بعد إفلاسها، الجزائر تتخلى عن مشاريع برمجتها بطريقة “كوبيي كولي” لمحاكاة مشاريع المغرب الكبرى
عبدالقادر كتــرة
من كثرة تغلغل الحقد والحسد والغل في قلبه وكبده تجاه المملكة المغربية الشريفة، أصبح النظام العسكري الجزائري يراقب كل شاذة وفاذة في مسيرة المغرب ويحصي مشاريعه ويقتفي خطاه ويقلد تحركاته وسكناته ويسرق تراثه وينسبه إليه (موسيقى وقفطان وفخار وطبخ على سبيل المثال لا الحصر) وينهج مناهيج تعليمه (الكتب المدرسية ومحتوياتها ومقرراته وطريقة امتحاناته…) ويتبنى رجالته من علماء ومشاهير (طارق بن زياد وابن بطوطة على سبيل المثال لا الحصر) ويحاكي مسيرة ملوكه ( الدروس الحسنية ومسجد الحسن الثاني…) وحتى خطب جلالة الملك وقراراته في التدبير والتسيير (المجالس الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية والتربوية..) بل لا يتوانى عن سرقة تاريخه الذي يتجاوز العشرين قرنا في الوقت الذي لم يكن للجارة الشرقية وجود ولا يتعدى تاريخها الستون سنة…
تاه النظام الجزائري بين مختلف الأيديولوجيات الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية منذ استقلال الجزائر سنة 1962، ولم يجد طريقه إلى التقدم والتطور رغم ثروات البترول والغاز التي ملأت عائداته بعشرات المئات من ملايير الدولارات خزينة الدولة الجزائرية ذهبت جلها إلى جيوب الجنيرالات وأبنائهم في الوقت الذي كان حكامها يصفون الجزائر ب”يابان إفريقيا” وب”البلد القارة” ويروجون لفقر جيرانهم…إلى أن استفاقوا على صدمات وزلازل انهيار أسعار الذهب الأسود وانهار معه الاقتصاد الجزائري الذي يعتمد على أكثر من 90 في المائة على عائداته وثار الشارع الجزائري على حكامه وخرج بالملايين في حراك منذ فبراير 2019 وأسقط النظام وعصابته ولا زال يطالب بتنحية جميع رموزه الباقين المندسين وبالعدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة ومحاكمة ناهبي المال العام الجزائري، خاصة الجنرالات المتورطين في ذلك”..
كان حكام الجزائر ينظرون إلى المغرب ومسيرته بغيرة وعين حسود وصدموا لتطوره وسكن الغيض والحقد قلوبهم وأكبادهم وبدل التعاون والتآزر والتنسيق فضلوا العداء وتمزيق وحدته الترابية ووضع العصا في عجلة تطوره ومسيرة تقدمه، ولما فشلوا حاولوا الظهور بمظهر القوة والتفوق أمام الشعب الجزائري الذي أصبح يعاني في قوته اليومي، وذلك بمعاكسته وبتقليد مشاريعه الكبرى بدءا بمعلمة الصرح العظيم “مسجد الحسن الثاني ، مرورا بالموانئ والمطارات والقطارات والطائرات، والملاعب الرياضية ومعامل السيارات (رونو على سبيل المثال) ، والمناطق الحرة ، و محطات توليد الطاقة الشمسية (نور ورزازات والعركوب بالداخلة ونور العيون ونور بوجدور…) وفروع أبناك في البلدان الافريقية ومشروع خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا…..(على سبيل المثال لا الحصر) لكن الصدمة القوية تلك التي تتعلق بإطلاق قمرين صناعيين (محمد السادس أ وب) لتعزيز قدرات المملكة المغرب الأمنية والاستخباراتية.
عجز النظام الجزائري عن محاكاة المشاريع المغربية العملاقة وعجز عن مسايرة مسيرته واللحاق به رغم إمكانياته الضخمة كما عجز عن إيقاف انطلاق قطار تطوره وتكسرت عِصِيُّهُ (جمع عصا) وسط قضبان عجلاته الفولاذية، فتوقفت أنفاسه وأعاد مراجعة مشاريعه التي برمجها لمنافسة جاره الغربي ومعاكسته والظهور بمظهر القوي وطبل لها وغنى عليها وخصص لها مقالات من المدح والإشهار عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة…، لكن صدم لانهيار كلّ أحلامه وأوهامه.
أقر وزير الطاقة الجزائري عبد المجيد عطار بفشل مشروع الطاقة الشمسية الجزائري “ديزرتك” (الذي أراد به النظام الجزائري منافسة محطة الطاقة الشمسية الأكبر في العالم “نور” بورزازات)، وأعلن، خلال هذا الشهر” “أن المشروع جمّد ولم يعد مطروحا اليوم للنقاش وأنهى الجدل الحاصل الذي فتحه وزير المناجم محمد عرقاب، الذي حمل حقيبة الطاقة في حكومة جراد الأولى، وأعلن قبل أشهر عن عودة قريبة لـ”ديزرتك” بصيغة جديدة وحلة مختلفة عن المشروع الذي طرح قبل سنوات، واستحوذت عليه الجارة المغرب”.
وكلف جامع الجزائر الأعظم أكثر من 6 ملايير دولار بعد أن خصص له منذ 2005 إلى غاية 2008، ميزانية قدرها 1.4 مليار دولار اتشييده، وارتفعت القيمة لتناهز 2 مليار دولار بعدما تم ضخ المزيد من الأموال بأمر من الرئيس المخلوع بوتفليقة.
