من مزايا الحجر : الكتابة مسيرة حياة -الجزء الثالث : “المال والبنون زينة الحياة الدنيا”
من مزايا الحجر : الكتابة
مسيرة حياة -الجزء الثالث
عود على بدء
“المال والبنون زينة الحياة الدنيا”
خنفري لخضر
سوف لن أتحدث عن المال كثيرا وأترك الواقع المغربي يفصح عن ذلك .لا تخلوعائلة مغربية من عاطل أو إثنبن أو أكثر. بعائلتي 3 أشخاص لا يعملون.من أبناء الشعب من خرج مناضلا من أجل الوظيفة، من أجل العمل، من أجل هذا المال لضمان العيش الكريم وزج به في غياهب السجون ظلما وجورا… في الوقت الذي تستحوذ ثلة من المغاربة على جل ثروات البلاد ،برا وبحرا وجوا!! أين نحن من العدالة الإجتماعية؟!
طفولة أبنائي غير طفولتي..ولدوا نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، ازدادوا مع عالم التكنولوجيا والإعلام السمعي البصري ووسائل الإتصال المختلفة التي انتشرت بشكل كبير والتي زاحمتنا في تربيتهم -لا ندري أنشكر أم نكفر، أيشكرون أم يكفرون- عالم كما أراه ملئ بالألام والعذابات والظلم والحكرة والتسلط والحروب العبثية. لكن ليس كل ما في الوقت الحاضر سلبي.. هناك أشياء إيجابية تهم الطب والعلوم والتكنولوجيا، تهم الصحة والترفيه والإستمتاع والترويح عن النفس، والعلاج لأمراض كانت مستعصية حتى الأمس القريب.
إستمتع أبناؤنا بألعاب مختلفة في الحدائق والمدن الترفيهية، وقضوا عطلهم في الإستجمام في البحر أو مدن لم نحلم بها في طفولتنا..فرحتي تزيد كلما رأيت أطفالا يمرحون أو حيثما وفرت لهم الدولة فضاءات مناسبة لعمرهم سواء في المدرسة أو في الخارج، لأن هذا هو عالمهم الطبيعي، وليس تكديسهم كعلب السردين في أقسام تفتقر لأدنى مقومات التربية والتحصيل!
تلقى أبنائي الأربعة التعليم الأساسي والإعدادي بدولة الكويت. ومن حسن الحظ أن هذه الدولة الغنية توفر لأبنائها والوافدين عليها كل سبل الحياة والترفيه .. المؤسسات التعليمية تنظم زيارات أسبوعية لمختلف الأماكن: المدينة الترفيهية- أكوابارك – المدينة العلمية- المآثر التاريخية… والأسبقية دائما للتلاميذ الأوائل. ونظرا لكون أبنائي كانوا متفوقين، خاصة التوأم سناء وسهام فقد إستمتعا بهاته الزيارات والخرجات… كنت أحضر رفقة زوجتي حفل التفوق التي تنظمه المدرسة أخر العام … شيء جميل أن يفرح الآباء بإنجازات أبنائهم، والأجمل أن يكافأ الأبناء عرفانا بكدهم واجتهادهم … وهذا الشيء لم ألمسه بشكل واسع في البلد الحبيب.. أن تكرم الأبناء هو جزء من التربية في حد ذاته، تدخل الفرحة على قلوبهم وتحبب لديهم شغف المعرفة والتحصيل…شريحة واسعة من أطفالنا بعيدة كل البعد عن هذه الفرحة ،والنتيجة الحرمان الذي يرافقهم -حرمان نفسي وعاطفي ينتهي بالبعض بالتيه والإنحراف والتسكع. الخاسر الأكبر هو الوطن. فعوض أن يعبد الطريق لمجتمع منتج مبتكر ومبدع ، سوف يعاني لسنوات من ناشئة أمية وعديمة الأخلاق. وما نراه اليوم من لا مبالاة الآباء تجاه فلذات أكبادهم إلا نتيجة لهذا المسار الذي فقدنا فيه البوصلة، بحيث لم نعد نراقب أبناءنا عن قرب لمساعدتهم في حل المشاكل التي لا تتطلب سوى الحوار والثقة المتبادلة. وسط هذا المجهول هناك آباء يحاولون تتبع مسير أبناءهم وإيصالهم الى بر الأمان… يتتبعون عملهم وسلوكهم بالشارع والبيت والمدرسة، بهذا يتولد لدى الطفل إحساس بالأمان والطمأنينة عندما يرى والداه يسهران عليه، يكافءانه، يرشدانه أو حتى يوبخانه حين يخطأ.
