انتكاسة سياسته تجاه المغرب، تدفع النظام العسكري الجزائري إلى امتهان الكذب السياسي
عبدالقادر كتــرة
قصة “أشعب الطماع” أوردها الشافعي حيث ذكر “عبث الوِلدان يومًا بأشعب فقال لهم: إن ها هنا أناسا يفرقون الحلوى – ليطردهم عنه – فتسارع الصبيان إلى ذلك، فلما رآهم مسرعين قال: لعله حق فتبعهم”.
تحضرني هذه الطرفة التي تدل على السخرية والنقد الاجتماعي الخفي، الذي يشير إلى أن هناك أناس يقومون بصناعة الأوهام والأكاذيب ثم يعملون على تصديقها، بعد أن يروها قد شاعت، وهو ما يقوم به النظام العسكري الجزائري، عبر وكالته للأنباء، من اختلاق أخبار وأحداث وتأويل تصريحات لمسؤولين أمميين وممثلين لهيئات دولية ، ثم يصدقها ويعمل على نشرها وتعميمها على أنها حقيقة، دون حياء ولا خجل ولا أخلاق، ضد المملكة المغربية الشريفة والإساءة إليها.
فشل النظام الجزائري فشلا ذريعا في معاكسة مصالح المغرب وعجز عن مجاراته في جميع المجالات وأخفق في تقسيم المملكة المغربية الشريفة وحبطت كل محاولاته في تعطيل عجلة تطوره وتقدمه وخابت مساعيه في اللحاق به، رغم الإمكانيات الهائلة والأموال الطائلة من عشرات مئات المليارات من الدولارات عائدات البترول والغاز وظفها في سياسته العدائية بجميع الطرق لاأخلاقية من ما يقارب النصف قرن من الزمان، فتلقى الصفعات تلو الصفعات والصدمات تلو الأخرى وحصد الانتكاسات، حيث بقيت المملكة الشريفة شامخة منتصبة القامة عالية الهامة، فلم تجد الجزائر “الشقيقة” بديلا عن ذلك إلا الكذب ثم الكذب وليس غير الكذب لإيذاء جاره الغربي، في محاولة لإخفاء الحقيقة والتمسك بالأوهام والأحلام ورثتها عن النظام البومدييني البغيض والحاقد…
يقول الكاتب الباحث مهدي المولى” المعروف جيدا أن السياسة هي المراوغة الزيف الكذب، والسياسي مرواغ كاذب وإذا خلقنا سياسيين لا يكذبون يعني خلقنا مجتمعا إنسانيا سليما صادقا فالسياسي الصادق يخلق شعبا صادقا والسياسي الكاذب يخلق شعبا كاذبا وهذا يعني أن السياسي الفاسد يكون في الوقت نفسه مفسدا لكل ما حوله حتى يعم إفساد الشعب كله والسياسي الصالح يكون في الوقت نفسه مصلحا لكل من حوله حتى يعم إصلاح الشعب كله”.
موقع “أفريك آزي”، نشر مؤخرا هذيانا مطولا للسفير الجزائري ببروكسيل، عمار بلاني، الذي يعد جزءا من جوقة كاملة يديرها نظام بلاده في أوروبا والذي يتعاطى فيه بشغف لتشويه المغرب ضمن أزلية ذات مضامين كريهة الرائحة، كما نشرت ذلك وكالة المغرب العربي للأنباء، ويجد الخروج الصاخب لهذا المتشدق البارع، عندما يتعلق الأمر بإيجاد المعجم الذي يخدم عدوانيته التاريخية تجاه المغرب، تفسيره في الضغط الذي مورس على بلاده خلال الأيام الأخيرة، بسبب مشاركتها الأكيدة في الاختلاس واسع النطاق للمساعدات الإنسانية الأوروبية الموجهة لمحتجزي مخيمات تندوف، والتي يتم دفع جزء منها لمصلحة الضرائب الجزائرية، بينما يقع الجزء الآخر بين أيدي قطاع الطرق التابعين لـ “البوليساريو” الذين يجوبون الصحراء بغرض السرقة والنهب.
جواب واضح وشفاف للممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، على سؤال أضحى يتكرر كل مرة إلى حد الإزعاج، من طرف بعض أعضاء البرلمان الأوروبي ذوي التوجه الراديكالي، والذين يخضعون لأجندة الجزائر العاصمة الرامية إلى بث الشك حول حكامة آليات التعاون القائم بين المملكة والتكتل.
وأوضح السيد بوريل في معرض رده أن الاتحاد الأوروبي والمغرب أبرما اتفاقا بتاريخ 19 يوليوز 2019، يتم بموجبه توسيع التفضيلات التعريفية لتشمل المنتجات القادمة من الصحراء المغربية، والتي تخضع لمراقبة السلطات الجمركية المغربية، وينص على التتبع المنتظم لوقعها من حيث التنمية المستدامة واستغلال الموارد الطبيعية.
