قراءة منهجية في قانون المسطرة المدنية، الصادر بتاريخ 30 شتنبر 1974، كما تم تغييره وتتميمه وتعويضه
(الجيلالي شبيه، أستاذ التعليم العالي في العلوم القانونية ومنهجية العلوم، جامعة القاضي عياض، مراكش)
إذا تصفحنا باهتمام وبنظرة متأنية قانون المسطرة المدنية الحالي فسنلاحظ أن مضمونه يتشكل من عشرة أقسام، وملحق (قضاء القرب)، غير متساوية تماما، بل يشيبها اختلال توازني مطلق٠
فالقسم الأول، بدون عنوان، في صفحتين ونصف صفحة، بحجم 17 على 11 سنتمتر، حسب الدعامة الورقية التي نملكها، يتضمن بابين: مقتضيات تمهيدية ودور النيابة العامة أمام المحاكم المدنية (الفصول من 1 إلى 10)٠
القسم الثاني، اختصاص المحاكم، في ثمان صفحات، يحتوي على ثلاثة أبواب متباينة: مقتضيات عامة، الاختصاص النوعي، الاختصاص المحلي (الفصول من 11 إلى 30)٠
القسم الثالث، المسطرة أمام المحاكم الابتدائية، في ثلاثين صفحة تقريبا، يشمل ثمانية أبواب، لا علاقة لبعضها البعض من حيث الحجم إطلاقا (من فصل واحد، الباب الثامن، إلى ثمانية وأربعين فصلا، الباب الثالث): تقييد الدعوى، الجلسات والأحكام، إجراءات التحقيق، الطلبات العارضة والتدخل ومواصلة الدعوى والتنازل، المصاريف، التعرض، الاستيناف، التنفيذ المعجل (الفصول من 31 إلى 147)٠
القسم الرابع، المساطر الخاصة بالاستعجال مسطرة الأمر بالأداء، في خمس صفحات، يشتمل على ثلاثة أبواب غير متناسبة بتاتا: الأوامر المبنية على الطلب والمعاينات، المستعجلات، مسطرة الأمر بالأداء (الفصول من 148 إلى 165)٠
القسم الخامس، المساطر الخاصة، في تسعة وأربعين صفحة، يستوعب ثمانية أبواب غير متجانسة إطلاقا، تتعلق بالاختصاص النوعي وبجوهر الدعاوى أكثر مما تتعلق بالمساطر: دعاوى الحيازة، عروض الوفاء والإيداع، المساطر المتعلقة بالأحوال الشخصية، المسطرة في القضايا الاجتماعية، التجريح، تنازع الاختصاص، تعرض الغير الخارج عن الخصومة، التحكيم والوساطة الاتفاقية (الفصول من 166 إلى 184 ومن 201 إلى 327 مكرر 70 مرة)٠
ونضيف المقتضيات التالية لإتمام مضمون هذا القسم: تكرر الفصل 179، مرة واحدة، وتم نسخ أحكام الفصل 183، والفصول من 185 إلى 200، والفصلين 215 و216، والفصول من 243 إلى 257، والفصول من 264 إلى 266، وتم تغيير وتتميم و/ أو تعويض الكثير من الفصول)٠
القسم السادس، المسطرة أمام محاكم الاستيناف وغرف الاستينافات بالمحاكم الابتدائية، في سبع صفحات، ينطوي على خمسة أبواب: إجراءات التحقيق المسطرية، قرارات محاكم الاستيناف وغرف الاستينافات بالمحاكم الابتدائية، مواصلة الدعوى والتنازل، المصاريف، التعرض (الفصول من 328 إلى 352)٠
وللتدقيق أكثر نضيف، إلى جانب التكرار (التنازل، المصاريف، التعرض)، إن جل أبواب هذا القسم (الباب الثالث والرابع والخامس) لا تتعدى فصلا واحدا٠والسؤال المطروح بشأن هذا القسم: أمن المعقول أن نوزع قسما بكامله إلى أبواب تضم فصلا واحدا، والفصل نفسه لا يتعدى جملة واحدة؟
