بعد انتكاساته العديدة أمام المغرب، النظام العسكري الجزائري يفجر حقده على صناع مغاربة عزّل مقيمين بأراضيه ويعتقلهم لأنهم مغاربة
عبدالقادر كتــرة
في خطوة بئيسة ووحشية وجبانة، وبعد الصدمات التي تلقاها والانتكاسات التي مُني بها أمام الدبلوماسية المغربية، أقدم النظام العسكري الجزائري الحاقد، على اعتقال 17 صانعا مغربيا تمت دعوتهم من قبل بعض الجزائريين للاشتغال في فيلاتهم في الزخرفة وفن الجبس، وهو نشاط تعود على ممارسته الصناع المغاربة منذ سنوات، حيث يلجون الأراضي الجزائري بطريق شرعية وبجواز السفر دون الحاجة إلى تأشيرة الدخول رغم الحدود المغلقة.
كما أن النظام العسكري الجزائري أصبح شغله الشاغل الإساءة إلى المملكة المغربية الشريفة حيث كلما حجزت مصالح الأمن الجزائرية كمية من المخدرات، إلا اتهمت مروجيها بإدخالها عبر الحدود مع المغرب، بل ذهبت إلى نسج مشهد مسرحي بئيس وغبي أسندت فيه الأدوار لجزائريين فقيرين معروفين في بلدتهما على أنهما تاجري مخدرات مغربيين، وهو المشهد الزائف الذي كذبه جزائريون بأنفسهم وأكدوا أن الأمر يتعلق بـ “جزائريين لا علاقة لهما بتهريب المخدرات ومعروفين لدى سكان عين الصفراء بولاية النعامة الجزائرية”.
ولأول مرة في تاريخ تفكيك شبكات الاتجار بالمخدرات عبر العالم- يلاحظ على الصناديق التي تحتوي مواد مخدرة وجود إشارة إلى بلد المنشأ عوض الأرقام التي تخص الأوزان والنوع، وهذا كما هو معلوم غير ممكن عمليا، إذ علق مدون جزائري يقدم نفسه كخبير في عالم التهريب، بكل تهكم على وجود اسم MROC بأنه خطأ أمني جزائري بدائي وفادح، يكشف فبركة العملية، ويزيد بالشرح في تدوينته “بأن استعمال هذا المصطلح هو حصري وخاص بالجزائريين، فيما العالم بما فيه المغاربة ينطقون ويكتبون MAROC”، وأضاف “أن من يكتب اسم بلد المنشأ على منتوج المخدرات فهو غبي والأفضل له أن يضيف العنوان حيث جرت معالجتها”.
النظام الجزائري لم يتوان عن إيذاء المغربة القاطنين بالجزائر كلّما امتلأ صدره بالحقد والغل إذ سبق له رحل منذ شهر مارس الماضي وفي عزّ اجتياح وباء كورونا للمنطقة، أكثر من 80 مواطنا مغاربيا ورميهم على الشريط الحدودي المغربي بإقليم جرادة في ظروف صعبة وغير إنسانية، قبل ان تقوم عناصر الدرك الملكي التابعة للقيادة الجهوية بوجدة، بنقلهم إلى مقر دار الطالبة بجماعة إسلي الواقعة بالنفوذ الترابي لعمالة وجدة أنجاد للتأكد من خلو إصابتهم بفيروس “كورونا” المستجد.
وسبق لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة أن توصل بمناشدة من بعض المواطنين المغاربة المنحدرين من إقليم فجيج والعالقين بالجزائر في ظروف وصفوها بالصعبة بمراكز احتجاز تحت إشراف السلطات والهلال الأحمر الجزائريين. وحسب تصريحات المعنيين لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ببوعرفة ، يوجد أزيد من 200 مواطن مغربي محتجزين بمراكز متعددة ومنها تلمسان وبلعباس ومغنية وعنابة ووهران ولعريشة وبشار والجزائر العاصمة.
