تأملات 40 – عِش كَما أَنت
تأملات 40
“عِش كَما أَنت”
محمد .إسماعيلي
لا شيء في الطبيعة يعيش لنفسه.. فلا النهر يشرب ماءه.. ولا الأشجار تأكل ثمارها.. ولا الأزهار تعبق لنفسها.. ولا الشمس تشرق لذاتها..
فلماذا لا نَعِيش لبعضنا البعض.. ونكون عونا لبعضنا بدل أن نكون سببا في تعاسة بعضنا البعض..
لنضع قليلا من العاطفة على عقولنا حتى تلين..
ولنمزج قليلا من عقلنا مع قلوبنا حتى تستقيم..
فالعاقل من لا يهدم كل الجسور التي بناها أو عبرها لأنه قد يحتاجها يوما للعودة..
والحكيم من لا يبحث دوما على الانتصار في كل الخلافات والاختلافات مهما كان الثمن..
فأحيانا كسب القلوب أولى وأجدى من ربح المعارك وكسب المواقف..
انظروا كيف عالج هارون عليه السلام أمرا في غاية الخطورة حيث آثر وحدة القوم على أي شيء آخر وإن كان يتعلق بالمعتقد ودعوة موسى عليه السلام لعبادة الله
” يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ۖ إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ”..
عندما تواجهنا المشاكل يزداد شعورنا بالألم حين نصر على التمسك برأينا وموقفنا رغم خطأه وبعده عن الصواب لأننا نرفض الإعتذار والنزول من بروجنا الواهية بينما قد يكون قليل من التنازل كافيا لإيقاف الكثير من الألم..
ليس بالضرورة أن يكون الشخص الذي ينصحك كاملاً .. فقد يعطيك شيئاً ينقصك..!!
وليس بالضرورة أن تساعد الآخرين بالأموال وتقديم الخدمات.. لكن يمكنك أن تساعد بالتشجيع والكلمة الطيبة والإبتسامة الحلوة والدعاء الصادق..
وليس بالضرورة أن نكون عشاقا لنكتب عن الحب.. فالوطن عشق.. والأبناء عشق.. والأصدقاء عشق.. والآباء أجمل عشق.. فالمهم أن يكون بين ضلوعنا ما ينبض بشيء اسمه الحب..
مسالة فاقد الشئ لا يعطيه..فيها نظر وقد تكون خاطئة أحيانا.. فهذا بيتهوفن الموسيقار العالمي الشهير أصيب بالصمم وكان لا يسمع ومع ذلك أبدع موسيقى عالمية تطرب لها آذان ملايين من البشر..
اغتسل بالمحبة وتوضأ بالمودة قبل الماء فإن الصلاة بقلب حاقد لا تجوز والدعاء بقلب وسخ لا يصل.. طَهِّر قلبك واغسل لسانك ثم صَلِّ حيث شئت.. وادع ربك أنى شئت..
قليل من التجاهل ليس سيئا وبعض التغابي ربما يفيد فقد قالت العرب قديما ” سيد قومه المتغابي” فليس بالضرورة أن نقف عند كل كلمة ونتخذ موقفا من كل حركة أو فعل..
فالتجاهل وقت الغضب ذكاء..
والتجاهل وقت المصاعب إصرار..
والتجاهل وقت الإساءة تعقل..
-وحده التجاهل عند النصيحة غرور..
جميلة هي الحياة والأجمل أن نعرف كيف نحياها.. فمن المهم أن يكون لدينا أسباب السعادة.. لكن الأهم هو أن تكون عندنا الإرادة لنسعد.. وقد تختلف الأمور باختلاف نظرتنا إليها.. فتجد البعض يركز اهتمامه على حسنات صديقه وأخيه وشريكه في الحياة لذلك لن يجد وقتا للنظر في السيئات فتدوم العشرة وتقوى المحبة وتترسخ الصداقة.. بينما يهتم الآخرون بالسيئات فلا يرون الحسنات إطلاقا فتتمزق الروابط وتتلاشى العلاقات ويطغى الخصام..
“وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ”
لا أحد يحب الخطأ لكن لا داعي لكره المخطئ وكلنا يبغض المعصية لكن علينا أن نسامح التائب ونرحم العاصي ..
” مَن كانَ مِنكُم بِلا خَطيئَة فَليَرمِها بِحَجر”
من حقنا أن ننتقد هذا القول أو ذاك لكن علينا أن نحترم القائل.. فمهمتنا أن نقضي على المرض لا على المرضى.. أن نصلح الخلل لا أن نقتل المختل..
دمتم أحبتي
م.إسماعيلي
2020/08/11