القسم السابع، محكمة النقض، في أربعة عشر صفحة، تقريبا، يضم ثلاثة أبواب: الاختصاص، المسطرة، ومساطر خاصة (دعوى الزور، تنازع الاختصاص ومخاصمة القضاة (الفصول من 353 إلى 401 باستثناء الفصل 368 نسخ)٠
نلاحظ بكل وضوح، زيادة على التكرار في الأبواب مع أقسام أخرى (المساطر الخاصة)، تباينا صارخا ضمن أبواب هذا القسم: الباب الأول يضم فصلا وحيدا، والثاني واحدا وثلاثين فصلا، والثالث ستة عشر فصلا٠
القسم الثامن، إعادة النظر، في صفحتين، بدون أبواب، ويشمل تسعة فصول، من 402 إلى 410· نعتقد أن مضمون هذا القسم في غير محله، والقسم ذاته لا طائل تحته، بحيث إن الأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض (الفصل 130) والاستيناف (الفصل 134) تكون موضوع إعادة النظر (الفصل 402)٠وعلى هذا الأساس أستحضر القاعدة المنهجية القائلة إن عناصر العينة أو الفصيلة أو الفئة تضاف إلى، أو تدمج في، نفس الوحدة·
القسم التاسع، طرق التنفيذ، في خمسة وعشرين صفحة، يحتوي على ثمانية أبواب: إيداع وقبول الكفالة الشخصية والنقدية، تقديم الحسابات، القواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام، حجز المنقولات والعقارات، الحجز لدى الغير، الحجز الارتهاني، الحجز الاستحقاقي، التوزيع بالمحاصة (الفصول من 411 إلى 510)٠
يتكون هذا القسم التاسع من ثلاث فئات من الأبواب: الفئة الأولى تضم بابين، حجمهما ضعيف، يتراوح عدد فصولهما بين ثلاثة وأربعة، والفئة الثانية تضم ثلاثة أبواب، حجمها متوسط، يتراوح عدد فصولهم بين سبعة وثمانية وتسعة، والفئة الثالثة تضم بابين، حجمها ضخم، يتراوح عدد فصولهما بين أربعة وعشرين وستة وثلاثين٠نلاحظ كذلك تباين صارخ بين أبواب هذا القسم٠
القسم العاشر، مقتضيات عامة، في ثلاث صفحات ونصف صفحة، يشمل ثمانية عشر فصلا بدون أبواب، وبالتالي أسجل، بالنسبة لهذا القسم، غياب عنوان دقيق وتقسيم واضح٠أضيف كملحق لقانون المسطرة المدنية منذ الخامس من شهر سبتمبر 2011 القانون رقم 42.10 المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته٠
قسم هذا القانون، الذي يضم في مجموعه ثلاثة عشر صفحة وإثنين وعشرين مادة، إلى أربعة أبواب، تجهل تماما قواعد المنهجية الأساسية، ومقتضيات عامة كمدخل٠مقتضيات عامة تنطوي على مادة واحدة، المادة الأولى : إحداث واختصاص قضاء القرب٠هذا العنوان نحن الذين استخرجناه من المادة الأولى نفسها٠الباب الأول، التأليف، أي تأليف أقسام قضاء القرب، في نصف صفحة، يشمل ثلاثة مواد٠الباب الثاني، الاختصاص والمسطرة، في إحدى عشر صفحة وستة عشر مادة، موزع إلى ثلاثة فروع في غاية التباين٠الباب الثالث، التبليغ والتنفيذ، في مادة واحدة، المادة 21، أصيغت في فكرتين وسطرين ونصف سطر٠الباب الرابع والأخير، أحكام ختامية، في مادة واحدة كذلك، المادة 22، أصيغت في ثلاثة أفكار وثلاثة سطور ونصف سطر٠
وختاما، إن ما يمكن أن نقوله في هذا الشأن بالنسبة لهذه القراءة الأولية، هو إن هيكلة هذا القانون، قانون المسطرة المدنية، تصورا وتقسيما وتوثيقا، تظل في حاجة ماسة إلى إعادة تشكيلها كليا، تعديلا وتبديلا وتغييرا وتتميما وتعويضا، وهذا ما سنحاول إنجازه فيما يلي، بدءا بالتصميم التالي:
