صدى السنين: 2 ـ ..كتاب: فرسان الأنفاق المؤلف: قاسم رابح واعمر ـ الحلقة 4 ـ
أصدقائي القدامى …
وإذا كان شوقي كبيرا في التعرف على أبناء عائلتي من جديد، فإن لهفتي بطبيعة الحال كانت لا تقل عن ذلك، للاتقاء بأصدقائي القدامى الذين درسوا معي بالقرية وسبقوني إلى جرادة، وفعلا، فقد التقيت بأغلبهم في الإعدادية، وكانت مشكلتهم الأساسية هي مسألة السكن ومدى درجة اهتمام أقاربهم بهم… وقد راعتني حالة أحدهم الذي لم أره منذ سنة… كانت حالته الصحية متدهورة للغاية، وكان أثر سوء التغذية واضحا على وجهه الذي اصفر… أما الآخرون فكانوا يشتكون كذلك من الجوع ومن ظروف السكن الصعبة… فمنهم من يسكن في خيمة ومنهم من يراجع دروسه تحت ضوء كهرباء الشارع، ومنهم من لا يتناول إلا وجبة الغذاء ويصوم على الوجبات الأخرى… ومنهم من يعيش في النكد ويسمع أقبح الكلام من الأقارب الذين ضاقوا بهم ذرعا… وأنهم لا يستطيعون تحملهم أكثر… إنها مأساة حقيقية يعيشها هؤلاء… فلا هم يستطيعون تحمل المشاكل أكثر، ولا أهاليهم يتفهمون وضعيتهم، ولا أسرهم في البادية تجد لهم حلا … ربما كانت هناك أقلية قليلة من أبناء “أولاد اعمر” التي قد ساعدها الحظ ولا تعانى من مشاكل تذكر … ويبدو أني كنت واحدا من هؤلاء…
وكانت حلقة الأصدقاء الذين التحقت بهم قد تشكلت عفويا وذلك بحكم الانتماء إلى المنطقة التي ننحدر منها، وكانت اللحظات التي نقضيها في السير جماعة من “دوار أولاد أعمر” إلى مقر الإعدادية.. مرورا بالشارع الرئيسي في جرادة، والذي هو نفس الطريق الذي يربط جرادة بحاسي بلال غربا، و بوجدة شمالا … كانت تلك اللحظات من أجمل الأوقات… كنا نتطرق خلالها إلى ذكريات الماضي وإلى الحياة في البادية وإلى مدرستنا القديمة بالإضافة إلى مشاكلنا الحالية… ورغم تفاوتنا في الأقسام فإن خيوط الماضي والطفولة المشتركة والذكريات المرة والحلوة، كانت تشكل بالنسبة لنا نوعا من العرف الذي يقتضي تضامنا خاصا، وتعاونا متبادلا فيما بيننا طوال المدة التي قضيناها بجرادة..
كانت مناقشاتنا التي لا تنتهي تهم كل شيء ابتداء من النكت الجديدة والتعاليق على ما قام به بعض معارفنا، بالإضافة إلى مشاكل الدراسة وتصرفات الأساتذة، ووصولا إلى الإعجاب بجمال بعض الأستاذات وبعض التلميذات والحكايات التي تروج حولهن ..وقد انضم إلى نادينا بعض أبناء القبيلة الذين ازدادوا بجرادة والذين يتابعون دراستهم بنفس الإعدادية…
الالتحاق بالإعدادية
التحقت بالإعدادية، بقسم الملاحظة هذا القسم الذي أحدث لأول مرة!…
كانت السنوات التي مضت قد شهدت بعض القلاقل في ميدان التعليم وخاصة مناهضة بعض الإصلاحات وعلى رأسها إحداث هذا القسم بالذات، أي قسم الملاحظة الذي حسب الكثيرين لم يأت إلا ليزيد من عرقلة تدفق أفواج من أبناء الشعب، الذين قرروا منذ الاستقلال متابعة دراستهم، قصد الحصول على الشواهد العليا … وما دام أن الحكومة لا يمكن لها أن تشغلهم جميعا فإنها لجأت إلى مثل هذه الأساليب حتى تصبح مدة الدراسة طويلة وشاقة وتفوق مستوى جيوب السواد الأعظم من أبناء الشعب…وبالأحرى إنهاكهم ماديا وإرغامهم على مغادرة التعليم ..وليصبح التعليم حكرا على أبناء الأغنياء..