حتي بداية التسعينات من القرن الماضي كان عدد التلاميذ بمؤسساتنا لا يتعدى 32 تلميذا من بينهم3 أو 4 مشاغبين على الأكثر. كانت ظروف العمل مريحة نسبيا، يحس المدرس بأن التلميذ يستجيب و أن مجهوداته لا تذهب سدى، زد على هذا الإحترام الذي يكنه التلميذ للمدرس\ة والإدارة التربوية بصفة عامة.. كان لدينا تلاميذ بارعين في المسرح والشعروالمعلومة العلمية والرياضيات ، على سبيل المثال تلاميذ مثلوا مسرحية عطيل باللغة الإنجليزية بنجاح كبير! كان التلميذ يقرأ ويبحث ويطور قدرات النقد ولا يقتصر على ما يعطيه الأستاذ…
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت <<<<< فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
أنهيت عقدة التدريس مع دولة الكويت في صيف 2008، وعدت للتدريس ثانية بمدينة بركان-ثا. ابو الخير- وجدت الأوضاع التعليمية تغيرت للأسوا.عدد التلاميذ بالفصل يفوق 40، عدد لا بأس به مشاغب. ظروف العمل غير متوفرة إطلاقا ،بحيث كثر العنف وعدم الإحترام، وتعنيف الأساتذة.نسمع ألفاضا بديئة وكلام ساقط في القسم وفضاءات المؤسسات التعليمية فبالأحرى الشارع الذي يعرف ظواهر مخزية كتحرش بعض الشباب المتهوربفتاة في الباص بمدينة الدار البيضاء ،ولا أحد حرك ساكنا من الركاب!!!
وصلت الأمور حد التسيب . زادت المذكرة التي تمنع طرد التلميذ المشاغب من الفصل، زادت من تغول بعض المشاغبين. أصبح هاجسنا أن تمر الحصة بسلام وكأن لسان حالنا يردد ما كان يقوله عمال باطن الأرض بجرادة ” الله إ سلك السربيس على خير”..
ماذا ننتظر عندما أصبحت الفلسفة مثلا مادة تحفظ عن ظهر قلب؟ قتلنا في التلميذ روح النقد والتحليل والتفكير..” بضاعتنا ردت إلينا”، مما شجع الدروس الخصوصية بشكل مبتذل، مستفز وجعلها مجالا للإبتزاز- على عينيك آ بن عدي! وأصبحت صورة المدرس في الميزان. أصبح مثله مثل تاجر أو رجل أعمال في سوق المضاربات! 3000 درهم شهريا أو يزيد للتلميذ الواحد! ربما مقابل نقطة” منفوخ” فيها لا تعبر عن مستوى التلميذ.. واقع عشته شخصيا مع أستاذ سامحه الله. كان” ينفخ” في نقط تلميذ يعطيه دروس خصوصية وربما حلول لفروض مزمع أخذها. بالرغم من أن إبنتي كانت متفوقة على هذا التلميذ ،كانت نقطتها دائما أقل ،حتى جاء الإمتحان الوطني وفضح كل شيء! واقع يعيشه عدد لا بأس به من الآباء والأبناء. عزاؤنا في هذا أن المعدلات العالية والرتب الأولى وطنيا غالبا ما يحصل عليها أبناء الطبقات الشعبية.
يمكن القول أن السلطة أو الكلمة العليا في الوقت الراهن هي لوسائل التواصل الإجتماعي أو الإعلام بصفة عامة. كيف يسمح بعض الآباء لأبنائهم الذين لا يتجاوز عمرهم 10 سنوات باستعمال الهاتف النقال؟! والمؤسف حقا والأمر بدون مراقبة أوحضر المواقع المشبوهة الإباحية التي لها انعكاس جد سلبي على البراعم خاصة..بدأنا نسمع ألفاضا بديئة بفضاءات المؤسسات التعليمية وبالأحرى الشارع، ظواهر وسلوكات تقشعر لها الأبدان ولا من يضع حدا لها أو يغير المنكر ولو بأضعف الإيمان!
يضحي الآباء ويتعبون من أجل أبنائهم، وعندما يصل هؤلاء فغالبا ما لا يجدون وظيفة ويتيهون في عالم العطالة القاتلة! حصل جيلنا على الوظيفة بالشهادة الإبتدائية أو الإعدادية. وهناك من الأشخاص في مراكز المسؤولية ليس لديهم أي شهادة!! في وقت نرى أبناءنا يحملون الإجازة أو الماستر أو الدكتوراه لسنوات بدون عمل! لماذا؟
السياسة العامة للبلاد تمشي على رأسها بدل أن تمشي على قدميها. أهملنا التصنيع والفلاحة والتعليم.هجرنا الأدمغة على قلتها. ربطنا الإقتصاد بالغرب الإمبريالي الإستعماري الذي حافظ على مغاربه في موقع المسؤولية . درسوا في معاهده وهم اليوم ينفذون سياسته الإستعمارية ويحافظون على مصالحه ، بحيث لم يعد في حاجة الى الإستعمار المباشر… أما نحن فنستقبل متسولون قادمون من إفريقيا جنوب الصحراء زادوا الوضع تأزما… اريد لنا أن نكون مجتمعا إستهلاكيا بامتياز، أما التكنولوجيا والتصنيع فتأتي من ماما فرنسا عبر موادنا الخام المنهوبة يوميا…
العقل المغربي ليس قاصرا أو محدودا أيها المسؤولون! لكن أرتباطكم بالغرب الإمبريالي وأنانيتكم المقيتة المصلحية هي التي جعلت منا دولة فاشلة تعيش على صدقات صندوق النقد الممول من خيراتنا!! لكل مغربي الحق في الشغل والتطبيب والتعليم الجيد. إلى متى سيبستمر هذا الشطط والحرمان والحكرة؟!… مثل معظم العائلات لنا إخوة وأخوات حرموا من الشغل، وقد تجاوزوا الأربعين! والآن دور الأبناء . هذا غير معقول!! نريده مغرب الكفاءات والسواعد وليس مغرب العائلات. الإستقرار يكمن في العدالة الإجتماعية والعيش الكريم.