حتى لا ننسى في مثل هذا اليوم 16 غشت 1953
سليمة فراجي
16 غشت 2020
شهدت مدينة وجدة وقبائل بني يزناسن وبركان ملحمة شعبية وطنية عارمة يومي 16 و17 غشت ،ولازالت العائلات في المغرب الشرقي تحتفظ بنسخ الأحكام الصادرة في مواجهة الوطنيين من طرف المحاكم العسكرية الفرنسية ، جيل باكمله تشبع بوطنية راسخة وحمل السلاح وعقد العزم على التشبت بملكه والدفاع عن حوزة الوطن
وقد ساهم في الثورة المذكورة عدد لا يحصى من الشباب و الكهول والنساء وفق عملية توزيع ادوار مُحكمة ، وان كانت بعض اسماء المناضلين آنذاك والشهداء اللذين بصموا هذه الثورة تذكر ، ومحل فخر واعتزاز فان اسماء اخرى لمناضلين أبرار لا تكاد تذكر والحال انها تشكل ذاكرة مدينةوجدة وقبائل بني يزناسن وبركان في هذه الحقبة المهمة ، وبما ان بعض المقاومين لا زالوا احياء يرزقون أطال الله عمرهم فانهم يشرحون لنا كيف تم الإعداد لهذه الثورة ضد قوات الاستعمار وكيف تم الاعداد لاضرام النارفي معمل الكهرباء بوجدة آنذاك ، ويروي لنا أفراد العائلة كيف كانت تتم عمليات الاعتقال والتعذيب الوحشي والتنكيل والتجويع وقد تمت متابعة اغلبهم بالقتل العمد والمؤامرة وتكوين عصابات إجرامية
مناضلون اشاوس لم يحظ بعضهم بأية التفاتة او تكريم قيد الحياة لان هاجسهم كان وبكل بساطة هو تحرير الوطن والاستماتة من اجله ، جيل جعل كذلك من تحرير الجزائر قضية وطنية وقومية وساهم بكل ما اوتي من قوة في مد يد العون للمقاومة الجزائرية الى ان حصلت على الاستقلال سنة 1962
ثورة الملك والشعب الخالدة المسجلة بمداد من فخر في 20 غشت 1953 ذكرى تربط الماضي بحاضر يسائل الضمائر الحية ، الماضي المتميز بالنضال والاستماتة من اجل الاستقلال والتحرر والانعتاق من قبضة الاستعمار الفرنسي ،
مظاهرات حاشدة وانتفاضة جماعية في جميع ربوع المملكة من اجل افشال المؤامرة الاستعمارية
انتفاضة لها دلالات نضالية قوية وشكلت منعطفا في مسلسل الكفاح الوطني كرد فعل على رغبة فرنسا في تنحية المغفور له الملك محمد الخامس الملك الشرعي وتنصيب محمد بن عرفة ملكا مزيفا ،الشيء الذي اعتبره الشعب المغربي مسا بالكرامة ونيلا من رمز السيادة فاندلعت الثورة والإضرابات ،ووجهت بحملات الاعتقالات الواسعة والمحاكمات العسكرية والمدنية ،واستشهاد العديد من الوطنيين والتفنن في ضروب التعذيب والتنكيل ، وتلك وقائع ثابتة رواها لنا آباؤنا وأجدادنا وأبناء عمومتنا ،
لذلك وحتى نربط الماضي بالحاضر يجب ان نسائل أنفسنا ان كنّا على العهد باقون لمواصلة النضال والالتفاف حول وطن موحد يصبو الى الرقي بنموذج تنموي يراعي مصالح جميع المواطنين ؟ في زمن يجب ان يلتف الجميع حول الوطن ويتدثر بمؤسساته التي يجب ان تتقوى خدمة للصالح العام وتغليب المصلحة العليا للبلاد ، بدل تملص بعض القائمين على الشأن العام من التزاماتهم ،والمنتخبين من واجباتهم المتمثّلة في خدمة المواطنين ، في زمن يتملص فيه اغلب المسؤولين من المحاسبة ويلهثون وراء المصالح الشخصية ، في زمن تراجعت الجدية وخفت نجم الوطنية الصادقة ،زمن ينتصر فيه المرشحون لمناورات تدليسية من اجل استمالة الناخبين وشراء الذمم ، ويصوت مواطن قهره الجهل والفقر على نماذج يعلم مسبقا انها لن تخدمه بقدر ما تخدم مصالحها رغبة في الاغتناء الفاحش ، لذلك هل نحن فعلا على العهد محافظون ؟ وهل نحن مستعدون لمواجهات تداعيات ازمة وباء حل بالعالم وفرض اعادة ترتيب الاولويات ؟ وكما قال احد الفلاسفة
“الذاكرة كي تعمل جيدا في حاجة الى تمرين متصل ومستمر ، وإذا لم تستدع الذكريات مرارا فإنها تتلاشى “