زحف وباء كورونا على المغرب والبروتوكول الصحي..هل هناك خلل!؟
الأستاذ منير الحردول
أمام الزحف المخيف للوباء وتناسل الإصابات المؤكدة بالفيروس المستجد، وما يصاحب ذلك من صعوبة في حصر أعداد المخاطين الذي أصبحت طريقة مراقبتهم تزداد صعوبة يوما بعد يوم، وفي ظل بروتوكول صحي أجاز العلاج في المنازل مقابل التزام كتابي بالحجر المنزلي! هذا البروتوكول يبدو أنه أساء التقدير بحكم عدم ضمان الالتزام به من قبل المصابين بالفيروس، وهو ما يفسر تزايد الإصابات اليومية التي بدأت تتخطى الثلاثة آلاف، ناهيك عن ارتفاع غير مطمئن للوفيات بهذا الوباء الذي يزداد غموضا، خصوصا بعدما شرعت دول الشمال، البلدان الأوربية في تسابق مع الزمن بغية فرض حالة الطوارئ والإغلاق والحظر من جديد، خوفا من اكتساح محتمل لموجة فيروس ثانية، قادرة على خلخلة منظومتها الصحية التي توصف بالصلبة. لذا يطرح من جديد التساؤل عن مدى فعالية استراتيجية لا زالت تتمسك بها وزارة الصحة، عنوانها السماح للمصابين بالبقاء في منازلهم، استراتيجية على ما يبدو انحرفت على مسارها بعدم التزام البعض ربما، ناهيك عن الاستهتار الواضح للجميع من حيث الالتزام بمختلف الإجراءات الصحية الصارمة التي أصبحت تميل للعادية عند غالبية من لا يبالي بخطر قد يعصف بالجميع! إذ بدأ يظهر جليا الضغط الكبير على الصفوف الأمامية التي تسهر ليل نهار على التصدى لهذه الجائحة التي يجهل لحد الآن المسار الذي سوف تتخذه مستقبلا، في ظل غياب دواء فعال أو علاج ناجع، رغم سماعنا لأخبار مثيرة متواترة هنا وهناك، حول التوصل للقاحات واعدة، لكن غير مضمونة العواقب مستقبلا على جسم الإنسان الهش!
وفي ظل اتساع رقعة الإصابات التي بدأت تخيف العامة وتربك الأسر أفراد وجماعات ، زد على ذلك الضغط المستمر على الاقتصاد وقطاعات بعينها، كالصحة والأمن والسلطات الداخلية التي تعمل جاهدة على محاصرة الوباء، في ظل وضع اتسم برفع كلي للحجر الصحي على كافة ربوع التراب الوطني، وما صاحب ذلك بالسماح بالتنقل بين المدن والأقاليم والجهات، وعودة الحركية لأغلب الأنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية، لكن ليس بالدينامية المعروفة و المعهودة سابقا.
وأمام هذه الإكراهات والإرغامات المختلفة التي أصبحت تواجه الدولة، وكيفية التوفيق بين وقف زحف الوباء القاتل، والسماح باستمرار دوران عجلة الاقتصاد المتعثر، لتفادي الكثير من المآسي الإجتماعية المرتبطة بالإغلاق التام، كالحاجة، والفقر، وقلة ذات اليد، وانعدام الدخل، وغيرها من أحزان الجوع والخصاص المادي والمعنوي المتعدد الاتجاهات والأبعاد.
فحبذا لو فكرت الدولة في مراجعة البروتوكول الصحي الجديد الذي يوصف بالبديل عن ارتفاع حالات الإصابات، وتعويضه باللجوء لردة فعل عنوانها بداية فرض حظر للتجول الدوري، لمدة محددة على المناطق الموبوءة لمدة 15 يوما قابلة للتجديد، لكن بعد تنظيم محكم، وتزويد جميع الأسر والأفراد بالحاجيات الغذائية والطبية الضرورية، للمكوث في منازلهم في فترة الحجر الحظري، مع الاعفاء من واجب آداء فاتورتي الماء والكهرباء في هذه الفترة، مع التوعية القبلية لهذه الإجراءات، بواسطة الآلة الإعلامية الرسمية للاستعداد لتقبل هذا النوع من الإقامة الجبرية، كحل موضوعي قادر حلى محاصرة الفيروس، وضبط المصابين، وسهولة الوصول إليهم، في فترة الحظر الشامل، هذا الحظر رغم صعوبته، لكن من المحتمل أن يساهم في لجم بعض مظاهر الاستهتار بالإجراءات الاحترازية العديدة، في المقابل يسمح بعودة الأنشطة الاقتصادية والخدماتية المتنوعة للحياة ،مادامت مدة هذا الحظر قصيرة، على أن يطبق هذا النوع من الحظر المتشدد فقط على المناطق التي تعرف إصابات كبيرة، وحتى إن تم تعميمه على كامل المناطق مدة محددة في9 أيام أو 15يوم، وهي المدة التي تجمع بين حضانة الفيروس وظهور أعراضه النهائية.
ولعل تجربة حظر التجول ولمدة قصيرة سيكون مناسبا وغير مكلفا، لكن وبدون شك سيكون متعبة جدا للأجهزة الأمنية والعسكرية والطبية، بل وتحتاج لتصميم، وتخطيط، وتدقيق، وانتشار، لضبط هذا الاستهتار، وفي حالة تكللت هذه الاستراتيجية بالنجاح، ستكون سابقة للبلاد، ومفخرة للعباد والوطن، ومن المحتمل جدا أن يكبح زحف هذا الوباء، خصوصا ونحن أمام فصل أو فصول ستختلط فيها الأمور، بين الزكام العادي، ونزلات البرد، وفيروس، لا زال غامضا في كل شيء!