون ؛الذي لا تُفسر حضاراتنا فيه – علما واعمارا وتسخيرا -إلا بكونه لم يُخلق ليسالمنا ؛ولم نُخلق لنستسلم لشدائده ومكارهه”
أن تفيض أحزان المرء استشعارا لهموم حقيقية تصيب قومه ووطنه، هذا مما يحمد لصاحبه، فهو دليل إخلاص لهما، وحمل صادق لهمهما، وإيمان بقضيتهما ومصيرهما، أما أن تفيض هذه الأحزان، على قضية زائفة مختلقة، وباطلة ملفقة، فهذا تمحل وبهتان.
لقد أحزن الكاتب ما اطلع عليه من كلام يرفع من شأن الدعاء، وينبه على أهميته وخطورته في حياة المسلمين وعلاقتهم مع الله عز وجل الذي يتوجه إليه بالدعاء.
فهل هذا أمر يورث الحزن؟ اللهم لا، إلا أن نكون أمام رؤية مختلة للأشياء، وانقلاب في الموازين، وهذا من أعظم الأرزاء.
ولا يتورع الكاتب – في سياق نعيه على من يربط بين المعاصي ونزول الوباء، والتذرع لرفع هذا الأخير بالدعاء- عن لمز الأسلاف، لكونهم يعتقدون في ذلك الارتباط، وما ينبغي أن يترتب عنه من ضرورة الأخذ بعبادة الدعاء، فيعتبرهم معذورين، أي إنه يعتبرهم متخلفين عما ينبغي في نظره من الالتصاق بما هو مادي من الأسباب، مع ترك الاعتقاد بمسبب الأسباب.
ويضيف الكاتب – في سياق دفاعه عن رؤيته المادية التي تتنافى مع الإيمان بالغيب- قائلا: ” لا تُفسر حضاراتنا فيه( أي الكون) – علما واعمارا وتسخيرا -إلا بكونه لم يُخلق ليسالمنا ؛ولم نُخلق لنستسلم لشدائده ومكارهه”
إنه يعكس في كلامه هذا، ما امتصه ذهنه من مفردات التصور المادي التاريخي الذي يقضي بأن العلاقة بين الإنسان والكون، أو الطبيعة، هي علاقة صراع محتدم عنيف، فهذا الكون:” لم يُخلق ليسالمنا ؛ولم نُخلق لنستسلم لشدائده ومكارهه” وإنما ليصارعنا ونصارعه، وهذا التصور، كما أشرت، تصور مادي محض، يأباه الإسلام الذي يؤكد في تصوره الواسع العميق، أن العلاقة بين الإنسان والكون هي علاقة تسخير، وإلا لما استطاع الإنسان أن يحقق قيد أنملة في سياق استكشافه لمخزون هذا الكون، واستثمار ثرواته ومواده، واستخلاص بع قوانينه وسننه، ولظل هذا الكون يتأبى على التطويع. فالكون بموجب هذا التصور الإسلامي البديع، يسالم من يسالمه، ويقارع من يقارعه. ومن خلال هذا التصور الصحيح، نستطيع أن نفسر ونفهم أن الدمار الذي أصاب العالم، وأن الويلات التي حاقت بالإنسانية في العصر الحديث والمعاصر، إنما وقعت بسبب هذه النظرة الصدامية للعلاقة بين إنسان مسلح بنظرة مادية صرفة، وبين كون لا يتردد- بإذن من رب الكون – من التعبير عن غضبه ومناكفته لإنسان ركب رأسه وتخلى عن آدميته وشرف عبديته لمن خلقه من تراب، وقلده أمانة الاستخلاف، وعمارة الأرض وفق منهجه وهداه. ففي هذا السياق التصوري، وضمن سياق ما جرى ويجري في الكون من فساد، ينبغي أن نفهم ما نزل بنا من بلاء كورونا، وفي ضوء ذلك التصور، ينبغي أن نتعامل معه، بحثا عن الحل والخلاص.
يقول الله سبحانه وتعالى:” وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ” ( الجاثية: 13)، ويقول سبحانه:” وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ( سورة إبراهيم 33، 34).