وربما لم تكن هناك سياسة تعليمية واضحة تربط بين الأهداف المتوخاة وبين الإمكانيات المتاحة،.. كما أنه لم يسطر أي برنامج زمني محدد للقضاء على الأمية والتخلف… وترك هذا الأمر للزمن ليحسم فيه… ومن هنا جاءت أغلب المشاكل التي عانى منها المغرب الحديث ولا يزال، وعلى رأسها الأمية والتخلف والتهميش والإقصاء لطاقات جبارة كان بإمكانها تحدي الصعاب، بدلا من السقوط في اليأس والتقوقع … ثم التماس أكثر الطرق تطرفا لحل مشاكلها … ومع الأسف فإن هذه الحلول قد ضيعت فرصا لا تعوض لا في الزمن ولا في المكان…
إن معالجة المشاكل بالمشاكل، واختيار نهج تعليمي لا علاقة له بالحاجيات الحقيقية للوطن، ولدت سخطا واضحا وسط الجماهير العريضة من الشباب والشابات الذين سيصبحون هم النخبة المثقفة وهم المحرك الأساسي لقاطرة التنمية في المجتمع.
التحقت بقسم الملاحظة، كانت فرحتي لا تتصور، التقيت بوجوه جديدة وبأصدقاء قدامى… وقد راعني بالخصوص هذا الجيش العرمرم من الأساتذة الفرنسيين… فإذا استثنينا مادة اللغة العربية فإن كل المواد الأخرى كان يدرسها أساتذة فرنسيون… وحتى مدير الثانوية كان فرنسيا… وحتى الحارس العام سيصبح فرنسيا… رغم العمل الممتاز الذي كان يؤديه الحارس العام المغربي..
وقد يكون لتواجد إدارة فرنسية على رأس شركة مناجم الفحم الحجري بجرادة، تأثير مباشر على تواجد هذا العدد الهائل من الأساتذة الفرنسيين بالثانوية… صحيح أن بلادنا كانت قد استقلت حديثا وأن المشاكل التي تواجهها كانت كثيرة جدا… ولاشك أن القوى المستعمرة لا يروق لها مغادرة المغرب بالسهولة المفروضة – وكما قيل آنذاك – فإن الاستعمار الذي غادر المغرب من الباب الرسمي قد عاد إليه من النافذة!
وإذا كان باستطاعة المرء أن يفهم تواجد الأساتذة الفرنسيين في المواد العلمية واللغة الفرنسية فإنه يصعب عليه فهم تواجد هذه الأطر على رأس إدارة الإعدادية، ولاشك أن هناك الآلاف من هؤلاء في كل ربوع المغرب…، فأين ذهبت الأطر المغربية…؟ أم أن مغنى الحي لا يطرب ؟
على كل حال كانت سعادتي كبيرة وأنا أتابع دراستي بقسم الملاحظة وكان “بالبشير” التلميذ الوحيد الذي جاء معي من “أولاد اعمر”، والذي سأقضي برفقته ثلاث سنوات بالثانوية.
