وصفات سحرية للعجز الجنسي بخليط الفياكرا بأعشاب من ابتكار مشعوذين
لقد أصبح العديد من الممارسين لهذه المهنة “العشابة” يَدَّعون معرفتهم بعلم الأعشاب واختلط على المواطن القليل من العشابين بالعديد من المشعوذين ومنهم كذلك “العطارة”، وامتلأ السوق بأدوية يؤكد أصحابها على أصلها من الأعشاب وتباع بوصفات وبدونها وتعالج جميع الأدواء وجميع الحالات النفسية منها والعقلية، الجسدية والروحية في غياب توعية نسبة كبيرة الأميين السذج من المواطنين الذين يلجؤون إليها وفي غياب قوانين منظمة لمهنة العشابة رغم خطورتها بحيث تتعلق مباشرة بصحة المواطن وتزاحم الطب الحديث وترسخ ممارسات تقليدية متخلفة.
وصفات سحرية للعجز الجنسي بخليط الفياكرا بأعشاب من ابتكار مشعوذين
عبدالقادر كتــرة
أصبح لهم “كارت فيزيت” وأصبح يُخَصَّص لهم حيز تعريفي على صفحات الجرائد المحلية ومنهم من يتوفر على شواهد تثبت متابعته لدراسات جامعية ومختصة ولهم مكاتب داخل محلاتهم التي تشبه الصيدليات حيث تصفف “فيترينات” تعرض فيها علب مختلفة الأنواع والأشكال وقنينات مملوءة بسوائل متنوعة الأحجام والألوان. يرتدي بدلته البيضاء وينصت وراء الطاولة لزبونه بصبر الطبيب ويتحرك داخل المحل بخفة الصيدلي.
تصطف حوانيت “العشابين” بساحة سيدي عبدالوهاب وتستقبل العديد من المواطنين من مختلف الأعمار والجنسين، شابات وشبان من العزاب وزوجات وأزواج من المتزوجين على اختلاف أعمارهم من مختلف شرائح المجتمع يطلبون ما يرغبون فيه ويعرفون بالأسماء ما جاؤوا من أجله.
لا يسع “العشاب” أو “العطار” إلا أن يمتثل للأمر ويزن الثمين بالغرام والرخيص بعشراته ويبيع الأول بمئات الدراهم والثاني بعشراته ويملأ كيسا من البلاستيك ويناوله الراغب في صمت ولا يتكلم إلا إذا طُلب منه ذلك كأنه يريد أن يحافظ على سِرّ أو يتجنب السؤال كي يتستر على عيب…
ومن “العشابين” من يجمع حوله حلقة من الناس ويشرح لهم جميع الأمراض المستعصية على الطب الحديث قبل أن يعرض عليهم أدوية غير موجودة في أي صيدلية ولا معروفة عند أي عشاب حيث قام هو بصنعها في مختبره الخاص بمواد جلبها من أقصى البقاع وحولها إلى بلسم شاف لكل الأدواء…
تعرض أنواع “الأعشاب” والمواد التي لها علاقة بالتداوي بالأعشاب أو لأغراض أخرى يعرف تركيبتها ومقاصدها مُقتنيها. وتشبه “المعشبة” حديقة من الأزهار والنباتات اليابسة تقدم جميع الأعشاب الخاصة بمعالجة أنواع أمراض أجهزة الإنسان بدءا بالجهاز التنفسي مرورا بالجهاز الهضمي وانتهاء بالجهاز التناسلي والعجز الجنسي دون الحديث عن الأمراض الخاصة بالرضع والأطفال الرافضين للرضاعة والأكل أو الذين هجرهم النوم أو كثيري الصراخ…
فتجد من الأعشاب المعروفة وغير المعروفة من “الزعتر” و”فلييو” و”لخزامة” و”لويزة” و”أزير” و”النافع” و”الحلبة” و”النونخة” و”الشيح” و”الفيجل” وقشور الرمان وقشور البرتقال… وأخرى خطيرة “الخرخاشة” لنوم الأطفال و”تاكاوت” لتقوية الشعر و”بَرَّزتم” لعلاج السرطان و”الورد” ضد الإمساك وانقباض البطن…إلى جانب انواع “اللوبان” بعيدا عن رفوف المواد السائلة وكما تجد أنواع الجلود الحيوانية المتوحشة معلقة كجلود الضبع والذئب والغزال والحيات والأفاعي والعقارب والحردون…
لقد أصبح العديد من الممارسين لهذه المهنة “العشابة” يَدَّعون معرفتهم بعلم الأعشاب واختلط على المواطن القليل من العشابين بالعديد من المشعوذين ومنهم كذلك “العطارة”، وامتلأ السوق بأدوية يؤكد أصحابها على أصلها من الأعشاب وتباع بوصفات وبدونها وتعالج جميع الأدواء وجميع الحالات النفسية منها والعقلية، الجسدية والروحية في غياب توعية نسبة كبيرة الأميين السذج من المواطنين الذين يلجؤون إليها وفي غياب قوانين منظمة لمهنة العشابة رغم خطورتها بحيث تتعلق مباشرة بصحة المواطن وتزاحم الطب الحديث وترسخ ممارسات تقليدية متخلفة.