وذكر السيد بوريل، أيضا، بأن مجلس الاتحاد الأوروبي، اعتمد في 4 مارس 2019، بروتوكولا جديدا للصيد المستدام بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، مسجلا أن تتبع هذا الاتفاق يتم بفضل الاجتماعات المنتظمة وتقارير اللجنة المشتركة، على أساس مبدأ التوزيع النسبي والعادل للعائدات على ساكنة المنطقة.
وجدد وزير الشؤون الخارجية الإيرلندي ، سيمون كوفيني ، التأكيد على موقف بلاده المتعلق بقضية الصحراء المغربية ، داعيا إلى التوصل لتسوية سياسية لهذه القضية في إطار مسلسل الأمم المتحدة.
ففي معرض رده على سؤال لنائب من بلاده حول العلاقات مع المغرب ، الذي أثارت إنجازاته البارزة في السنوات الأخيرة حفيظة أعداء الوحدة الترابية للمملكة ، خاصة بعد الإعلان عن قرب افتتاح سفارة لإيرلندا بالرباط ، أكد كوفيني أن بلاده ” تدعم المسلسل الذي تقوده الأمم المتحدة ، وجهود الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى التوصل إلى تسوية سياسية نهائية ” لقضية الصحراء.
وخلافا للقراءة المغلوطة التي قامت بها وكالة الأنباء الجزائرية، ظل جواب رئيس الدبلوماسية الأيرلندية مؤطرًا بالموقف الثابت لبلاده من قضية الصحراء والذي يتماشى تمامًا مع موقف الأمم المتحدة.
وقد نسبت وكالة الأنباء الجزائرية ، متلاعبة في ذلك بالمزدوجات والاختلاق وإخراج التصريحات من سياقها ، للوزير الأيرلندي دعم بلاده المزعوم لـ “استفتاء تقرير المصير” ، وهو خيار أقبرته الأمم المتحدة منذ فترة طويلة ، ولم يشر إليه بتاتا السيد كوفيني(و م ع) .
وفند مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان خبرا كانت نشرته وكالة الأنباء الجزائرية وطلب مسحه، في بيان شجب فيه عدم تحري الوكالة الحكومية للأخبار الدقة.
وجاء في البيان الذي تناقله جزائريون، على نطاق واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي إن مقالا نشرته وكالة الأنباء الجزائرية (APS) بالفرنسية والعربية والإنكليزية الثلاثاء 1 سبتمبر زعم أن هيئة تُدعى “مكتب جنيف لمحكمة الأمم المتحدة للمنازعات رفض شكوى من قبل مجموعة من النشطاء السياسيين الجزائريين بعد 24 ساعة من تقديمها وفحصها من قبل الضباط القانونيين بالمكتب”.
واقتبس مقال وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية من مقابلة قال إنه تم بثها قبل يومين على إذاعة مونت كارلو الدولية، من قبل شخص يزعم أنه يدعى عصام المحمدي وصفته وكالة الأنباء الجزائرية بأنه سكرتير المحكمة، وقالت عنه الهيئة الأممية إنه “لا وجود له”.
وجاء في تدوينة للهيئة الأممية على صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك أن المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل أوضح أن المقال غير صحيح. وقال إن المعلومات الواردة في المقال، التي تناقلتها على نطاق واسع وسائل إعلام أخرى في الجزائر “هي تلفيق كامل من البداية إلى النهاية”.
ثم تابع “لا توجد هيئة لحقوق الإنسان تابعة للأمم المتحدة بهذا الاسم، ولم نتمكن من تحديد أي موظف ذي صلة في الأمم المتحدة أو خبير مستقل في حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يُدعى عصام المحمدي.”
ما سبق من هذه الأمثلة ليس إلا النزر القليل من مما تنشره وكالة الأنباء الجزائرية التي فقدت مصداقيتها وشرف المهنة ولم يعد أحد يتخذها مرجعا وينقل عنها الأخبار، بحكم أنها امتهنت الكذب والزيف والتزوير والتأويل الخاطئ المقصود، حتى على شعبها، تدعمها في ذلك مجموعة من وسائل الإعلام من الجرائد المكتوبة والمسموعة والمرئية إضافة إلى مجموعة من الجرائد الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعية مع تسخير فرق من الذباب الإلكتروني….
جاء نصان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن علامات المنافق، أولهما قوله: “آية المنافق ثلاث: إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”. والنص الآخر: “أربع من كن فيه كان منافقا، ومن كانت خصلة منهن فيه كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدَعها: من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر”.
“وجاء في محكم الكتاب “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ “(صدق الله العظيم)
سيظل المغرب الرصين في جهوده، الواثق في مؤسساته وخياراته الديمقراطية، في صحرائه وستبقى الصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مستندا إلى الإجماع الوطني الراسخ حول هذه القضية المقدسة والدعم الثابت للمجتمع الدولي.