ثانيا: النص الشعري: إن أول ما يسترعي انتباه الناظر في القصيدة فقدانها للصدق، وفقدانها للانسيابية، وهو نتاج الفقدان الأول، ومن ثمة وقوعها في تكلف وتمحل ظاهرين للعيان. هذا منجهة، ومن جهة أخرى، فإن قاموسها يشكو من فقدان للحس اللغوي الدقيق، يبدو جليا من تناقض وتشاكس الألفاظ المستعملة، وبين ما يراد إيصاله عبرها من معاني ودلالات. كما أن القصيدة تقوم على البهتان والافتئات، في حق من وجهت إليه، على اعتبار أن الدافع إليها( أي القصيدة) هو ردعلمي ومناقشة موضوعية للمقال المردود عليه، ( مقال:إلى أي مغرب سنعود؟)، معززة بالحجج الدامغة والبراهين الساطعة. فالقصيدة تقوم جملة وتفصيلا على المكابرة والتعصب والعناد، ونكران الحق، ومن ثم فهي ساقطة لفظا ومعنى، وتفتقد إلى أي مقوم من مقومات الصدق والجمال، لأن موضوعها باطل، وتعبيرها متكلف حائل، وعن الحق مائل.
يقول الكاتب في مطلع قصيدته:
فراغاتُ العقل جَذبٌ لأهْواءٍ
كما رامَت خِربةًً بوم ٌ و غربانٌ
ومِعمارٌ للجَهالاتِ إذْ تُعلِي
صُروحا في جوفِها منهَ شُطآنٌ
وكِبرٌ من نسلِ جهلٍ له رَكْزٌ
شِنانٌ إذ قَعْقَعتْ للنُّوقِ رُعْيانٌ
ورعْدٌ من أكذبِ الرعد والبَرقِ
فلا أرضٌ ترتوي وهْوَ ضَمآنٌ
فهو يتهم صاحب مقال:” الصخر الجلمود في الجواب على سؤال:” إلى أي مغرب سنعود”، بالفراغ العقلي الذي يستدعي ملأه بالأهواء، وشبه ذلك الفراغ بالخربة التي يرومها البوم والغربان، وهذا الوصف، ما دام أنه لا ينطبق على صاحب الرد، لأنه قائم على الحجة والبرهان، ويتضافر في بنائه الشرع والعرفان، فإنه يرتد إلى مرسله الذي يبوء به عن جدارة واستحقاق، لأن كلا من مقاله الأول الذي أثر الزوبعة، ومقاله الثاني الذي حاول أن يرد به الاعتبار لنفسه، كلاهما يشكو الفقر العلمي والأدبي، ويفتقد إلى أدنى المقومات التي تشترط في المقال العلمي الرصين، أو الأدبي الجميل.
ومما يبرهن على التشاكس القائم بين الألفاظ والمعاني في هذا المتن الشعري الهزيل، جعله للجهالات معمارا وصروحا، وهو ما يشي بضعف الحس اللغوي عند صاحب النص، أو ما يسميه اللغويون بالسليقة اللغوية. ومما يبرهن على افتقار النص إلى الصدق،وعلى سقوطه في الكذب، وصفه صاحب المقال الذي يعرض به بالكبر، وأن هذا الكبر من نسل الجهل، وهذا كذب وهراء، لأن صاحب المقال المعقب عليه، بنى مقاله ورده على حقائق الدين والعلم، ومعطيات الواقع الإنساني المنكوب بفساد الأخلاق، وانحراف السلوك، فلا مجال لانطباق صفة الكبر عليه، ومن ثم فإنها ترتد، أيضا،إلى نحر من تولى كبر إطلاق الكلام على عواهنه.