تناسلت هنا وهناك “مختبرات” سرية ببعض المدن المغربية وخاصة بوجدة والدارالبيضاء تصنع أدوية وتضعها في علب خاصة طبعت أغلفتها بالمطابع زاهية الألوان عليها أسماء جذابة وشرقية وبلدان الشرق الوسط أو الأماكن المقدسة تُحيل على الحرمين أو على مكة أو المدينة.
وتوجد بعض هذه المختبرات ببعض الأحياء بمدينة وجدة وهي عبارة عن منازل تنتج “الأدوية من الأعشاب” في غياب مراقبة صحية أو قانونية لا يمكن إلا تصنيف عملياتها في خانة النصب والاحتيال والتزوير وبيع مواد سامة تشكل خطرا على الصحة.
لقد تم القبض خلال السنوات الماضية على العديد من هؤلاء المشعوذين المتاجرين بصحة المواطنين اليائسين والمغلوبين على أمرهم وتم حجز كميات كبيرة من الأدوية المزورة تم بعثها إلى مختبرات الدارالبيضاء في شهر ماي 2000 على متن شاحنتين لكن لم يتوصل احد إلى حد الآن بنتائج المختبر تم إحصاء بالمغرب 750 من الأعشاب السامة يتداول العديد منها وسط المشعوذين والمشعوذات و”الفقها” و”الطلبا” ممن يبيعون الوهم للناس سواء داخل “عياداتهم” الخاصة أو داخل حلقات بالأسواق والساحات. هؤلاء يتوفرون على مستحضرات مختلفة ومتنوعة مجهولة من طرف المشاهد الزبون المفترض والمريض بحكم الواقع واليائس بقوة الفقر ، مستحضرات يعرضونها على زربية تحت شماسة على جانب سيارة تعطي أكثر “معرفة” للمشعوذ وأكثر “مصداقية” لحديثه.
لقد سبق لمصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية وعناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة وجدة، في أكبر عملية غير مسبوقة، مساء الثلاثاء 14 يناير2020، أن نجحت في حجز مئات الأطنان من المواد الغذائية والأعشاب المعدة والمخزنة في ظروف غير صحية، وكميات كبيرة من بضائع ومنتوجات استهلاكية من أصل أجنبي خاضعة لمبررات الأصل، فضلا عن سلع مقلدة وأخرى تحمل علامات تجارية مزيفة.
وحجزت الكميات الكبيرة من المنتوجات الغذائية والسلع الاستهلاكية داخل مستودعين يتكونان من عدة طوابق في أحد الأحياء السكنية بمدينة وجدة بمثابة “وحدة صناعية سرية”، في ظروف تنعدم فيها شروط الصحة والسلامة المفروضة في هذا النوع من المنتجات، مضيفا أنه تم ضبط معدات ميكانيكية وأخرى إلكترونية ومواد أولية تدخل في تحضير وتلفيف وتجميع هذه السلع وعرضها للتداول.
