الدّمْسِيري، سَائِـقُ بُوبْ مَارْلي وضيَاعي في واحة “تُـودْغَـى”
بقلم: إدريس الواغـيش
كنت أعرف أن الجنوب قَصِيٌّ وعزيزٌ عليّ وإن كانت الطريق إليه مُتعبة وطويلة، والرّجوع إليه سيكون أكثر شقاء وصعوبة، من أجل ذلك عملت على أن أزور ما أمكنني من مُدنه ومناطق فيه قبل الرّجوع إلى قواعدي في الشمال. وحين طلب مني أحد أصدقاء الدراسة ذات جلسة بمقهى في مكناس أن أزورَه في “تنجداد” قرب الرّاشيدية في الصحراء، حيث كان يقوم بمهام إدارية، لم أتردّد في قبول الطلب، وعدته أن أفعل، لكن تركنا تفعيل الزيارة إلى الظروف والمُمكن. كنت يومها في سنتي الثالثة والأخيرة من التدريس بتارودانت جنوب المغرب سنة 1984م.
في رحلتي عبر الحافلة بين تارودانت وورزازات كانت الطريق صعبة، شاءت الظروف أن تصاب الحافلة بعطب تقني غير بعيد عن “تالوين” حيث بدأت الأرض تنبسط أمامنا قليلا، عطب استغله الركاب لأخذ بعض الأنفاس قريبا أو بعيدا قليلا من الحافلة. حينها بدأ مُساعد السائق يصيح مهدّدا باللغة الأمازيغية “السُّوسِيَة” بما مفاده أنه سيترك كل من سيتخلف عن الرّكب ويترجّى الجميع: “لا تبتعدوا كثيرا، سنقلع قريبا”. نزلنا من الحافلة في أرض جرداء لا نبات فيها إلا من صخور مُسنّنة وبياض يكسو قمَم الأطلس الكبير، يتراءى لنا من بعيد. كانت فرصة بالنسبة لي أن ألتقي مع بعض السياح القاصدين إلى مدينة ورزازات، رغم أنّنا كنا نستقل نفس الحافلة، ولأنني كنت الوحيد الذي يتقن إلى حدود ما اللغة الإنجليزية في تلك السفرية، كان السياح، كما هي عادتهم دائما، يسألوني عن كل صغيرة وكبيرة، مثل سرّ البياض الذي يتراءى لنا كالسراب على قمم جبل توبقال وتغيّر ملامح الجغرافيا بين الشمال والجنوب في المغرب، كما أشياء أخرى كنمط العيش والسكن.
كان يتواجد معنا أيضا بنفس الحافلة رجل بشوش ومرح يحمل بعض شارات فناني المنطقة أو ما يسمى “الرّْوَايْس”، كان يقول كلاما أقرب إلى المواويل، ويطرب له النساء قبل الرجال ويصفق له كل من حوله من حين لآخر، كان بعض الحضور يقول أنه الدمسيري، قبل أن أكتشف بعد ذلك أن الأمر لا يتعلق بالفنان محمد الدّمسيري العروف كما قيل هناك، لأن البعض منهم شكك في الأمر وأن المسألة تتعلق بفنان يحمل نفس الاسم، وليس بالدمسيري المعروف يومها كأحد رمزو الفن الأمازيغي بسوس ما أدناها إلى أقصاها وأحد الفنانين الشعبيين المعروفين في منطقة سوس وأكثرهم شهرة فيها. ذكّـرني بأحد الشبّان ممّن جاوروني في السكن بالمدرسة، كان في مثل عمري تقريبا، لم يكن يعرف العربية وكنت أنا بالكاد أرَكّـب بعض الجُمل باللغة الأمازيغية أو “السّوسية”، وبالتالي حدث أن اتفقنا أنا وهو سرًّا على أن أعلمه العربية ويعلمني هو الأمازيغية. كان هذا الصديق وسيما مرحا ومهووسا بالغناء، وحضور رقصات الأحواش التي كانت تقام من حين لآخر في ركوح الدواوير المجاورة ليلا، بدءا من فصل الربيع وإلى أن ينضج الزّرع في الحقول ويتفرغ الناس مع نسائهم وبناتهم لعملية الحصاد. كان يردّد بشكل دائم أغاني بعض “الرّوايس” مثل الدّمسيري وآخرون، وهي أغاني كانت تتردّد في المناسبات والأعراس وتبثها الإذاعة الجهوية لأغادير بشكل يومي كل مساء.