وبعد أن ينعت ” الشاعر” صاحب الرد بفراغ العقل وبالكبر، مما لا يستقيم مع واقع الحال، ينتقل إلى وصف مضمون المقال:” الصخر الجلمود”، فينعته بقعقعة الشنان، ويتفضل بشرحها للقراء في الهامش بأنها( قربة جافة يضرب عليها للإبل حتى تسرع)، كما ينعته أيضا بأنه رعد من أكذب الرعد والبرق. وكما جانب ” الشاعر” الحق فيما أسنده لصاحب الرد من نعوت، جانبه في وصف مقاله. فصاحب الرد لم يقعقع شنانا أو قربا جافة في مقاله، وإنما ردد حداء عذبا رخيما وذا سمو وجمال، قوامه آيات بينات من كتاب الله العزيز، وغرر من حديث الرسول العدنان، سيد الفصحاء والبلغاء، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، وحجج عقلية، وشواهد حية جلية، من التاريخ والواقع.
قلت، إن صاحب الرد ردد حداء عذبا مستساغا يسرع به كل من رام الحق ونشد الحقيقة إلى بلوغ مبتغاه.
أما الرعد الذي وصف به” الشاعر” صوت المقال- الرد، فلا أراه كاذبا، كما صوره في قصيدته، كما لا أرى البرق خلبا.
أما وقد أفلتت من لسانه كلمتا الرعد والبرق، وصفا لخطاب المقال ولهجته، فإنني لا أشك في أن ذلك يشكل اعترافا لا شعوريا بقوة الرد الذي جلجل في ذهنه كهزيم الرعد، وهز كيانه هزا، وهده هدا، كما لا أشك في أن غيثا نافعا – بإذن الله – لا بد أن يعقب ذلك الهزيم، يرتوي به كل محب للحق، ويغص ويشرق في لجته، كل شانئ للحق كاره لأهله.
ثم يتابع همزه ولمزه في المقطع الثاني فيقول:
لهُ نَكْسٌ إذ تنادتْ لآراءٍ
عقولٌ من سَمْتها بحثٌ وبُرهانٌ
له نكْصٌ إذْ تصَدّْتْ لأدْواءٍ
فطاحيلٌ ما لها هَزلٌ وخِذلانٌ
إنه يصف خصمه بالتراجع إذا نادت آراء العقول الموسومة بالبحث والبرهان، وهذا أيضا كذب وهراء، لأن صاحب الرد تحرى في رده كل سبيل للاحتجاج والبرهان، في سعيه إلى إبطال الأفكار السقيمة، والآراء غير السليمة.
أما اتهام الكاتب لخصمه بالنكوص عن التصدي للأدواء، فهذا قول لا معنى له، لأن الشاعر يتساوى مع صاحب الرد في أن كلا منهما بعيد عن مجال الطب والصيدلة والبحث المخبري، أو ما شاكل ذلك من التخصصات التي تؤهل أصحابها للبحث عن ما به يرجى درء الأدواء. فلا مجال – إذن – في هذا المقام، لأي تيه أو فخر، ولكن مع تسجيل تفوق وامتياز محسوب لصاحب الرد، في مادة الدعاء، الذي يعتقد في نفعه، وضرورة تعاطيه واللجوء إليه، باعتباره فعلا تعبديا بامتياز، يفتقد المسلم لمعنى العبودية في كماله، في ظل غيابه، بدليل قوله تعالى:” قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ۖ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا” ( الفرقان:77).
ثم يقول صاحب قصيدة:” متى تقرأ ما سما به القرآن”
أخا نقْلٍ مِن مُتونٍ لأسْلافٍ
فما إرْثُك إذْ تُواريكَ أزْمانٌ؟
أخا شُربٍ من عُيونٍ لأغْيارٍ
متى تحْفِرْ بئرَ ماءٍ بها أشْطانٌ؟
متى تعْقِلْ غيرَ داعٍ ولا باغٍ؟
متى تَقرأ ما سَما به الفُرقانُ؟
فهو في هذا المقطع من منظومته المشحونة بالشتيمة والسباب، يعير( بتشديد الياء المكسورة)، خصمه بأنه ينقل من متون الأسلاف، أي من كتبهم وأسفارهم التي تضم في بطونها وبين ثناياها علومهم ومعارفهم التي أودعوها ثمرات عقولهم، وخلاصات مواهبهم. ويعقب هذا الوصف – الذي يقصد به الذم، وهو في حقيقته مدح وثناء، إذ ما الذي يشين المرء إذا نهل من تراث أسلافه، واجتنى من شهدهم الحلو، وارتشف من معينهم العذب القراح؟ – بسؤاله عن الإرث الذي سيخلفه وراءه، عندما سيموت، ويفارق هذه الدنيا، ويصبح في ذمة التاريخ.
