معاناة الازواج من مسطرة اهمال الاسرة في زمن كورونا
ذة.سليمة فراجي
المقال يخاطب المشرع ولا يهم القضاء الذي لا يكون مطالبا سوى بتطبيق القانون
لما يصبح هاجس اداء النفقة كابوسا مخيفا يهدد بالعقوبة السالبة للحرية رغم حالة العسر البين
لا احد يجادل في قدسية الاسرة وضرورة حمايتها خصوصا ان الاطفال يستحقون النفقة اعتبارا لعجزهم عن المطالبة بها ،لذلك نصت المادة 202 من مدونة الاسرة على ان مجرد التوقف عن اداء نفقتهم من الاب او الام لمدة اقصاها شهر دون عذر مقبول يشكل جنحة اهمال الاسرة المنصوص عليها وعلى عقوبتها في المواد من 479 الى 483 من القانون الجنائي
ولكن لا احد يجادل في قاعدة لا يضار والد بولده
في عز الازمة الخانقة التي تفاقمت بسبب تفشي الوباء او حتى قبل الوباء ، قد نعاين في ردهات المحاكم او مكاتب المحامين حالة مياوم او نادل او اي حرفي او صانع تقليدي تضرر من توقف مشغله عن اداء اجره او عجز عن ايجاد فرص الشغل رغم استماتته في البحث عن اي شيء يسد الرمق ولا يستفيد من اي دخل او دعم ، ورغم ذلك يواجه بمقتضيات الفصل 480 وبالعقوبة السالبة للحرية في حقه بسبب عسره وعدم ادائه للنفقة
صحيح ان المشرع المغربي ورغبة منه في حماية الاسرة تناول جريمة اهمال الاسرة في اطار زجري ، وقرر لهذه الجريمة عقوبة جنحية هي الحبس من شهر الى سنة وغرامة من 200 الى 2000 درهم ،ولم يتناولها في مدونة الاسرة ، حماية للاسرة ، لكن اذا كان تحقق جريمة اهمال الاسرة مشروط بصدور حكم نهائي او قابل للتنفيذ في مواجهة المحكوم عليه وامتناعه عن الانفاق ، فان العنصر المعنوي للجريمة يتمحور حول الامساك العمدي عن دفع النفقة ،اي يتوجه قصد المحكوم عليه الى الامتناع عن الاداء تعسفا رغم يسره و قدرته على الاداء .
لكن يلاحظ انه رغم عسر المحكوم عليه البين و وضعيته المزرية وعدم توفره على اية فرصة للشغل وكسب قوت اليوم يواجه بالعقوبة السالبة للحرية ، بل بعض المعسرين يستعدون لفترة الاعتقال باستسلام واحباط كبير !
الاكثر من ذلك احيانا تكون الزوجة او المطلقة موسرة ولكن الاب هو المطالب بالاداء رغم عسره ، طبعا العسر في هذه الحالة يعني الفقر المدقع ، رغم كون المدونة لم تعد تعتبر الزوج وحده المكلف بالنفقة على الابناء على اعتبار ان المادة 199 من مدونة الاسرة توجب النفقة على الام ايضا اذا كانت موسرة وكان الاب معسرا . لكن اذا كان الزوج معسرا رغم كون التجريم مشروط بتوفر العنصر المعنوي فانه سيكون مواجها بالاعتقال وقضاء العقوبة الحبسية المقررة
مسكين هذا المعسر ، كان طفلا و شابا يحلم بمستقبل زاهر و زوجة وابناء واسرة سعيدة ، لكن لم يكن يعلم ان عسره وضيق ذات يده قد يقوداه ممن اعتبرهم اهلا واحباء الى السجن !
اظن انه حان الوقت لتدخل المشرع من اجل رفع التجريم والعقوبة الحبسية عن المعسرين من يعانون في صمت ولا حيلة لهم سوى قضاء العقوبة الحبسية في حالة العسر وعدم التمكن من اداء مبالغ النفقة .
للاشارة فان صندوق التكافل الذي كان محل شعارات رنانة ،لم يشف الغليل ولم يحد من اشكالية اهمال الاسرة ،
قد يقول قائل لماذا تزوج ولماذا انجب ولماذا طلق ؟ لكن لكل ظروفه ومشاكله وقد يكون موسرا لكن نوائب الدهر قد تصيب من كان قويا وان شبح البطالة وفقدان الشغل في ظل الازمات يهدد اي استقرار ، وبالتالي يجب ان يلتفت المشرع الى شريحة من المعذبين في الارض !
سليمة فراجي ذة.
برلمانية سابقا.