كان هذا الصديق السّوسي يحكي لي عن هيامه بفتاة تقطن في إحدى الدواوير القريبة تسمى “سلطانة”، وكنت أرافقه أحيانا من باب جبر الخاطر ونحوم معا حول بعض الجنان حتى نصاب بالتعب، علنا نلتقي بها أو بفتيات أخريات في المنطقة. كان الحديث إليهن كما سيتبيّن لي فيما بعد مُباح، ولا خوف من مراقبة الأقارب كمُرور أخ أو أب أو ابن عم، وهذا يدخل في صميم بعض العادات الجميلة عندهم في تلك المنطقة، رغم كون سكانها محافظين. كانوا يعتبرون تلك اللقاءات أو فصل الربيع عموما فرصة للتعارف بالنسبة للعزّاب من الشباب والعازبات من الفتيات، والذين سيكون بعضهم على الأقل عرسانا بعد انتهاء مرحلة الحصاد وجمع غلة أشجار اللوز والأركان وحضور الغائبين من العائلات في الصيف، لكي تقام حفلات الأعراس وتنشط رقصات الأحواش من جديد. ولكي يخفف من مشكلته الغرامية، كان يحكي لي بشكل درامي عن حكايات قصص حُبّ مشابهة عرفتها المنطقة، ويضرب لي في ذلك مثلا قصة حب نادرة للفنان الدّمسيري مع إحدى الفتيات من قريته، وكيف أخذها منه غصبا أحد المهاجرين بفرنسا، لأنه يمتلك مالا وسيارة وعملا وأيضا يسكن في أرض الفرنسيس، وهذه كلها مؤهلات كانت تصنع الفرق في تلك الفترة، وينهي الحكاية متأثرا بكون العروسة والعريس ماتا معا في حادثة سير تراجيدية مؤلمة وهما في طريق العودة إلى فرنسا، بعد أن انقلبت بهما السيارة في الطريق.
لا يهم صدقية الرّواية هنا من عدمها أو فبركتها ولا ما كان يرويه لي صديقي السوسي، لكن الناس وبعض الشباب في الدوار كانوا يحكون لي عنها كذلك بالتفصيل المُمِل أحيانا، والحكايات الشعبية كما نعرف تأخذ في كثير من الأحيان منحى كرة الثلج وهي في طريقها إلى السفح من أعلى الجبل، إذ كلما تدحرجت أكثر كبُر حجمها وزاد ثقلا واختلط فيها الثلج بالأعشاب والحصى، لكن الحكاية عموما انتشرت كأغنية أداها وأبدع فيها الدمسيري شعرا ولحنا وأداء وأصبحت معروفة للعموم، وأصبحت أسمعها بعد ذلك في محلات بيع الكاسيت التي انتشرت يومئذ كالفطر في الأزقة والشوارع، كما في الأسواق الشعبية بكل مدن الجنوب في إنزكان وأغادير وتارودانت وصولا إلى إمنتَنوت وتزنيت وبويزكارن.
هكذا كانت معرفتي الوامضة بالدّمسيري كفنان رحمه الله، وعرفت حينها معنى أن تكون فنانا شعبيا ومعنى أن تغني للناس وتدخل عليهم الفرحة حتى وهم في الخلاء. لم يدم حديثنا طويلا، لأنه كان يحدثني على أساس أنني أمازيغي أعرف ما يقول وأنا في واقع الأمر لم أكن أفهم إلا بعض الكلمات، وأيضا لأن رجلا يعرفه تأبط به سريعا وأبعده عنا حين تجمهر حوله المسافرون، فيما قلبت بَـوْصلتي لأنشغل بالحديث مع بعض السياح الذين أكملت معهم الرّحلة إلى ورزازات، نتكلم في قضايا عامة مثل بعض التقاليد المغربية والعادات المحلية بسوس والسياحة في المغرب عموما وتنوع طبيعته وجمال بعض المناطق فيه. عند وصولنا إلى مدينة ورزازات كانت الشمس الربيعية بدأت في الاحمرار، قضيت تلك الليلة في أحد فنادق المدينة بشارع محمد الخامس، وربما كان الفندق يحمل أيضا نفس الاسم. هناك، كنا جالسين أنا وأربعيني حول طاولة في غرفة الاستقبال، ننتظر من يملأ لنا الاستمارات، عرفت من خلال مهنته المثبتة في جواز سفره والحديث معه وبعض الصور التي يحملها معه في محفظته، أن الأمر يتعلق فعلا بالسائق الشخصي لبوب مارلي (Bob Marley)، أشهر مغني لفن الـ”ريغي” يومها في العالم. سألته في فرح:
– هل جاء بوب معك؟ هل سيلتحق بنا؟ هل سنلتقي به؟ أين هو؟
استحضرت كل ما أعرفه من معلومات عن بوب مارلي دفعة واحدة، كونه كان متواضعا وشعبيا لا يحب الفنادق الفخمة، وهذا ما قوّى اعتقادي بأنه موجود معنا في الفندق أو سيلتحق بنا بعد قليل، وقلت مع نفسي هي فرصة للالتقاء بفنان عالمي كنت أحبه وأعشق فنه، كما غيري من الشباب في العالم، ومثل هذه الفرص لا يجود بها الزّمان إلا نادرا وفي مدينة صغيرة مثل ورزازات يقصدها مشاهير العالم بوصفها موطنا للسينما العالمية، وكان أحد أفلام بوب مارلي يومها يملأ الدنيا بإعلامها وقنوات تلفازاتها، وضارب بقوة في القاعات السينمائية بالمغرب كما في باقي العالم، ولفرط فرحتي العارمة بالصدفة، نسيت أن بوب كان قد مات منذ بضع سنوات قليلة. دمعت عينا الرجل، فاعتذرت له.
