التدبير الاداري للمؤسسات التعليمية بين أسلوب المرونة وتطبيق القانون
يرتكز التدبير الحديث للادارة التربوية بالأساس على مبدأ القيادة ضمن العمل في فريق متكامل يعتمد في علاقاته على التواصل الايجابي الذي يرتكز بدوره على المرونة. وتعتبر المرونة من أهم المهارات الناعمة للتدبير بحيث تتمفصل في تطبيقها مع عدة مهارات يمكن تلخيصها في الكلمة المركبة باللغة الأنجليزية Soft-skills . وقد اعتمد أرباب المقاولات الأمريكية هذه المقاربة لتحسين الانتاجية و الزيادة في مردودية الموظفين و العمال. ومن بين أهم خصائص المهارات الناعمة القدرة على ادارة الازمات و التفاوض وتكييف الكفايات المكتسبة مع الواقع. كما ان الأسلوب المرن يتطلب نوع من التنظيم و التخطيط المحكم القابل للتجديد و التغيير كلما تطلب الأمر ذلك.وأهم ما يميز المهارات الناعمة هو التفكير في الاخر ضمن العمل الجماعي للفريق لأن النجاح أو الفشل لا ينسب الى الفرد-المدير-لكن يرد الى الفريق بأكمله.
السؤال الذي دفعني الى تحرير هذا المقال هو كالتالي هل نحن -دون تعميم طبعا- نرقى بعقليتنا الى مستوى المقاربة التواصلية المرنة؟ أم أن الأنانية و الانتهازية والمصالح الشخصية طغت على أسلوب العمل فأصبح الموظف لا يرى في عمله فرصة للتجديد و البذل والعطاء بقدرما يرى فيه وسيلة مضمونة لتلقي أجر شهري قار بأقل جهد ممكن لايراعي في عمله ضميره المهني ولا حس وطني ولا خوف من الله عز وجل.
ففي بعض المؤسسات حين يغيب الزجر يحضر التسيب ويتسابق الموظفون على الخروج لقضاء ماربهم الشخصية تاركين التلاميذ الأبرياء تحت رحمة حراس الأمن الخاص أو المنظفة .هل هذا النوع من بروفايل موظف له القابلية لتقبل النقد والاندماج في الفريق والتفكير في الاخرين بدون استحضار مصالحه الشخصية؟ استوطن الغش في قلوب البعض فأصبحت قلوبهم كالفحم لا تحن الا للسواد… اذن المقاربة التي تصلح مع هؤلاء الموظفين لايمكن بناتا أن تكون مبنية على المرونة و التواصل و الاقناع لكن هي مقاربة قانونية تنبع من عين المرسوم 376/02/0 والمرسوم 854/02/2 و المذكرات المتعلقة بزجر الغش و الاخلال بالواجب المهني وتعريض القاصرين للخطر…لكن أحيانا عندما ييأس المسؤول من أسلوب التسامح و غض الطرف ويلجأ لأسلوب الاستفار وابلاغ الموارد البشرية, يشتد غضب الموظف الغاش فتبدأ عملية التعبئة للتحامل عن المدافعين عن مصالح التلاميذ بتحريك النقابات ولعب دور الضحية بعدما جف عسل الأجر مقابل الراحة وغاب البروفيتاج…
وأنا أكتب هذه السطور استحضر بعض الحكم من فقه الواقع التي كان بعض فقهاء التشريع وعلوم التربية يذكروننا بها لأخذ الحيطة و الحذر لأن الادارة لا ترحم ,وهي بالدارجة كالتالي .
تبكي مو وماتبكيش أمك _ حن تتمحن _ الشرع أقرع
ما تولفهمش تدير خدمتهم _ المش يموت في النهار الأول _ ماتديرش بارشوك _ زير اللعب _ نحن قوم نخاف ولا نستحيي
لكن ما الدافع الذي جعل أصحاب التجارب الطويلة يرددون هذه الحكم ويجعلونها خارطة الطريق لمن أراد امتهان الادارة التربوية ان لم يكن هاجس الخوف من تفشي التسيب مما ينتج عنه الاعفاء من المهام بحجة عدم القدرة على التدبير وخلق التماسك الاجتماعي .وهل يمكن خلق السلم الاجتماعي داخل البيت مع جداريات موظفين لا علاقة لهم بميدان التربية و التعليم الا رقم التأجير؟
عبد الكريم السباعي
اطار اداري