الخبث الجزائري سفير فوق العادة لإسرائيل
رمضان مصباح الإدريسي
لم آمر بها ولم تسؤني:
هو الخبث العسكري طبعا،الذي رُكب في علم الجزائر– منذ أن أصبح لها علم – نجمةَ الكراهية للمغرب ،استكمالا لتمزيق جلباب التاريخ الواحد،الذي آلت على نفسها ألا ترتديه أبدا،ولو عريت.
لم تكن حرب الرمال هي السبب ،ولا حتى ملحمة استرجاع الصحراء،وكل مآلاتها التي نعرف ،وصولا إلى الحدث الحار جدا المتمثل في اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه؛بعد أن اعترف هو ،ذات زمن عز فيه النصير، باستقلالها عن التاج البريطاني.
إن التاريخ الذي تكرهه الجزائر صبور ؛لا يستعجل السنين أو حتى القرون.
كان بنبلة ،وحتى بعد محنته مع بوخروبة،لا يوافقنا على تسمية “المغرب”،يفضل لنا مراكش فقط؛ ربما حتى لا يلتبس الأمر إزاء تسمية “المغرب العربي” المعبرة بحق عن واقع إمبراطوريتنا المغاربية القديمة.
هكذا ابتدأ كل شيء؛صبيانيا .
ومن كراهية الجزائر للتاريخ غفلت عما بذره المغرب فيه منذ قرنين؛ولم تتوقع أبدا أن تُنبت هذه البذور تبادلا للاعتراف؛ في وقت تُشحذ فيه الأسلحة – الصادقة والكاذبة – لتفريغ كل الطاقة السلبية للشعب الجزائري المحتل إلى اليوم.
ولن نعدم في هذه الظروف تحليلا تبسيطيا ،يعتبرنا قد تسوقنا ،في الأسواق الأمريكية والإسرائيلية،وبعنا وقبضنا الثمن .
من يقول بهذا لا يعرف تاريخ المغرب ؛وبصفة خاصة التاريخ اليهودي به ،الذي سبق حتى الوجود العربي.
ولا يعرف حتى الحديث من هذا التاريخ ؛حيث استمات المرحوم محمد الخامس في حماية يهود المغرب من النازية ،في وقت أسلمتهم فيه حكومة فيشي لمصيرهم المعروف في “أوشويتز” وغيره من مراكز الاعتقال والحرق.
ولا يعرف أن المغرب له جالية يهودية مهمة في إسرائيل ،اعتبارا لعدم سقوط جنسيته عن مواطنيه؛ولهذه الجالية حضور وازن في الساحة السياسية ،وصولا إلى تقلد حقائب وزارية عديدة.
في موضوع لي سابق ،وما أكثر ما كتبت عن قِصار العنق من العسكريين الجزائريين المتحكمين ،نصحتهم باستبدالها بأعناق زرافات،حتى لا تباغتهم الأحداث ،كما الكر كرات وما حبلت به وما ستلده.
وقبل هذا توالت مناسبات الحديث عن النداءات الملكية المتكررة –خصوصا نداء تونس – لجلوس الأشقاء إلى بعضهم البعض لحل جميع القضايا الخلافية؛دون تقييدات أو شروط مسبقة.
ومن عدم لباقة المخاطَبين – حتى وهم رجال دولة – لم يردوا ولو مرة واحدة حتى ب” يحصل خير ” الشهيرة خليجيا.
ملك المغرب ينهض لتصحيح هياكل ومسارات ورهانات الاتحاد المغاربي – مدفوعا بثقل التاريخ ،ودينامية التحول العالمي السريع ،واكراهات التكتلات الاقتصادية الكبرى- ولا يجد حتى من يرد عليه السلام.
أي جوار هذا ؟ وأي رجال دولة هؤلاء؟
أما في محافل الإغراء بنا ،والاستعداء علينا ،والتحرش بوحدتنا الترابية – حتى بعد استتباب الأمر لولاية تندوف المغربية،ضمن الخريطة الجزائرية الاستعمارية – فتجد ألف لسان ولسان ؛ووراءها مدد من الغاز والبترول ؛حتى لا يجف لهذه الألسن الخبيثة ريق أبدا.
أليس في كل هذا ،وما سلف وما هو آت من أفانين الخبث والكراهية الجزائريين ،ما يدفع المغرب إلى التحرك ،الدبلوماسي، في كل الاتجاهات الإفريقية والدولية لتمتين علاقاته وشراكاته ،والبحث عن آفاق جديدة؟
ألا يحق له حيازة القوة الناعمة إلى جانب قوته العسكرية ؛وهو يرى نفير الإرهاب في الساحل يزحف نحوه عبر مفازات لحمادة حيث لا يعدم سلاحا ومرشدا؟
ثم وهو يرى الجيران قاب قوسين من صرف أنظار المطالبين برد الدولة المسروقة ؛خصوصا وعائق كرونا إلى زوال والحراك إلى إقبال لا يبقي ولا يذر ؟
ولا شيء – في ما يتعلق بدبلوماسية المصالح مع إسرائيل – يحول دون دعم المغرب للشعب الفلسطيني ،حتى وهو لم يسمع من حكامه أي دعم له صريح في قضيته؛حتى وهم يرون أغلب دول العالم حولهم تقف في صف الشرعية.
نعم لم آمر بها ولم تسؤني ،خصوصا ويهود إسرائيل المغاربة ؛ينتظر منهم الآن اغناء روابطهم الوثيقة مع وطنهم الثاني المغرب ،بالدفع السياسي في اتجاه إيجاد الحل المنصف والنهائي للقضية الفلسطينية.
طبعا حبذا لو كان هناك هذا الاتحاد المغاربي المأمول ،لتوحيد المواقف من القضايا الكبرى ؛لكن “مْعَ مَنْ” ؟