قال لي السائق ونحن نتناول العشاء معا بأحد المطاعم:
– كنت أرافقه دائما في رحلاته، بوب كان يحب الذهاب إلى آسيا حيث يكثر الفقراء في بعض المناطق، لأنه كان يعشقهم ويُحب مساعدتهم. لكن بالنسبة لي وأنا وحدي الآن بعد غياب بوب، قلت أغيّر الوجهة هذه المرّة، وهكذا قصدت بلدكم الجميل…!
شكرته بدوري على إطرائه الجميل، وعند العودة إلى الفندق اتجه كل منا إلى غرفته.
في الصباح قصدت مدينة تنغير مرورا بقلعة مكونة، تصادفت هناك مع الاستعدادات لموسم الورود، أخذت وجبة غذائي عبارة عن طاجين مغربي مزيّن بوُرُود محلية في أحد المطاعم على الشارع الرئيسي للمدينة، وتابعت الطريق بعدها إلى تنغير عبر بومالن دادس والاستمتاع بمناظرها الطبيعية الخلابة. حين وصلت إلى تنغير كانت الشمس قريبة من المغيب أيضا، فكرت في الفندق أولا من باب الاحتياط قبل أن أواصل مساري إلى تنجداد، ربما لن يكون الطريق إلى صديقي سهلا في منطقة لا أعرف عنها شيئا، رغم أن الأمر يتعلق بقرية صغيرة في الصحراء. لكن الصدفة ستجمعني فيها أيضا بصديق دراسة آخر يزاول مهنة التدريس بإحدى الإعداديات في المدينة، أقسم أغلظ إيمانه إلا أن أكون ضيفا عنده، وكنا لم نلتقي منذ العطلة الصيفية. عندما قصد عمله في الصباح، كان عليّ أن أتدبّر أمري في المدينة، كأن أرى شيئا جديدا أو مختلفا فيها وألا أضيع الوقت، نصحني أحد أصدقائه بأن أحسن ما يمكن فعله هو زيارة مضايق “تُـودْغى” مادامت المسافة إليها قريبة والمواصلات متوفرة وسهل تدبيرها، واعتذر عن عدم مصاحبتي إليها، لأنه متابع بالعمل.
وأنا واقف أنتظر في مفترق الطرق، قصدني سائح فرنسي مع زوجته أو رفيقته في الطريق، لأن السياح الأجانب كما عرفت من خلال تجربتي هناك في الجنوب ليسوا دائما مرتبطين بعقد زواج، أحيانا تجمعهم اللغة أو تربطهم الطريق وفي أحيان كثيرة لا يتعارفون إلا في صالونات المطارات بعد النزول من الطائرة، فيقتسمون كل شيء في الاقتصاد بدءا من مصاريف كراء السيارة إلى المأكل والفندق، ويفترقان في المطار أيضا عند انتهاء عطلهما أو يكملا رحلة الحياة إن هما وجدا تفاهما بينهما، طلب مني أن أدله على طريق المضايق، قلت له ضاحكا:
– أنا بدوري يا سيدي جئت سائحا لأراها، هي فرصة لنراها معا…!!
كان هذا الفرنسي أربعينيّ قويّ البنية، يسوق سيارة الرّونو 4 بنرفزة وعصبية شديدتين حتى لا أقول بتهوّر، في كل مرة يصرخ ويتشاجر مع زوجته على أتفه الأشياء، لا يلبي لها طلبا حتى لو تعلق الأمر بتخفيض السرعة لالتقاط صورة مثلا، فلا يقف إلا وقد ابتعدنا عن المكان المطلوب، كأنه كان يفعل ذلك نكاية في زوجته، مع العلم أن الطريق من مركز مدينة تنغير إلى المضايق كان في حدود العشرة كيلومتر أو تزيد بقليل. هناك في المضايق كان لا بد أن أفترق معهم على وقع خلافاتهما المتكرّرة، وقد أثارت حتى حفيظة السياح الكُـثر الموجودين في المكان ومُستخدمي المقاهي على طرفي الوادي.
