ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: مولاي أحمد بوعتان الفجيجي (1927-2009) – الحلقة 69
بدر المقري
لعل أحسن ما أدبج به التعريف بمناقب مولاي أحمد بوعتان الفجيجي يرحمه الله، هو حديث رسول الله صلى الله عليه و آله سلم: «إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته، علماً علّمه ونشره، أو ولداً صالحاً تركه، أو مصحفاً ورَّثه، أو مسجداً بناه، أو بيتاً بناه لابن السبيل، أو نهراً أجراه، أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته، وتلحقه من بعد موته».
فلا تزال راسخة في ذهني صورة مولاي أحمد بوعتان في (مكتبة الإخوان)، التي فتح أبوابها في فضاء متميز بمدينة وجدة، سنة 1960. فهي توجد في الطريق التي تصل (الجوطية) بحي (كودان) أو (بودير) ، مرورا بحمام (بوسيف)، ثم حمام (بن باجي) المعروف عند العامة بحمام (بلاباجي) ، ثم (الگارة) في (طريق الدار البيضاء).
و لعل الصورة النمطية التي تشكلت لمولاي أحمد بوعتان في مكتبته، هي أنه إن لم تلهه المعاملات التجارية مع الزبناء، فإن ما كان يشغل باله على الدوام، هو تلاوة القرآن الكريم. فلا يزال دأبه حاملا مصحفا شريفا يقرأ فيه، أو متمتما يراجع ما حفظه من آيات الذكر الحكيم.
و قد جعل مولاي أحمد بوعتان من مكتبته ناديا متميزا يجتمع فيه ثلة من مثقفي أهل (فگيگ)، و على الأخص منهم رجال التربية و التعليم. و لست مغاليا البتة إذا اعتبرت (مكتبة الإخوان)، بوابة انفتح من خلالها أهل الثقافة بوجدة، أيا كانت أعمارهم و أطيافهم، على مستجدات الحركة الثقافية في العالم العربي و الإسلامي لمدة تقارب نصف قرن (1960-2009).
ففيها اكتشف أهل الحرقة على المطالعة كتب طه حسين و المنفلوطي و محمود شاكر و العقاد و عبد الله گنون و علال الفاسي و أبي بكر القادري، و دوريات (العربي) و (روز اليوسف) و (الشهاب) و (الإيمان) و(الثقافة المغربية) و (المناهل) و (لاماليف) و (الدوحة) و مختلف المجلات العراقية، و جرائد (التحرير) و (المحرر) و (العلم) و (الأهداف)، على شاكلة خاصة.
و لما كانت كل سيرة موضوعية تتقاطع مع السيرة الذاتية، فلعل في ذلك ما يكون فيه المفضى إلى البوح الآتي: « أشرعت مكتبة مولاي أحمد بوعتان بابي على الحياة، لما اقتنى لي أبي يرحمه الله في صباي، قصة من سلسلة قصص محمد عطية الأبراشي (1897-1981) الخاصة بالأطفال بثمن 10 سنتيم».
و قد توفي مولاي أحمد بوعتان يرحمه الله بمدينة وجدة، في ماي 2009.