وقع هذا في الوقت الذي قامت السلطات المغربية الأصيلة على إرجاع جزائريين إلى سكناهم بعد أن قام بطردهما صاحب منزل يكتريانه بمدينة المضيق وتكفلت بدفع كرائهم وكهربائهم ومائهم في هاته الظروف العصيبة والحرجة، وضمنت كرامتهم وأمنهم وسلامتهم ومعيشتهم، كباقي الأشقاء الجزائريين المقيمين فوق التراب المغربي سواء بطريقة قانونية أو غيرها.
وتم رفع الحجر عن 197 جزائريا عائدا من المغرب وصفر إصابة في صفوفهم، خلال شهر شتنبر الماضي، ولم تسجل أي إصابة في صفوف مواطنين جزائريين أجلوا من المغرب نجو الجزائر ، وقررت السلطات الجزائرية عزلهم لمدة اسبوع في فنادق بمدينة وهران.
وأعلنت السلطات الجزائرية أنه جرى رفع الحجر الصحي عن 197 مواطنا جزائريا تم إجلاؤهم من مدينة الدار البيضاء. وأبرز مسؤول صحي جزائري أنه لم تسجل أية حالة كوفيد-19 من بين هؤلاء الأشخاص الذين خضعوا لفحوصات ومتابعة صحية طيلة مدة الحجر.
لكن موقف النظام العسكري الجزائري البئيس الحاقد الذي تجاوز حدّ المرض والشيزوفرانيا بعد انقضاض الجنرال السعيد شنقريحة على أركان الجيش، يؤكد مرة أخرى الغلّ والضغينة والحسد التي تملأ قلبه الأسود تجاه المغرب ونظامه وشعبه، ويكشف ما قام به في هذا الظرف الصعب عن وجهه الحقيقي المتوحش واستمراره في معاداة بلد شقيق جار مسلم الذي يُكنّ للشعب الجزائري كل الاخوة والاحترام بحكم أواصر الدم والقرابة وعلاقات الجوار، والذي امتزجت دماء أبنائه بدم إخوانهم الجزائريين في مقاومة الاستعمار الفرنسي لتحرير الجزائر.
وبهذه المناسبة لا بد من تذكير النظام العسكري الجزائري بأصالة الشعب المغربي، كما سبق لنا أن ذكرنا، أن مدينة وجدة الصامدة، مدينة الرئيس الجزائري السابق عبدالعزيز بوتفليقة وعائلته (والده رحمه مدفون بمقبرة سيد المختار، كما أوصت والدته بدفنها جوار والده لكن السعيد بوتفليقة رفض)، كانت ملجأ للمقاتلين الجزائريين إبان الاستعمار الجزائري ومقرا للقيادة العسكرية المقاومة والتي تسمى بجماعة وجدة، مع الإشارة إلى أن هذه المدينة قصفها الاستعمار الفرنسي بسبب ذلك.
عشرات الآلاف من الجزائريين لجؤوا إلى المغرب، بلدهم الثاني، إبان الاستعمار وبعد الاستقلال وشبوا وترعرع أبناؤهم بمختلف المدن المغربية، وحتى زعماءهم كالرئيس الراحل محمد بوضياف، وغيرهم ممن حصلوا على الجنسية المغربية.
النظام العسكري الجزائري متأكد من أن الصحراء مغربية لا جدال في ذلك، ولم يقبل المغرب أي مساومة من الأنظمة العسكرية الجزائري السابقة التي زرعت عصابة في الصحراء ودعمتها ماديا ولوجيستيا وسياسيا… بل تدخلت عسكريا في الصحراء المغربية في حرب امغالا 1 و 2 و 3 سنة 1976..، ووظفت أمول خزينة الجزائر بعشرات مليارات الدولارات من مداخيل البترول والغاز الجزائريين لشراء ذمم عدد من الرؤساء للاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية المزعومة وأقحمتها بغير شرعية ولا قانون دولي في منظمة الوحدة الإفريقية الاسم السابق للاتحاد الافريقي…
اقترف النظام العسكري للرئيس الراحل هواري بومدين صباح يوم عيد الأضحى من سنة 1975، جريمة إنسانية لا مثيل لها حين طرد بالقوة أزيد من 45 ألف مغربي كانوا يعتبرون أنفسهم جزائريين انتقاما من المغرب لتنظيمه المسيرة الخضراء نحو الصحراء، حيث فرق الأب عن أبنائه والأم عن أطفالها وجردهم من ممتلكاتهم وأموالهم، لا زال جلُّهم يعاني نفسيا، وأصبح عددهم، اليوم، أكثر من مليوني مواطن مغربي ضحايا الطرد.. وهو الفعل الذي اعتبر كارثة إنسانية لا زالت تبعاته بردهات المحاكم الدولية والمنظمات الحقوقية.