وعملت مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (المصلحة البيطرية ومصلحة مراقبة المنتجات ذات الأصل النباتي ( مصلحة قمع الغش سابقا) على حجز 500 طن من هذه المنتجات الفاسدة والخطيرة، منها المربى بجميع أنواعه، الأعشاب العطرية والمجففة ، الأدوية الصالحة لكل مرض، مواد التجميل، الزيوت المستخرجة من مواد نباتية، حبوب اللقاح، غذاء ملكات النحل، مقويات جنسية، مبيدات القمل، سوائل تنظيف الشعر، كميات كبيرة من الحليب في براميل من سعة 200 لتر لتصنيع المرهمات، مواد لتصنيع الخل، وأخطر من كلّ ما سبق إعادة تعبئة ماء زمزم في قارورات بمياه عادية…
إن العديد من المحسوبين على العشابة يقتنون حبوب “الفياكرا” المثيرة للجنس أو الفانطولين” للربو ويطحنونها ويعجنونها مع أعشاب ويعلبونها في علب جميلة تسر الناظرين واليائسين من المرضى أو الباحثين عن المتعة المفقودة وتباع بضمانة حيث يُجرِّبها المواطن ويقف على فعالية الدواء ونجاعته ولن يكتشف الخدعة وزيف العشبة ويَحلف ويقسم ويعود للمداوي…وهناك من يستعمل محلول التغذية “Sirop Duval” العادي من ماء الرمان أو النعناع الذي يضاف إلى كأس حليب أو المشروب الغازي “والماس” للنكهة” يستعمل كدواء بعد وضعه في قنينات صغيرة وتذهب إلى “سوق المرضى” الفقراء.
ومن العشابين، حسب بعض العارفين في المجال، من اتخذ بيته عيادة ويستخلص للزيارة الواحدة 100 درهم فيما تعاقد آخرون مع الشوافات أو “الفقها” بنسب مائوية تصل إلى 50 درهما للوصفة الواحدة كلما نجحت الشوافة أو “الفقيه” في اصطياد الزبون وبعثه إليه.
ورغم أن العديد من المواطنين لا يُشفى ولا يتعافى من مرضه ورغم أن العديد منهم تسوء حالته ويصاب بأضرار صحية جراء استعماله هذا الدواء أو ذاك ، رغم كل هذا لا يجرؤ المواطن لتقديم شكاية ضد العشاب أو من منحه الدواء العشبة أو حتى التعبير عن الاحتجاج والغضب.
وكشف اختصاصي الطب التكميلي البديل والأستاذ الباحث في النباتات الطبية، أمين أمواجي، أنّه “لا بد للمريض أن يمر من مرحلة أولى عبر الطب الحديث، لأنه وحده قادر على تشخيص المرض، أما الشخص الذي يعالج بالأعشاب فلا يمكنه أن يشخص المرض. بالنسبة إلى التداوي بالأعشاب، فلا يمكن لأحد أن ينكر النتائج المذهلة التي حققها، خاصة فيما يتعلق بالأمراض الوظيفية، من قبيل الأمراض الجلدية كالصدفية والاكزيما وقرحة المعدة وتساقط الشعر أو الأمراض السرطانية، وغيرها”
وأشار أمين أمواجي، إلى أنّه “لا بد للمريض أن يعرف أصل الداء والطب الحديث هو الذي يشخص المرض. بعد ذلك، يجب على المريض الذي يرغب في العلاج بالأعشاب أن يتوجه إلى مختصين و”عشابين” حقيقيين، وألا يقصد الدخلاء الذين لم يدرسوا هذا المجال من كافة جوانبه، أعتقد أن العديد من المغاربة وجدوا راحتهم في التداوي بالأعشاب، كما أنه غير مكلف من الناحية المادية مقارنة بالطب الحديث الذي قد يستنزف الكثير من ميزانيتهم”.
“مخينزة” و”راس الحانوت” و”الدغموس” مواد سامة
تضمن التقرير السنوي للمركز الوطني لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية (2014)، معطيات مثيرة حول الأعشاب التي تستعمل في العلاجات الطبية التقليدية، وذكر التقرير أسماء العديد من هذه الأعشاب القاتلة، والتي تشكل خطورة على صحة الإنسان، ومن بين هذه النباتات نجد “الدغموس”، و”الداد”، “الشيح”، “راس الحانوت”، “برزطم”، و”مخينزة”، ومخدر “المعجون”، وغيرها من الأعشاب المستعملة في العلاجات التقليدية٠
وأكد المركز في تقريره، تسجيل 254 من حالات التسمم بالأعشاب، خلال السنة الماضية، محتلة بذلك المرتبة التاسعة من أسباب التسمم بالمغرب، وفق أرقام المركز الوطني لليقظة الدوائية ومحاربة التسممات الذي حذر من مخاطر تناول هذه الأعشاب التي يروجها باعة الأعشاب. وسجل المركز، وقوع 6 وفيات، ناتجة عن أعراض جانبية مرتبطة بالاستهلاك العشوائي لبعض الأعشاب، وأغلب الضحايا من الإناث. ويحتل المعجون المستخلص من نبتة القنب الهندي “الكيف” من أكثر أسباب التسمم، حيث سجل المركز وقوع 38.58 في المائة من الحالات بسبب استهلاك مخدر المعجون، ثم أعشاب مجهولة بنسبة 14.96 في المائة.