كان “بالبشير” طويل القامة، نحيفا، تعلو وجهه ابتسامة عريضة تنم عن طيبوبته الطبيعية، وكانت تعليقاته حول الأستاذات الفرنسيات وحول الفتيات اللواتي يدرسن معنا تثير الضحك، ولهذا فقد كنا نمضي أوقات الفراغ في ضحك لا ينقطع، الشيء الذي كان يثير فضول التلاميذ والأساتذة على حد سواء، بل وكان هذا السلوك يعرضنا للعقاب أحيانا أخرى…
ولن أنسى أبدا ذلك اليوم الذي تغيب فيه أحد الأساتذة فجاء أحد الموعيدين لمراقبة القسم في غيابه.. وبما أن ضحكاتنا الهستيرية قد استمرت رغم تحذيرات الموعد، فقد لجأ إلى إخراج “بالبشير” إلى السبورة وعاقبه بجعله ينظر إلى الحائط بشكل يذكرنا بعقاب الأطفال الصغار… وبينما “بالبشير” على تلك الحال، فقد صدرت مني قهقهة قوية لفتت انتباه الجميع. فأمرني الموعد بأن ألتحق بزميلي وأن أقف جنبه. فاكتملت الصورة الكاريكاتورية… شخصان يلتصقان بالحائط ويمعنان النظر فيه… فتذكرت حكاية عن المساجين كنت قرأتها ومفادها أنهم يحفظون عن ظهر قلب تضاريس جدران زنازينهم .. فحكيت القصة لـ “بالبشير”… فانفجرنا في ضحك طويل غير آبهين بما يجرى حولنا… ولم ينقذنا من هذا الجنون السخيف إلا دقات الجرس إيذانا بوقت الاستراحة.
الاجتهاد.. المدرسات.. وشغب التلاميذ
قررت أن أعطي دراستي الوقت الكافي … ولهذا فلم يمر أبدا يوم دون أن أراجع دروسي مرات ومرات.
إن تجربتي مع الشهادة الإبتدائية جعلت ضميري يستيقظ بقوة … إذا فلا داعي للكسل والتأني… ولا أخفي أني كنت أحفظ بعض الدروس في وقتها أي بمجرد تلقيها من أفواه الأساتذة وما كان علي إلا أن أراجعها لأستوعبها مائة في المائة…
ولاشك أن الأيام الأولى من قسم الملاحظة، كانت قد تركت للتعارف وللإطلاع على مقدرة ومستوى التلاميذ، وبما أن قسمي كان في مجمله يتكون من التلاميذ الذين التحقوا بجرادة من القرى المجاورة، فإن المستوى كان لا بأس به… وأن بعض العناصر كانوا ممتازين.
والحمد لله، فقد أحسست بتفوقي منذ الأيام الأولى في جميع المواد ما عدا اللغة الفرنسية… وقد ناقشت هذا الأمر مع أستاذ هذه المادة وهو يهودي مغربي يحمل الجنسية الفرنسية، والذي وعدني بالمساعدة على تحسين مستواي في هذه اللغة الجميلة ونصحني بمطالعة الكتب الفرنسية…
وكذلك كان ،فلم تكد تلك السنة تشرف على نهايتها حتى أحرزت تقدما كبيرا، وتحسنا ملحوظا بحيث أصبح رصيدي اللغوي غنيا، بل وأن الأستاذ أعجب في يوم من الأيام بأسلوبي في مادة الإنشاء فمنحني أحسن نقطة، رغم بعض الأخطاء الإملائية، ثم أمرني بنسخ القطعة النثرية الجميلة التي كانت من إنشائي حول غروب الشمس وزحف الظلام وإشعال المصابيح البترولية في القرية.. ثم أمر بتثبيتها على سبورة كانت تعلق عليها كل المحاولات الممتازة لمدة طويلة ،وكان اسمي منقوشا تحتها بخط جميل!…
