الموسم الدراسي..إغلاق الارتباك وذهبية فرصة الإصلاح!
الأستاذ منير الحردول
أمام الوضعية الوبائية غير المطمئنة بتاتا بشهادة الجميع، بما فيهم الأطباء وأصحاب القرار، ليس في المغرب وحسب، بل في كافة أرجاء المعمور، وفي ظل حالة الارتباك التي تحدثها أرقام الإصابات اليومية، وما يصاحب ذلك من تناسل أعداد المخالطين ومخالطي المخالطين وصعوبة حصرهم، بدأت تلوح في الأفق بعض الأسئلة المشروعة والتي تنصب كلها في مدى قدرة المدارس المغربية على التأقلم مع واقع وبائي يستعد العالم فيه لموجة ثانية من الفيروس، في فصول موسمية(الخريف والشتاء) صعبة للغاية ومبهمة من حيث التوقعات المرتبطة بتفشي الفيروس وسرعة انتقاله والقدرة على محاصرته والتحكم في مساره، أمام الحركات السكانية التي غالبا ما تكون متهورة!
فإغلاق بعض المدارس هنا وهناك، بسبب ظهور إصابات في صفوف الأطر التربوية أو الإدارية أو التلاميذ، مع ما يترتب عن هذا الإغلاق من غياب لتكافؤ الفرص بين من أجبروا على التعيلم عن بعد، أو فرض عليهم الواقع التعليم الحضوري، من الأمور التي لا تستقيم مع عالم التربية الذي يتطلب السكينة والطمأنينة النفسية والجسدية للناشئة أولا، والأسر ثانيا، وللمنظومة ككل ثالثا!
إذ،حبذا لو تم فتح حوار شامل في ظل وضعية وبائية غير مستقرة، ومقبلة على الموجة الثانية للجائحة، والتي ربما تم الدخول إليها عالميا وليس في المغرب فحسب، وذلك بغية إعادة النظر في مقاربة الاختيار من خال تنقيحها، أو إعادة النظر فيها. فزحف الوباء بهذا الشكل وفي ظل استعداد العالم للدخول للأخطر، يتطلب يقظة دائمة في كل المجالات، فالحياة الدنيوية واحدة في نهاية المطاف، وأما الحياة المدرسية فهي مستمرة رغم كل العقبات!
كما أن التدابير المتخذة في مجال الدخول المدرسي أظهرت حقيقة يريد الكثير التغاضي عنها، رغم أني أظن أنها جوهر بداية الإصلاح الحقيقي لقطاع التعليم المدرسي بكل مستوياته.
ولعل نظام الأفواج على أساس 20 تلميذ كحد أقصى داخل الفصول الدراسية، مع تعديل مرن للزمن المدرسي، و بداية مأسسة الاهتمام بالتعليم الذاتي، بداية للإصلاح الحقيقي.
أما وبقاء التهليل والتصفيق للمدافعين باستماتة عن المحفظة الثقيلة، وكثافة الحصص، والزمن العقوبة، والأمراض النفسية المرتبطة به المولدة للنفور من مصطلح مدرسة، والتركيز على هيئة التدريس باعتبارها تبحث عن الراحة المفترى عليها! نقول لهم ماذا حقق هذا النهج بعد سنوات طويلة!
فجوائح الأزمات قد تخلق فرصا للإصلاحات، في هذا القطاع، الذي أنهكته التقارير التي تشخص أوضاعه على كل الجبهات والجهات، فنهج مقاربة التفويج الدائم لوضع حد للاكتظاظ المشؤوم، مع إعادة النظر في قداسة الزمن
المدرسي الغريبة، والعمل بالتوقيت المستمر، ودعم مقاربة التعلم الذاتي المنزلي حكامة تربوية ومالية.
ولعل المناهج الكمية، والمحفظة المكدسة، ورتابة زمن ممل ومرهق بعيد عن وجدان الحياة المدرسية، أرهق الكل، والنتائج يجيب عليها الواقع، هذا الواقع يحاول البعض طمسه بمظاهر خداعة، لا تليق بعالم إسمه تربية التربية!!
أنظروا إذن لنسب الهدر والانحراف، ومراتبنا التربوية والتنموية في مؤشرات التنمية البشرية السنوية! مؤسف عندما يواجه الفكر بعبارة، قم بعملك فقط واصمت!
فزحف كورونا بهذا الشكل، والفصول الباردة تطل على الأبواب، وسماع الإصابات هنا وهناك بين التلاميذ والأطر التربوية والإدارية، وإغلاق بعض المدارس هنا وهناك، وتحويل بعض الفصول للدراسة عن بعد في مقابل ترك البعض في التعليم الحضوري، هو ارتباك كبير وثقل يزيد من تعب الجميع، من أسر وسلطات صحية وأمنية.
مقاربة الاختيار، ربما حان الوقت لإعادة النظر فيها، في ظل حالة وبائية غير مطمئنة تماما.
فيا عقل، الحياة المدرسية مستمرة، لكن سلامة السفينة جوهر سلامة الجميع!
كما أن هناك معضلة أخرى ستواجه التدابير الاحترازية الصارمة في المداس بحلول فصلي الشتاء والخريف، فالتهوية تقتضي ترك النوافذ مفتوحة، لكن فتحها في هاته الفصول يعني إصابة الجميع بنزلات البرد القاسية والأمراض المصاحبة لهذه النزلات والتي قد تنتقل لمرحلة الخطر! التفكير في هذه المعضلة من الآن في ظل بنية فصلية يعلمها الجميع، يعد حكمة استباقية احترازية!
لذا، فمقاربة المقارنة بين بلادنا وبلدان متقدمة، كفرنسا أو السويد أو ألمانيا أو.. في الإجراءات أو القرارت التي تتخذ في بعض القطاعات من الأمور التي لا تستقيم!
المقارنة العاقلة البعيدة عن التقليد الأعمى، عليها أن تكون شمولية وليس انتقائية.
الشكل ليس هو الجوهر، فالانظمة الصحية والإجتماعية والتربوية لهذه البلدان صلبة، على العكس تماما بالنسبة لبلدنا.
فكثرة الكلام وتغطية أشعة الشمس بالغربال لم تعد نافعة لأحد!
الوطن في الفترات الحرجة، يحتاج للصراح، ولمن له القدرة على سماع هذه الصراحة، وتحمل ألمها، لا التمادي في الصباغة في جو شديد الرطوبة، جو لا تنفع معه الصباغة، مهما كانت قوية