وخططت المخابرات الجزائرية لعملية إرهابية تمثلت في تفجير فندق “أطلس أسني” بمراكش سنة 1994، لضرب استقرار المغرب والسياحة بمدنه ، من فعل جزائريين وتخطيط المخابرات الجزائرية وذلك باعتراف ضابط سابق في المخابرات الجزائرية والذي تعرض لتهديدات بعدما كشفه تورط الجزائر في تلك الأحداث الإرهابية.
عمل النظام العسكري الحاقد لسنوات طوال على نقل المهاجرين المنحدرين من دول جنوب الصحراء واللاجئين السوريين إلى الحدود الجزائرية المغربية وترمي بهم هناك وترغمهم على عبور الحدود نحو المغرب في محاولة لزعزعة استقراره وخلق أزمة اقتصادية له..
بادر النظام العسكري الجزائري إلى حفر خنادق على الحدود الجزائرية المغربية لمنع أي اتصال وأي عبور وأي تقارب وقطع صلة الرحم بين أبناء العمومة بل والأخوة من البلدين الشقيقين التي جمعتهم وتجمعهم منذ عشرات السنين قبل الاستعمار الفرنسي وإبانه…، وردّ المغرب ببناء جدار لحماية حدوده من السوء.
قام ويقوم النظام العسكري الجزائري بإدخال مئات الآلاف من الأقراص المهلوسة بأنواعها وتركيباتها المختلفة كانت تصنع بالجزائر وتهرب إلى المغرب لتدمير شبابه بحجة أن أطنانا من مخدر الكيف تعبر من المغرب إلى الجزائر…، بدل التعاون والتنسيق للقضاء على هذه الآفة أو على الأقل الحد منها.
قتل الحرس الحدودي الجزائري عشرات الشباب المغاربة الذين كانوا يمارسون التهريب المعيشي مضطرين فيعودون جثثا إلى أسرهم ، كما كان حال شأن الشباب الجزائري المتواجد بالحدود الجزائرية المغربية، في الوقت الذي لم يسجل التاريخ أبدا أن أطلق الحرس الحدودي المغربي رصاصة واحدة على هؤلاء الجزائريين الإخوة بل كانوا يعبرون الحدود بالمئات بطريقة غير شرعية وعند توقيفهم يتم إرجاعهم إلى بلدهم الجزائر معززين مكرمين.
قامت السلطات الجزائرية بطرد الصناع المغاربة المختصين في الزخرفة بالجبس كانت شخصيات من المسؤولين والأثرياء تدعوهم للعمل في فيلاتهم وقصورهم، كلما همُّوا بالعودة إلى المغرب للاحتفال بالأعياد الدينة مع أسرهم، ويتم تجريدهم من هواتفهم وأموالهم أجرة عرقهم وحتى من ملابسهم وأحذيتهم إن كانت ذات قيمة.
لكن “ويَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ…” و “يَمْكُرُونَ وَيَحْبِطُ اللَّهُ مَكْرَهُمْ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” صَدَقَ اللَّهُ العَظِيم. وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذِ جارَه”، وفي رواية أخرى: الحث على إكـرام الجار، فقال: “ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُكرِم جاره”.
وأخيرا، نأمل أن يتحلى حكام الجزائر الشقيقة بالعقل والحكمة والرشاد وينظروا إلى مستقبل الشعوب المغاربية ويوجهوا مجهوداتهم إلى تنمية بلدانهم وضمان كرامة شعوبها ويعملوا على بناء صرح المغرب الكبير من أجل أبنائه وتجنيبهم ويلات الأزمات والآفات والقهر والفقر، كما فعل ويفعل ساسة دول الشمال في أوروبا وأمريكا وآسيا، ولأن التاريخ لا يرحم…