فهل الذي ينقل من تراث الأسلاف، ما استطاع من ثمراته، مستثمرا له في خضم الحياة، في إطار من التفاعل المنتج الخلاق، ومنتفعا بدرره وجواهره، يفارق هذه الدنيا خاوي الوفاض، ودون إرث يذكر؟
أليس ما ينقله من تلك المتون، بنية هضمه وتمثله، يمثل في حد ذاته إرثا نافعا لذلك الذي تواريه الأزمان؟ فما بالك إذا ما تيسرت له أسباب الإفادة مما جاد به العصر من فنون، أو مما خلفه غير الأسلاف من معارف وحكم، فيتكون له من ذلك تركيب صالح عل أساس إخضاعه لمصفاة رؤية الإسلام للكون والحياة والإنسان، أي ما يطلق عليه بالمصطلح المعاصر: فلسفة الحياة.
ثم يطرح ” الشاعر” سؤالا آخر على صاحب التعقيب فيقول:
أخا نقْلٍ مِن مُتونٍ لأسْلافٍ
فما إرْثُك إذْ تُواريكَ أزْمانٌ؟
أخا شُربٍ من عُيونٍ لأغْيارٍ
متى تحْفِرْ بئرَ ماءٍ بها أشْطانٌ؟
متى تعْقِلْ غيرَ داعٍ ولا باغٍ؟
متى تَقرأ ما سَما به الفُرقانُ؟
أما الشرب من عيون الأغيار، فلا يستقيم التعبير به إذا كان المقصود به ثقافة الآخرين، لأنه يعتبر منقبة تحسب للخصم، إذ إن الجمع بين النقل من الأسلاف، والشرب من عيون الأغيار، شريطة تصفيتها من الشوائب والكدورات، أمر إيجابي مطلوب. فسياق المقطع في هذا الموضع يعتريه تشوش واضطراب، ويلفه الغموض.
غير أن ما يثير الاستغراب أكثر، هو السؤال الذي يحمله البيت الأخير من هذا المقطع الذي نحن بصدد تحليله:
فهو يقول:
متى تعْقِلْ غيرَ داعٍ ولا باغٍ؟
متى تَقرأ ما سَما به الفُرقانُ؟
أما البغي، فصاحب الرد الصراح بريء منه براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، فهو لم يرم برده إلا إصلاحا وتقويما، ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
وأما الدعاء، فحوله ندندن، وحوله قامت هذه المعركة التي نخوضها، شبرا شبرا وذراعا بذراع، أفليس هذا من مقومات العقل، ومخايل النجابة؟
ثم يختم هذا المقطع بسؤاله:” متى تَقرأ ما سَما به الفُرقانُ؟
وأقول مجيبا على سؤاله: لولا استلهام الفرقان، رؤية ومنهجا ومبادئ وأحكاما، ما استطعت أن أفرق بين الحق والباطل في هذه المناقشة، وفي هذا الحوار الذي دارت رحاه بيني وبينك في هذه الأيام، التي يظلنا فيها خير الشهور ، شهر الصيام، وتستمر سحابة كورونا في اكتنافنا. وإني لأتقرب إلى الله عز وجل، رب رمضان، ورب كورونا، ورب الخلائق جميعا، أن يرفع عنا البلاء والوباء، ويجعلنا من الأتقياء.