وفكرة بناء صرح ديني وحضاري، جاءت لمضاهاة مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء ويشبه جامع القرويين في فاس المغربية، وكان يتمنى الرئيس المخلوع أن يدشنه بعد خمس سنوات لكن استغرق بناؤه أكثر من 10 سنوات حيث أعلن الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون تدشينه يوم فاتح نونبر المقبل الذي يخلد ذكرى اندلاع ثورة فاتح نونبر ويم الاستفتاء على الدستور الجديد.
الجزائر تقرر إطلاق قمرين صناعيين متعددي المهام من قاعدة بالصين يوفران خدمات الإنترنت والاتصالات (!!!) على غرار ما قام به المغرب. لكن يتميز القمران الصناعيان المغربيان بقدرتهما على خدمة أهداف مدنية وعسكرية، ويتم استعمالهما لأغراض المراقبة المجالية، حيث يستطيعان إنتاج صور ذات جودة عالية جدا لمواقع استراتيجية، خصوصا مراقبة الحدود.
وأعلنت الجزائر، خلال غشت الماضي، عن فشل مشروع “كبير” للاستثمار الفرنسي في الجزائر بعد ست سنوات فقط من بداية النشاط، ويتجه نحو التوقف التدريجي.
مؤسسة “رونو الجزائر” قررت تسريح ما بين 400 و800 عامل من مجموع ألف و200 عامل، يشكلون تعداد فريق العمل الذي ينشط على مستوى مصنع تركيب السيارات بوادي تليلات بالقرب من وهران بالغرب الجزائري، والسبب المصاعب التي يعاني منها.
فقد أكد وزير الخارجية الفرنسي حينها، لوران فابيوس، في ندوة صحفية بالجزائر، أن مصنع وهران لن يبيع منتوجه خارج الجزائر، عكس مصنع المغرب، بحجة أن ذلك يؤثر على اليد العاملة في فرنسا (…)، يضاف إلى ذلك نسبة الاندماج التي لم تتعد السبعة بالمائة وفق مختصين، بالرغم من أن دفتر الشروط يتحدث عن نسبة خمسين بالمائة في خمس سنوات، وهذا كله يعتبر إهانة للجزائريين..
وتعرف الجزائر أزمة حادة ونقصا رهيبا في السيولة المالية بالمؤسسات المالية قبيل عطلة عيد الأضحى، بعد أن انتقلت من البنوك إلى مكاتب البريد المنتشرة في مختلف أنحاء البلاد.
وأظهرت مقاطع فيديو تداولها ناشطون على موقع فيسبوك مبيت العديد من المواطنين ليلاً أمام مكاتب البريد قبيل عيد الأضحى، للحصول على مراكز متقدمة، تسمح لهم بسحب الرواتب والمعاشات، كما أظهرت مقاطع أخرى تدافع مواطنين عند فتح أبواب المراكز، متجاوزين كل إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، ما خلف جرحى، خاصة وسط كبار السن.
أزمة غير مسبوقة أكدتها أرقام صادرة عن البنك المركزي ، هذا النظام الذي أعلن عن نيته فتح فروع بنكية جزائرية بالعديد من دول إفريقيا لمنافسة الأبناك المغربية المصنفة في العشر الأوائل إفريقيا (أليس هذا يدعو إلى السخرية؟ فكيف لبلد لا يتوفر على سيولة مالية لمواطنيه يعمل على فتح بنوك في قارة ؟).
وكشف مدير الوكالة الوطنية للدراسات ومتابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية، عز الدين فريدي، بعد الحديث عن مشروع قطار فائق السرعة على غرار “تي جي في البُراق” المغربي، أن مشروع إنجاز القطار فائق السرعة TGV غير مطروح حاليا وليس من الأولويات، مشيرا إلى أن الشركة تعمل على دراسة وإنجاز خط السكة الحديدية الخاص بالهضاب العليا.
وأوضح أن مشروع إنجاز خط السكك الحديدية الفائق السرعة TGV ليس من الأولويات في الوقت الحالي ولم يتم التطرق إليه لحد الآن، موضحا أن هذا الخط الذي يسير على سرعات كبيرة تصل إلى 350 كيلومتر في الساعة ليس مطروحا في الوقت الحالي.
الأمثلة كثيرة والحديث أطول وخير ما يمكن الختام به ما قاله هشام عبود أحد المعارضين الاعلاميين الجزائريين الذي اشتغل في المخابرات الجزائرية وأسس جرائد قبل أن تتم مطاردته وملاحقته من طرف النظام العسكري الجزائري (هشام عبود هو كاتب وصحافي جزائري معارض للنظام العسكري الجزائري وصاحب محطة الأمل المغاربية التي تبث من سويسرا لاجئ بفرنسا حيث يعيش بمدينة ليل الفرنسية. ولد في 15 يونيو 1955 وتخرّج سنة 1978 من معهد العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر، وله مشوار طويل مع المنع والملاحقة ومع الصحافة والنشر بالجزائر)..، قال عن فتح الحدود بين الجزائر والمغرب، ما معناه “لا يريد النظام الجزائري فتح الحدود لسبب واحد هو منع الجزائريين من زيارة المغرب والوقوف على التقدم الذي حققه في جميع المجالات، ولا يمكن مقارنه الجزائر العاصمة بالرباط ولا بالدار البيضاء ولا بطنجة، والله لو زار الجزائريون مدينة وجدة وشاهدوا بأعينهم التقدم الحاصل وكيف صارت مدينة وجدة لقامت الثورة في الجزائر وانتفض الشارع على حكامه”…
الصورة المرفقة للمقاومين الجزائريين الملقبين ب”جماعة وجدة” التي حكمت الجزائر منذ استقلالها إلى يومنا هذا والتي بسببها قصف الاستعمار الفرنسي المدينة الألفية