يبدو أن تشجيع الأستاذ قد بدأ يُؤتي أكله، فقد انكسر ذلك الحاجز الذي كنت أحس به تجاه اللغة الأجنبية، بل بالعكس أصبحت أحس بجمالية اللغة الفرنسية، وكنت أتمنى أن أسمع الكلمات الفرنسية وهي تنساب من بين شفاه بعض الأساتذة الفرنسيين وخاصة أستاذة الرياضيات، التي كانت آية في الجمال، وكان زملائي يغبطونني عن المنزلة التي أنزلتني لديها، فقط لأني أظهرت تفوقا في المادة التي تدرسها، ولا شك أن الفضل في هذا يعود للمعلم “عبد الرحيم” في مدرسة “أولاد اعمر” حيث لقننا المبادئ الأولى للرياضيات التي كنت أحفظها عن ظهر قلب… ويبدو أن الأستاذة، أعجبت بطريقتي في فهم الرياضيات… مما جعلني أكون مؤهلا لاستيعاب المزيد من المعلومات الرياضية التي بدأت أفهم فلسفتها بفضل المجهودات التي كانت تبذلها هذه الأستاذة الفرنسية الشابة الجميلة والوديعة، والتي كانت تستقبلنا كل صباح بابتسامتها الخجولة، ثم تأتي مباشرة إلى الطاولة التي أجلس عليها فتدلي رأسها على الكراس أمامي لتتأكد من آخر شيء كتبناه … وكانت عندما تحني رأسها كان شعرها الذهبي الكثيف الطويل يسبقها ليتدلى كجداول ذهبية أمامي، وفي بعض الأحيان كان يلمس كتفي، وأحيانا أخرى كان يكاد يمسح وجهي وكنت أشم منه رائحة رائعة كانت تدوخني..أما رائحتها هي فكانت عكس ذلك لأنها كانت تدخن وكنت لا أتحمل روائح التبغ.
كانت الأستاذة كلما قامت بهذه الحركات العفوية التي لم تكن تعيرها أي اهتمام، إلا وعلت من خلفها همسات وهمهمات لبعض التلاميذ الذين لم يكونوا يخفون إعجابهم بساقيها النحيفين الطويلين وقامتها الخيزرانية المنتصبة على كعبين طويلين، خاصة عندما كانت ترتدي تنورتها القصيرة، وتشد صدرها إلى أعلا، ثم تقف أمام السبورة كدمية أو كعارضة أزياء بارعة في إحدى صالونات باريس الراقية، وكانت فعلا تسلب لب التلاميذ الذين كانوا يتابعون حركات جسمها المغري بنشوة جنونية…
كان التلاميذ يحفظون حركاتها ويكررونها ويقلدون صوتها الأنثوي المتغنج … خاصة عندما ترجع إلينا أوراق الفروض أو الامتحانات، فتبدأ باسمي الذي تلفظه بطريقتها الرقيقة، ثم تتبعه بالنقطة التي حصلت عليها وكانت دائمة عالية إما 20 على 20 أو ما قارب ذلك، ثم تتوجه إلي بالتنويه والتشجيع، حتى أني كنت أخجل وأحس أن الدم قد صعد فجأة كله إلى رأسي… وتمد إلي الورقة مع باقي أوراق زملائي لكي أفرقها عليهم…
كنا نغادر الأقسام عند منتصف النهار لنتوجه إلى ديارنا قصد تناول الغذاء ثم نرجع لتونا لفترة المساء… كان الوقت الذي يفصل بين الحصص الدراسية مناسبة للتلاميذ لتحرير مشاعرهم الدفينة المكبوتة… وكانت هناك مجموعة يفوق سنهم معدل عمر باقي التلاميذ، ولاشك أنهم رسبوا عدة مرات في الشهادة الابتدائية، وكانت تصرفاتهم الصبيانية لا توحي بأية رغبة لهم في الدراسة… وكانوا ينتظرون قدوم الأستاذات الفرنسيات ليطلقوا العنان لتأوهاتهم وشوقهم الجنسي المكبوت، وأعينهم تلتهم قسمات أجسامهن…
كانت أستاذة الرياضيات لا تعير صبيانياتهم أي اهتمام رغم فضولهم الذي فاق كل الحدود، وفي يوم من الأيام وبينما انحنت على طاولتها لتتناول كتابا من محفظتها، مديرة ظهرها إلى القسم، فلم يتمالك أصحابنا من الهتاف ومن إصدار أصوات شبيهة بأصوات الذئاب المفترسة …كانت الأستاذة باردة في أجوبتها حيث أدارت رأسها إلى الجميع وقالت بصوتها الرخو: سأرى كيف ستضحكون في نهاية السنة هل ستنجحون أم ستعيدون السنة… وأستطيع أن أؤكد لكم من الآن أن مجموعتكم المشاغبة سوف لن تحصل على المعدل في مادة الرياضيات وربما في أغلب المواد.. فعلى ماذا تعولون؟!