وتسببت نبتة “الداد” في 6.29 في المائة من حالات التسمم، يليها مستخلص زيت العرعار في 3.54 في المائة، و”الداغموس” في 1.96 في المائة من الحالات٠
وسجلت أغلب الحالات بجهة مراكش تانسيفت الحوز بنسبة 27.56 في المائة، تليها جهة الرباط سلا زمور زعير (21.65 في المائة)، ثم جهة الدار البيضاء (10.63 في المائة)، ومكناس تافيلالت (9.06 في المائة)، وأخيرا فاس بولمان (7.09 في المائة).
وحذر التقرير من خطورة التداوي بالأعشاب، مشيرا إلى أن حالات التسمم المسجلة تتزايد سنة بعد أخرى، في حين تبقى أغلب الحالات غير معروفة، نظرا لعدم التبليغ عنها. وتسببت الأعشاب في وفاة 6 حالات، بمعدل 2.36 في المائة من حالات التسمم المسجلة. وسجل التقرير أنه من هذه الوفيات، كانت 4 حالات عرضية، وحالة واحدة انتحارية، وحالة بسبب الأعراض الجانبية لاستعمال بعض الأعشاب المجهولة. وبخصوص الأعشاب القاتلة، رصد التقرير تسبب نبتة “الداد” (Addad) في ثلاث حالات، ونبتة “مخينزة” (M’khinza) في حالة واحدة، ومستخلصات العرعار في حالة واحدة، وتوفيت حالة واحدة بسبب أعشاب استعملت كمواد غذائية٠
ارتفاع حالات التسمم بسبب الأعشاب والخلطات العشوائية ب50%
أعلن المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية ، عن أسباب التسمم بالمغرب خلال سنة 2017، في مقدمتها “الأدوية” التي بلغت نسبتها 24 في المائة من الحالات المقدرة بأزيد من 16 ألف حالة.
ويتمثل السبب الثاني، حسب ما أورده المركز في تقرير له، في “الأغذية” بنسبة 16 في المائة، ثم “المنتجات الغازية” بنسبة 15 في المائة، مضيفا أن معدلات حالات التسمم زادت بنسبة تتجاوز 10 في المائة مقارنة بسنة 2016.
وكشف تقرير للمركز المغربي لمحاربة التسممات واليقظة الدوائية سابق (2013)، عن ارتفاع حالات التسمم بسبب الأعشاب والخلاطات العشوائية بـ50 بالمائة مقارنة مع سنة 2013، موضحا أن هذا النوع ثامن متسبب للتسممات بالمغرب.
ويرى الكثير من الفقهاء أن تزايد الإقبال على الدجالين المشعوذين، أصبح يخترق حتى أوساط المتعلمين والمثقفين، وأن القضية تتعلق بفراغ نفسي وعاطفي وعقائدي لدى الناس، ولا ترتبط بالمستوى الاقتصادي والاجتماعي أو بالبيئة والتعليم، باعتبار أن القضية تتعلق بخلل داخل الشخص نفسه يجعله يلجأ لهذا النوع من الدجَل والشعوذة لحل المشكلات التي تواجهه في الحياة.
ويعترض الكثير من الفقهاء على خطاب الشعوذة المتسربل في لبوس الطب والخطاب الديني لعدم قيامه على قانون الأسباب والمسببات التي يعرفها العقلاء، ويقول البعض إن الدين نفسه قد دعا إلى التفكير وتحليل الظواهر والأخذ بالأسباب، باعتبار أن الأخذ بالأسباب هو سنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
وقد أدى توجه بعض المغاربة إلى استعمال خلطات ووصفات شعبية مغلفة بالخرافة إلى تسممات ووفيات، وواقع الأمور يدل على أن مرضى كثيرين يلجؤون للتداوي بالأعشاب عندما يصابون بالأمراض المستعصية والخطيرة التي ما يزال الطب عاجزاً عن علاجها، وكثيراً ما يقعون في فخ الدجالين والمشعوذين الذي يستغلون حالتهم الصحية ورغبتهم بالشفاء، ويعطونهم من الوصفات العشبية الغالية الثمن في أغلب الأحيان، ويستخدمونها على فترات زمنية طويلة، وهنا مكمن الخطر كونها قد تفوت فرصة الشفاء السريع، أو تفاقم من الحالة.