هناك ستبدأ لعبة جديدة لم يكن لي عهد بها، وهي الانصات لصدى الصوت الرّاجع مع بعض السياح الأجانب، كل واحد منا يصيح بلغته ونترقب جميعنا عودة صدى الصوت بعد أن يرتطم بحافة حيطان المضايق. كان شاب شديد السّمرة يصيح بقوّة ونلتقط نحن صدى صوته الشبيه بصوت الذئب بشكل جميل، وفي كل مرة كان يكرّر صيحته المعروفة يعطيه السياح بعض البقشيش. بدأنا نصيح بدورنا بشكل منتظم ونكررها ونسمع إلى صدى أصواتنا لأكثر من مرة، استهوتنا اللعبة إلى أن جفت حناجرنا. ولم يكن مُمكنا الرّجوع من هناك دون أن أتناول طاجين مغربي بلحم الماعز، وأشرب برّاد شاي صحراوي “قاسح” بأكمله تحت خيمة تقليدية عربية مصنوعة من وبر الإبل وشعر الماعز ورجلي في ماء الوادي.
أثناء العودة فضلت أن أرجع راجلا، لأن الطريق مُمتعة للناظرين بمناظر نخيلها واخضرار بساتينها وطبقات صخورها وقصباتها الجميلة، وهي فرصة كذلك لهواة التصوير ومحترفيه على السواء لالتقاط ما يكفي من الصور. في الطريق وجدت “عين السمك المُقـدّس” العجيبة، حوض مائي به سمك ملوّن صغير الحجم يدخل ويخرج بحيوية العفاريت من تحت صخرة كبيرة حيث منبع الماء (قد تكون ملامح المكان وهندسة العين قد تغيرت). بعض السياح والزوار من الرجال والنساء يرمون بأرجلهم في الماء وهو يأكل الجلود المريضة أو المتآكلة أو من هم مصابون بأمراض جلدية مثل “الأكزيما” وأمراض أخرى في الأرجل، وقال لي بعض الزوار ممن صادفتهم هناك سواء من السياح أو الأهالي بأن “السّمك المُقـدّس” يداوي الأمراض الجلدية بشكل تام ومُجرّب.
بعد أن غادرت عين “السمك المقدس”، قلت لماذا لا أنزل إلى الوادي وأتبع مجراه حتى أصل إلى مدخل المدينة من الجهة الشرقية، كانت الواحة عبارة عن حقول خضراء مسقية بمياه الوادي القادم من المضايق، تغطيها أشجار النخيل وأشجار أخرى بشكل كثيف لدرجة تحجب زرقة السماء بكاملها في بعض الأماكن. هناك أضعت البوصلة في اشتباك طرقي بين ذهاب وإياب، وأنا أبحث لي عن مخرج في حقول أرضها مُنبسطة. ولم أعد أعرف جهة الشرق من الغرب في منطقة مستوية تماما ومغطاة بظلال أشجار أشبه ما تكون بظلام الليل، والأكثر من ذلك أنها خالية من الناس إلا من صمت المكان والأشجار وخرير مياه الوادي وأصوات تُسمع من بعيد. شعرت بهلع ورُعب شديدين، رغم علمي بأن الناس هناك من ألطف قوم الله على وجه الأرض، ومع ذلك أحسست بخوف رهيب. تردّدت في أن أصرخ بأعلى صوتي أو أن أصرّح بمشكلتي لأحدهم إن وجدته، ومن يكون في هذا الخلاء وسكون الصمت الرهيب غيري إلا من أصوات الطيور وأخرى تسمع من بعيد، وحتى إن التقيت بأحد وحكيت له عن مشكلتي، إما أنه سيتهكم عليّ أو يبتزّني أو يقودني إلى جهة لا أرغب فيها، خصوصا وأنا لم أتجاوز الثلاث وعشرين ربيعا بعدُ، رغم تجاربي المتعددة في التجوال والسفريات. في الأخير، قصدت شيخا جليلا كان مارّا بالصدفة يركب بغلته:
قلت له: يا سيدي، أنا ضائع هنا، لم أعد أعرف الجهة التي أقصدها…!
ضحك في لطف، وقال لي لا تقلق يا ولدي، لست أوّلهم، كثير من السياح الأجانب وحتى بعض المغاربة الذي يمرّون من هنا يقعون في نفس المشكل الذي وقعت فيه أنت.
رشدني إلى وجهة ظهرت لي منها الطريق المؤدية إلى تنغير، ومنها أكملت مشواري إلى مركز المدينة وأنا غير مصدق بما جرى. في المساء حكيت لصديقي ما وقع، كاد أن ينفجر من الضحك مع أصدقائه في المقهى. قالوا لي جميعا:
– لا تقل لنا أنك ضعت بين أشجار الواحة، نحن أيضا وقعنا في نفس الفخ ذات جولة بها في عامنا الأول هنا، قبل أن نحفظ مسالك دروب تلك الواحة بكاملها، من المضايق وصولا إلى القنطرة في مدخل المدينة…!!