أقتره تقسيم قانون المسطرة المدنية، بما فيه قانون قضاء القرب، إلى مقدمة وأربعة أقسام وخاتمة٠تكون المقدمة على هذا الشكل: في معنى التقاضي والقاضي والمتقاضي، وتضم زيادة على الفصول من 1 إلى 10، فصول أخرى كثيرة تتعلق بالإطار العام للمسطرة: كالمبادئ العامة للقانون، وقواعد تفسيره وتطبيقه، ومبادئ العدالة والمحاكمة، ومبادئ الإجراءات المطبقة على الأساليب القضائية والأساليب الخاصة في فض وتسوية النزاع·
القسم الأول، طبيعة المحكمة ودرجات المحاكم، وقواعد التنظيم القضائي، ويشمل هذا القسم لمحة عن قواعد التنظيم القضائي العادي (المدني والتجاري والجنائي) والاستثنائي (قضاء الشغل، والأحوال الشخصية، والقضاء الإداري والضريبي، والقضاء الدستوري)، المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستيناف بما فيها غرف الاستينافات بالمحاكم الابتدائية، ومحكمة النقض٠
القسم الثاني، اختصاص المحاكم، ويضم هذا القسم، الاختصاص النوعي، والاختصاص المحلي، والاختصاص الوظيفي، وطبيعة المحكمة المختصة٠وتدخل في هذا القسم كذلك قضايا قضاء القرب، ودعاوى الحيازة، والأحوال الشخصية، والقضايا الاجتماعية، والتجريح، وتنازع الاختصاص، وتعرض الغير الخارج عن الخصومة، والتحكيم والوساطة الاتفاقية، ودعوى الزور، ومخاصمة القضاة، وإعادة النظر٠
القسم الثالث، المساطر والإجراءات أمام المحاكم المدنية، يشتمل هذا القسم على كل ما يتعلق بالمساطر بمعنى الكلمة، كالآجال وتقييد الدعوى والجلسات والأحكام وإجراءات التحقيق والخبرة ومعاينة الأماكن والأبحاث واليمين والطلبات والمصاريف والاستعجال، بما فيها المسطرة أمام قضاء القرب٠
القسم الرابع، طرق التنفيذ وطبيعة الحكم، يحتوي هذا القسم على إيداع وقبول الكفالة الشخصية والنقدية، وتقديم الحسابات، والتنفيذ الجبري، والتنفيذ المعجل، وحجز المنقولات والعقارات وأنواع الحجز، والتوزيع بالمحاصة، والبيع القضائي لعقار القاصر، والتطليق، وتصفية التركة والقسمة٠ريثما تحدث محاكم مختصة في قضايا الشغل والقضايا الاجتماعية والأحوال الشخصية٠
وفي الخاتمة، التي تتشكل من احترام الآجال والممثل القانوني والشروط القانونية للموطن، تدمج المقتضيات المتعلقة بالآجال المحددة في القانون والطلبات التي تستهدف التصريح بمديونية الإدارة العمومية والممثل القانون للمؤسسات العمومية وطبيعة الموطن (الحقيقي أو القانوني أو المختار للمتقاضين)٠زيادة على هذه المقتضيات لا بد من إضافة العناصر الضرورية التي تشكل بالمفهوم العلمي مضمون الخاتمة، كالغاية من كيفية سير هذه الإجراءات القضائية ذات الطابع المدني ومدى أهميتها في فض النزاعات وتسوية حقوق وإلتزامات الأشخاص٠لأن في الواقع قانون المسطرة المدنية يشمل ليس فقط درجات المحاكم والاختصاص والمساطر وطرق التنفيذ بل كذلك وبامتياز ما ينتج عن هذه المساطر والدعاوى من إلتزامات وعقود وإشراك الأشخاص والأموال٠(الجلالي شبيه، أستاذ التعليم العالي في العلوم القانونية ومنهجية العلوم، جامعة القاضي عياض، مراكش)