لخضر بورقعة.. لا يمكن استرجاع مسار الثورة الجزائرية إلا باستعادة بعدها المغاربي
بقلم .. عمر الطيبي
بعد عمر حافل بالكفاح المسلح في إطار جيش التحرير الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، موصولا بالنضال السياسي المرير ضد النظام العسكري الذي أقامته ” جماعة وجدة ” بقيادة الثنائي بومدين – بوتفليقة وتواطء ضباط فرنسا من أصول جزائرية، اسلم المجاهد الجزائري-المغاربي الرائد لخضر بورقعة امس الأربعاء الروح لباريها جراء إصابته بفيروس كورونا بعد عمر حافل ناهز 87 سنة.
لقد ظل المناضل لخضر بورقعة، أو عمي لخضر، كما يحلو لشباب الحراك مناداته، قابضا على جمر النضال التحرري الديموقراطي على امتداد الستين سنة الماضية، وذلك بعدما تأكد من سرقة الثورة من طرف الجماعة إياها ومن طرف أنصارها المدسوسين من ” حزب فرنسا”، وبعدما عاين عن قرب تصفية قادة الثورة الحقيقيين ومطاردتهم عبر إنحاء العالم والتنكيل بهم واغتيال الكثيرين منهم.
لم يثن لخضر بورقعة عن مواصلة النضال من أجل تصحيح مسار الثورة الوطنية واستعادة مبادئها التحررية، وبعدها المغاربي الأصيل، لا القمع ولا التعذيب ولا التنكيل والتشهير، حيث قضى ما يزيد عن ثماني سنوات في زنازين هواري بومدين بعد اتهامه زورا وبهتانا بالمشاركة في ما سمي بمؤامرة العقيد الطاهر الزبيري، وتجدد اعتقاله مرة اخرى في عهد الشاذلي بن جديد، وايضا خلال العشرية السوداء تحت امرة جنرالات فرنسا نزار والعماري وتوفيق والتواتي ورهطهم، ثم أخيرا في ظل حكم الجنرال قايد صالح حيث قضى نحو سبعة شهور في سجون العسكر.
لقد حرص المجاهد بورقعة خلال مساره النضالي المديد على عدم الفصل بين استرجاع روح الثورة الجزائرية ومبادئها الأساسية وبين استعادة بعدها الوحدوي المغاربي، وهو لم يفتا في هذا الصدد يذكر بأن عدد المتطوعين المغاربة في صفوف الثورة الجزائرية العاملين تحت امرته في حدود الدائرة الثانية للولاية الرابعة (الجزائر العاصمة) وحدها، تجاوز رقم العشرين مجاهدا !!
ويرى أنه في هذه الأثناء التي كان فيها المجاهدون المغاربة يشاركون اخوانهم الجزائريين التضحيات في مختلف دوائر وولايات الكفاح على أرض الجزائر، كان الشغل الشاغل لجماعة وجدة وحلفاءها من ضباط الجيش الفرنسي هو الأعداد لسرقة الثورة والاستيلاء على السلطة عن طريق الاغتيالات وتدبير المؤامرات التي انتهت بتسخير جيش الحدود (مع المغرب وتونس) للقضاء على جيش التحرير الوطني في الداخل، ومن تم التنكر للبعد الوحدوي المغاربي للثورة.
في الختام لا شك أن المجاهد لخضر بورقعة قد تفوق في الوفاء لدماء الشهداء وصيانة روح الثورة الجزائرية مع التذكير ببعدها الوحدوي المغاربي وذلك من خلال الرسائل والوصايا التي تركها لشباب الحراك، وعلى من كان عنده شك في ذلك أن يصيخ السمع جيدا للشعارات التي رددها الشباب خلال تشييع جثمانه الطاهر إلى ماواه الاخير في مقبرة الشهداء بالجزائر العاصمة.