أمام الإدانة الدولية لحقوق الانسان بالجزائر، القضاء يصدر حكما مخففا على الناشط الجزائري طابو
عبدالقادر كتــرة
أمام الغضب الشعبي وإدانة المنظمات والمؤسسات الدولية لحقو الانسان بالجزائر، تراجع النظام العسكري الجزائري حيث أصدر القضاء الجزائري حكما بالسجن لمدة سنة مع وقف التنفيذ وغرامة قيمتها مئة ألف دينار (حوالى 810 دولارات) على الناشط كريم طابو، أحد أبرز وجوه الحراك الشعبي في البلاد، لإدانته بتهمة “المساس بالأمن الوطني”، وهي عقوبة مخففة نسبيا تتيح له عدم العودة إلى السجن.
وبرّأ طابو من تهمة “إحباط معنويات الجيش”، التي صدرت بحقه بعد تصريحات انتقد فيها الجيش في ماي 2019 خلال تظاهرة في خراطة شمال شرق، أحد معاقل الحراك الاحتجاجي المناهض للنظام، والذي سبق له أن صرح خلال محاكمته “يؤلمني أن أسمع هذه التهم: إحباط معنويات الجيش، والمساس بالوحدة الوطنية، أنا من تعلمت السياسة من رجال مثل حسين آيت أحمد”، أحد القادة التاريخيين للاستقلال والذي تحول إلى معارض اشتراكي للنظام.
الناشط السياسي كريم طابو رئيس حزب “الاتحاد الديموقراطي والاجتماعي” الصغير المعارض غير المرخّص، وهو أحد الوجوه المعروفة في الحراك وغالبا ما رفعت صور كريم طابو خلال التظاهرات الأسبوعية التي كانت تنظم ضد السلطة في الجزائر الى حين تعليقها في مارس الماضي بسبب الأزمة الصحية.
وتعرض الناشط الجزائري لانتهاكات حقوقه وتعرض للعنف والضرب والشتم في مخفر جهاز المخابرات خلال التحقيقات، وأدانت هيئة دفاعه استمرار هذه الممارسات غير قانونية من قبل الأجهزة الأمنية في عهد يوصف بأنه عهد “الجزائر الجديدة”.
وقال طابو، خلال جلسة محاكمته في محكمة سيدي امحمد وسط العاصمة الجزائرية، حسب جريدة “العربي الجديد” : “إنه تعرض للضرب والعنف بقسوة في مركز تابع لجهاز المخابرات يعرف في الجزائر بـ”مركز عنتر”، وأكد أنه يعيش في السجن في ظروف قاسية، وقال: “لا أعيش كالبشر، أقضي 22 ساعة في زنزانة انفرادية خلال 24 ساعة”، مشيرا إلى أنه تم الإفراج عنه في أكتوبر الماضي ليوم واحد قبل أن “تتم إعادة اختطافه مرة أخرى”.
وهي المرة الثانية، وفي ظرف أسبوع، التي يتم فيها الكشف خلال محاكمات في الجزائر عن ممارسة أجهزة أمنية ومحققين للتعذيب في مخافر الأمن في حق موقوفين، بعد تصريحات متهمين في قضية فساد حول تعرضهم للتعذيب والصعق بالكهرباء لانتزاع معلومات واعترافات تستهدف توريط خالد تبون، نجل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
“وكشف طابو، الذي حوكم بتهمة إهانة الجيش وتهديد الوحدة الوطنية، أن جهاز المخابرات حاول مساومته بالترشح للانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في 12 دجنبر الماضي، كما فعل المرشح الرئاسي في تونس نبيل القروي والذي كان مسجوناً أيضاً. وقال للقاضية: “في التحقيق قيل لي هل سمعت بحكاية نبيل القروي الذي انتقل للدور الثاني وهو في السجن. فأجبتهم “بأني ما نبيع ما نشري، ولن أشارك في الانتخابات، ثم جاء شخص آخر وعاملني بعنف، ذهبت لقاضي التحقيق ويداي قد أصبحتا زرقاوين من العنف الذي مورس عليّ، وأتحدى وزير العدل بفتح تحقيق في الأمر”.
ورفض طابو، حسب نفس المصدر، تهماً سياسية وجهت إليه بإهانة الجيش، وقال للقاضية: “احترام الجيش والمؤسسات الأمنية شيء طبيعي، وكلنا نملك أفراداً من عائلتنا في الجيش وفي المؤسسات الأمنية، لكن أنا سياسي أرفض أن أكون مثمناً للخطابات، بطبيعتي أنا شخص أنتقد، ومن حقي أن أنتقد قرارات قائد الجيش الراحل أحمد قايد صالح”، مضيفاً: “أنا تعلمت عدم استعمال العنف في نضالي السياسي، حتى عندما كان الرصاص الحي يستعمل ضد المتظاهرين في 2001″، في إشارة إلى أزمة منطقة القبائل في تلك السنة.
والتمس النائب العام للمحكمة تسليط عقوبة أربع سنوات سجن في حق الناشط كريم طابو الذي تصدر للدفاع عنه 50 محامياً، كما وحضر المحاكمة جمهور غفير جداً داخل وخارج القاعة.