ثم يختم الكاتب قصيدته بمقطع يقول فيه:
وُلدنا أحرا رَ عقلٍ وإيمانٍ
بلا قهرٍ هكذا قضَى الدَّيَّانُ
خُلقنا للزَّهرِ منْ كلِّ ألوانٍ
ترى شوكا؟ انّهُ غِلٌّ وأضْغانٌ
ترى كهْفا لا سهولا بها زرعٌ
فذا من فِكرٍ بِلبٍّ جُلُّه وسْنانٌ
ترى جُندا في وباءٍ فلا نامَتْ
عيونٌ تُزري بِمن اسمُه المنَّان
ورحمانُ لاَ يُجافِي لهُ خَلقا
وانْ من خَلقهِ ذِئابٌ وثُعبانٌ
فبعد أن يشير إلى الحالة التي ولدنا عليها، وهي حالة كوننا أحرارا عقلا وإيمانا، بفضل الواحد الديان، سبحانه وتعالى، يعبر عن رهافة في الحس الشعري، فيقول في الشطر الأول:
خُلقنا للزَّهرِ منْ كلِّ ألوانٍ،
ثم ينحي باللائمة في الشطر الثاني من البيت، على مخاطبه، فيقول:
ترى شوكا؟ انّهُ غِلٌّ وأضْغانٌ
ترى كهْفا لا سهولا بها زرعٌ
فذا من فِكرٍ بِلبٍّ جُلُّه وسْنانٌ
وفي هذا المقام أقول: نعم، لقد خلقنا للزهر من كل ألوان، ونبقى على هذا الوضع ما استقمنا على الفطرة، التي تعبر عن نفسها من خلال الانسجام مع مراد الله في خلقه وكونه، وإذ ذاك تكون عقولنا مهيأة لإنتاج عسل فيه شفاء للناس، لما يحتويه في تكوينه من مقومات الخير، وعناصر الشفاء.
أما إذا حدنا عن قانون الفطرة، وجفينا مكارم الأخلاق، وخرجنا عن مسار عبوديتنا لله الواحد الأحد، فإننا نكون مرشحين للفسوق والعصيان، فنجنح عن فصيلة النحل، ونصطف، منكوبين مدحورين، في صف الذباب.
أما عن رؤية الشوك وجعله عنوانا على الغل والأضغان، فهذا غير مسلم لصاحب النص أيضا، لأن رؤية الأشواك، ضمن سياقات معينة، من قبل من هم مزودون بحاسة دقيقة وصافية – تعتبر علامة رشد، وجلاء بصر، ونفاذ بصيرة، لأن الغفلة عن رؤية الأشواك في الحقول، يسمح لها بالتكاثر والهيجان، والتهام النباتات النافعة، أو مضايقتها وخنق أنفاسها في أحسن الأحوال.
أما عن أمر الكهف المذكور في البيت الثاني عشر، فمن الراجح، بل الأكيد، أنه تعريض بعنوان مقالي الذي نشرته في جريدة وجدة سيتي الإلكترونية، تحت عنوان:” كهف كورونا”، أشبه فيه وضعية الدخول في الحجر الصحي، بوضعية الدخول إلى الكهف، لوجود بعض القواسم المشتركة، مع ما يكتسيه الكهف في ثقافتنا الإسلامية من دلالات رمزية عميقة، تستمد جوهرها من القرآن الكريم، ومن التاريخ، ومن الوجود الحضاري الإنساني. وقد دعوت في ذلك المقال إلى مرحلة الحجر لأخذ العبر، وتحقيق قدر نافع من التطهير، تتجدد به الحياة بعد الخروج من الحجر بإذن الله.والذي يقرأ المقال، يدرك تلك الحقائق.
وفي البيتين الأخيرين من القصيدة: (13و 14)، يأخذ صاحب النص على صاحب الرد كونه يرى في وباء كورونا جندا من جنود الله عز وجل، ويعتبر ذلك إساءة لاسم الله المنان، الرحمن، « الذي لا يجافي له خلقا” على حد قوله.
ونحن نسأل هذا الذي ينكر أن تكون كورونا جندا من جنود الله، فمن تكون إذن ؟ ومن يتحكم فيها،أمرا ونهيا، شأنها شأن جميع المخلوقات في هذا الكون، دقت أم جلت؟ إنه اختلال فظيع، هل هي ترتع في هذا الكون بدون حسيب ولا رقيب؟ إنها الصدفة العمياء إذن، إن هذا لهو عين الخبال.