أما أستاذة التاريخ والجغرافية، زوجة أستاذ اللغة الفرنسية، اللذين هما معا من أصل يهودي.. فقد أوضحت مرارا أنها ستشكوهم للمدير إذا استمروا على هذه التصرفات…
ورغم أن هذه الأستاذة كانت تلتزم حدود الحشمة في هندامها، فإن حركاتها الأنثوية كانت مغرية كذلك… ونظرا لمعرفتها للغة العربية التي لم تتكلم بها أبدا أمامنا، فإن وجهها كان يحمر عندما تسمع كلاما بذيئا بالعربية… وكان يبدو عليها الخجل والامتعاض من تصرفات التلاميذ الكبار…
ولاشك أنها شكت أمرهم لزوجها الذي حضر في يوم من الأيام وهو يستشيط غضبا وغيظا، ووجه كلمات قاسية إلى من يهمهم الأمر، وحذرهم إذا ما استمروا في طغيانهم فإنه سوف يتخذ الإجراءات اللازمة، وسوف لن يتردد في إخبار البوليس…
وكان هذا التهديد بمثابة نقطة النهاية التي وضعت حدا لفصول من الكلام الفاحش وللحركات الصبيانية التي كانت تقلق راحة معظم التلاميذ.
ويبدو أن جمعية آباء التلاميذ تكون هي الأخرى قد دخلت على الخط، لأن الفتيات الأربع اللواتي كن يدرسن معنا قد انتقلن إلى قسم مجاور، نظرا للمضايقات التي كن يعاملن بها، وللكلام الفاحش الذي كن يسمعن من حين لآخر، فتحمر خدودهن ويتقوقعن في مقاعدهن ليتحاشين النظر في وجوه التلاميذ.
لم يكن الشغب سيد الموقف داخل القسم فقط ولكن كان يبلغ أشده في ساحة الإعدادية، حيث كان التلاميذ يجدون خلال الاستراحة، الفرصة سانحة لكي يظهروا مهاراتهم في الملاكمة والجيدو والكراتي، بل كانوا يخلطون بين كل أنواع المصارعة حتى أصبحوا عبارة عن وحوش آدمية….
ونتيجة لهذا الشغب الذي طال كل الأقسام وكل المرافق داخل الثانوية فقد هشمت بعض أبواب المراحيض من طرف مجهولين… ففرضت إدارة الثانوية على تلاميذ أقسام الملاحظة بأن يؤدوا درهما واحدا من كل تلميذ، لمحاسب الثانوية وذلك من أجل إصلاح تلك الأبواب التي كسرت..
والواقع أنني كنت مستعدا للقيام بأي شيء حتى بالأشغال الشاقة، ولكن أن أؤدي درهما واحدا أو حتى نصف درهم فهذا لا يمكن …خاصة في ظروفي تلك التي نسيت معها حتى لـون القطع النقدية…
وكنت أزور الحلاق مرة كل شهرين تقريبا أي عندما أصبح لا أطيق تحمل كثافة شعري.. وكل هذا لكي لا أكون مضطرا لزيارة عمي “بالخير”… والالتماس منه تزويدي بدرهم أو درهمين اللذين يضيفهما مباشرة في كراسة الديون المفتوحة باسم والدي…
إن السنوات الأخيرة في القرية ولعنة تكرار شهادة الدروس الإبتدائية وعجز والدي أمام تحمل مصاريف أفراد العائلة، ولد لدي شعورا بتأنيب الضمير بحيث أصبحت أحس بذنب كبير وجرم عظيم عندما أضيف أي درهم في لائحة الديون… بل وأصبحت أفضل أن أموت جوعا على أن أثقل كاهل والدي بديون إضافية...( يتبع)