وهنا لا بد أن أكشف عن حقيقة لا يمكن أن تخفى عن كل ذي لب فطن، مفادها أن في حياتنا وبين ظهرانينا، تعيش طائفة من بني جلدتنا، يتأرجح أمرها بين وضعين أحلاهما مر،كما يقال، فإما أنها تجافي دين الله وتبيت لأهله الشر والسوء، وتحاول أن تستر حقيقتها وراء خطاب، تعلق عليه بعض اللافتات، التي يقصد منها التمويه، والإيحاء لمن يعايشونهم أنهم منهم وإليهم. وإما أنهم خضعوا في تكوينهم الفكري والثقافي والتربوي، لعملية تهجين وتدجين مأساوية، حرفت فهمهم للدين، وشوهت مفاهيمه في عقولهم، فهم على فهم سقيم، ومواقف تتسم بالشذوذ والنشوز، عما عليه جمهور المسلمين، وعما عليه التصور الحق للإسلام ورسالته العامة السمحاء.
وإن هذا الوضع ليشكل معضلة حقيقية تحدث شرخا مهولا في صميم البناء الاجتماعي لمجتمع المسلمين، في وضعهم الراهن.
إن من مقتضى خاصية الشمول في منهج الإسلام، في هذه المسألة التي نحن بصدد مناقشتها، والمتعلقة بأسماء الله الحسنى، أن نفهمها ونتعامل معها في شمولها،حتى نتجنب السقوط في معصية الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه الآخر، وهو ما يحذر منه الله عز وجل في كتابه الكريم بقوله:” أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” ( البقرة: 85).
واستمع وأنصت وتدبر هذا النص القرآني الكريم، لعل الغشاوة تنقشع من قلبك وعقلك:
لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ (11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَىٰ مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ(14) فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15) وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18) وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21) لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)( الأنبياء)
وأختم هذه القراءة بالوقوف عند الشطر الأخير من البيت الأخير في القصيدة: “وانْ من خَلقهِ ذِئابٌ وثُعبانٌ”
وأقول لصاحب “القصيدة”: إن الذي يتحصن بمنهج الإسلام، ويتحلى بمنظومته القيمية السامية، ويعتز بذلك، يستحيل أن ينتمي،لا إلى فصيلة الذئاب، ولا إلى فصيلة الثعابين، وجدير به أن ينتمي بجدارة إلى فصيلة الأسود، بالمعنى المجازي للأسود طبعا، هذه الأسود التي لا تعدم فرائسها في غابة الحياة المعاصرة التي تتنوع فيها الوحوش والهوام، والتي منها إلى جانب الذئاب والثعابين، ثعالب وضباع وحرباءات.
وقد ارتأيت أن أختم هذا الرد بقصيدة أهديها لصاحب الموضوع،عسى أن تستجيش وجدانه، وتستثير أشجانه.
عنوان القصيدة: صنيعك بائس لدن
صنيعك بائس لدن
وصوتك يائس خشن
وحلمك خاسئ نعقت
به الغربان والفتن
حسبت الدين منقصة
وفي أسواره وهن
ورحت تعيد مهزلة
بها الظلماء تقترن
وقلت دعاؤكم خور
وضعف ما له شطن
وقلت هلموا هلموا بنا
لباستور به سنن
لأمصال وأدوية
بها الأدواء ترتهن
ولذت بمحض حذلقة
يزينها لكم وثن
يرى التنوير في نظر
وعقل ما له رسن
أليس الدين قال لنا
تفكركم به قنن؟
فسيروا واقتفوا أثرا
لمن أعمالهم وزنوا
فعن يمناهم خبر
وعن يسراهم سنن
مضوا يرسون معلمة
فما هانوا وما حزنوا
وما باعوا ديانتهم
لذي لؤم وما فتنوا
وما شذوا وما نكصوا
عن المثلى وما وهنوا
وما حادوا عن الوثقى
فهم بالله قد يقنوا
وبالأخلاق قد شادوا
صروحا سمتها حسن
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات