اجتماع الفرقاء الليبيين، للمرة الخامسة، بالمغرب يصدم النظام العسكري الجزائري ويصيب إعلامه بالخرس والعمى
عبدالقادر كتــرة
اتفق وفدا المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومجلس النواب الليبي ، السبت 23 يناير 2021 بمدينة بوزنيقة، في ختام جولة جديدة من الحوار الليبي، على تشكيل وتسمية فرق عمل مصغرة تتولى اتخاذ الخطوات الإجرائية بشأن شاغلي المناصب السيادية.
وجاء في البيان الختامي الذي توج أشغال هذه الجولة أنه تمت خلال هذا الاجتماع مراجعة ما سبق التوافق عليه بشأن تطبيق المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع بمدينة الصخيرات في دجنبر 2015. وستقوم فرق العمل، حسب البيان الختامي، على الخصوص بتصميم نماذج الترشح، ودعوة المترشحين لتقديم طلبات الترشح مصحوبة بالشروط والمعايير المتفق عليها، والتأكد من مطابقة الترشيحات للمعايير والشروط المقررة، وتلقي نماذج الترشح والسير الذاتية للمترشحين اعتبارا من منتصف يوم 26 يناير الجاري إلى نهاية يوم 2 فبراير المقبل.
وتأتي هذه الجولة الجديدة امتدادا لسلسلة جولات سابقة عقدها الطرفان بالمغرب، في شتنبر وأكتوبر ونونبر 2020 بكل من بوزنيقة وطنجة، توجت بالتوصل إلى “تفاهمات شاملة حول ضوابط وآليات ومعايير اختيار شاغلي المناصب القيادية للمؤسسات السيادية المنصوص عليها في المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي الموقع في دجنبر 2015 بالصخيرات”.
وسبق أن احتضنت المملكة المغربية الشريفة برعاية خاصة جلسات الحوار بين الفرقاء اللبيين بالصخيرات (17 دجنبر/كانون الأول 2015) ، ثم بوزنيقة 1 و 2 (6 شتنبر/أيلول 2020) ، بمشاركة ممثلي أعضاء مجلس النواب الموجود مقره في طبرق والذي يرأسه عقيلة صالح من جهة، وبين ممثلي المجلس الأعلى للدولة الموجود مقره في طرابلس والذي يرأسه خالد المشري من جهة ثانية في اطار مساعي المملكة لنزع فتيل الأزمة في ليبيا.
وسبق أن اجتمع أكثر من تسعين عضوا (90) بمجلس النواب الليبي، بطنجة عاصمة الشمال المغربي، اليوم الأحد22 نونبر 2020، في لقاء تشاوري بمدينة طنجة ، في محاولة لتفعيل دور المجلس.
وأبرز المجتمعون، في بيان صحفي، أنه تم خلال هذه الجلسة التشاورية التأكيد على “أهمية الحوار السياسي” والاستعداد لـ”دعم مجرياته وتعزيز فرص نجاحه”، مضيفا أن أعضاء فريقي الحوار أكدوا أيضا على “أهمية تحمل مجلس الدولة والنواب مسؤولية المحافظة على المسار الديمقراطي، وعلى تجسيد الملكية الليبية الكاملة للعملية السياسية؛ بما يحقق الأهداف المرجوة من الحوار، وعلى رأسها توحيد مؤسسات الدولة وتمكين السلطة التنفيذية من التمهيد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية على أساس دستوري”.
بعد اتفاق الصخيرات بالمغرب، 17 دجنبر 2015، الذي تكلل به اجتماع وفد مجلس نواب طبرق، ووفد المؤتمر الوطني العام (المجلس التأسيسي في طرابلس) على تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة وفاق وطني، ومجلس أعلى للدولة (نيابي استشاري) مُشكّل من أعضاء المؤتمر الوطني العام، بالإضافة إلى تمديد ولاية مجلس النواب بعد انتهائها في العام نفسه، التأم شمل الفرقاء الليبيين يوم الأحد 6 شتنبر 2020 في مدينة بوزنيقة المغربية لمواصلة المشاورات بين حكومة الوفاق وبرلمان طبرق .
وتناولت المشاورات قضايا بينها تثبيت وقف إطلاق النار، وتهيئة الظروف لبدء الحوار بين لجنتي المجلسين، ثم آليات اختيار المناصب السيادية، وتوحيد مؤسسات الدولة الليبية.
وإذا تناقلت جميع وكالات الانباء العالمية والمؤسسات الدولية والإقليمية الحدث بأهمية كبرى وتحدثت عنه النشرات الإخبارية الرئيسية العالمية وكتبت عنه كبريات الصحف الدولية بعناوين بارزة بما فيها الدول المعنية والمتواجدة بقواتها في ليبيا…وتابعت الحدث وواصلت تحليلاتها السياسية والجيوسياسية…، أصيب النظام العسكري الجزائري بصدمة قوية وغُصّة في الصدر والحلق كما أصاب إعلامه الصمم والخرس والعمى وهو الذي اعتاد تتبع مسيرة المغرب وأحداثه وينشر كل صغيرة وكبيرة خاصة تلك التي تسيء له (وكالة الانباء الجزائرية تخصص يوميا أكثر من 10 أخبار على المغرب أغلبها كاذب ومختلق ومسيء )، ولم يجرؤ على نشر خبر اللقاء الليبي الحدث أو الإشارة إليه، وذلك غيرة وحسدا لنجاح الديبلوماسية المغربية في ما فشل تحقيقه الجزائر التي تعتبر نفسها “قوة عظمى”(؟؟؟)
نجح المغرب خلال لقاءات بالصخيرات بضواحي عاصمة المملكة الشريفة في جعل الفرقاء الليبيين الأخوة الأعداء يتفقون على إنشاء “حكومة وفاق” منحت طرابلس الأمل في بناء وطن، وأعادت تشغيل المؤسسات الليبية، واليوم تمنح بوزنيقة بضواحي عاصمة المملكة الشريفة الليبيين أملا جديدا في نزع فتيل الصراع المسلح، ليصبح للمملكة دورا دوليا وجهويا وقاريا أكبر من دور الاتحاد الإفريقي ودوله.
الصدمات التي تلقاها النظام العسكري الجزائري قد تصيبه بسكة قلبية، وتتوالى إذ بعد رفض الفرقاء الليبيين الاجتماع بالجزائر رغم توسلات النظام العسكري (في محاولة لقطع الطريق على المغرب والظهور بمظهر القوة العظمى التي لا يمكن تجاهلها)، وإلغاء تعيين وزير الخارجية الجزائري الأسبق “رمطان لعمامرة” في منصب وسيط أممي في الملف الليبي، وتعيين وزير العدل المغربي السابق “محمد أوجار” على رأس هيئة أممية لتقصي الحقائق بليبيا، واستدعاء الأطراف الليبية إلى منتجع بوزنيقة للتباحث تحت الغطاء الأممي..
أكثر من هذا وذاك، أصيبت الديبلوماسية الجزائرية بعمى البصر والبصيرة وذكر وزير خارجيتها، في حوار مع قناة “فرانس 24″، في دعوة مدعاة للسخرية والتنكت، لإقناع جميع الأطراف الليبية، بالجلوس إلى طاولة الحوار، بإشراك الدول الجارة (مع العلم أن الفرقاء مجتمعون ببوزنيقة وكان عليه أن يثمن اللقاء ويشجع الأشقاء اللبيين بالتوصل إلى توافق). وقال ” إنّ الجزائر ترفض توريد السلاح إلى ليبيا، مؤكدا أن الحوار بين الأطراف الليبية هو الحل الوحيد للأزمة” (مع العلم أن النظام العسكري الجزائري يساند الجنرال المتقاعد حفتر بل دعم ميلشياته بمرتزقة من البوليساريو ).
وسبق لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، أن أبرز، في كلمة افتتاحية للحوار الليبي بين وفدي المجلس الأعلى للدولة وبرلمان طبرق، أن إيجاد مخرج للأزمة الليبية ينبني على ثلاثة ثوابت أساسية، أولها الروح الوطنية الليبية، وثانيها أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسيا، وثالثا الثقة في قدرة المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب الليبي كمؤسستين شرعيتين، على تجاوز الصعاب والدخول في حوار لمصلحة ليبيا، وذلك بكل مسؤولية.
وشدد الوزير على أن المغرب ظل على الدوام يشتغل مع الأمم المتحدة وتحت مظلتها بشأن الملف الليبي، وسيستمر على هذا النهج في المستقبل، كما أكد ذلك خلال الزيارة التي قامت بها الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالنيابة، ستيفاني ويليامز، إلى المملكة.
وأكد فريقا الحوار بالمجلسين، المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ومجلس النواب الليبي ، السبت 23 يناير 2021 بمدينة بوزنيقة، في ختام الجولة الجديدة من الحوار الليبي، على دعم الجهود المبذولة من ملتقى الحوار السياسي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لتشكيل سلطة تنفيذية للمرحلة التمهيدية، مؤكدين أنهما سيضطلعان بمسؤولياتهما في حال تعثر جهود الحوار السياسي في إنجاز هذا الاستحقاق.
وأعرب أعضاء الوفدين عن شكرهم وامتنانهم وتقديرهم للملك محمد السادس وللمملكة المغربية على رعاية هذا اللقاء وعلى الدعم المستمر لجهود تحقيق الاستقرار في ليبيا.وأكد رئيس لجنة الصداقة البرلمانية البولونية المغربية توماش كوستوس أن “جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس للم شمل الليبيين لا تقدر بثمن، وتلقى إشادة عالية من قبل الاتحاد الأوروبي”.
وأكد البرلماني البولوني، في بيان سبق أن نشره على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، أن المجتمع الأوروبي تلقى بارتياح كبير مبادرة المملكة المغربية واستضافتها للأطراف الليبية لإيجاد حل توافقي للقضية الليبية ووقف إطلاق النار.
وأكد تجمع دول الساحل والصحراء أنه “يتابع باهتمام خاص وبارتياح كبير” المحادثات بين الأطراف الليبية التي أطلقت يوم 6 شتنبر الماضي، وتشكل امتدادا لمسلسل الصخيرات الذي توج بالاتفاق السياسي في 15 دجنبر 2015. وأشاد التجمع، في بلاغ، بدفع وتشجيع صاحب الجلالة الملك محمد السادس للحوار البناء الذي يهيئ الظروف لاستعادة وتعزيز السلم والوئام الوطني من خلال الحوار الأخوي.
وأشاد الاتحاد الإفريقي بجهود المغرب من خلال جمع ممثلي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بهدف إعادة تنشيط مسلسل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي محمد، في تغريدة نشرها مساء الإثنين 7 شتنبر 2020، “أشيد بجهود المغرب من خلال جمع ممثلي البرلمان والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا بهدف إعادة تنشيط مسلسل إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية”. وجاء في هذه التغريدة أيضا أن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي “يشجع الأطراف بقوة على الانخراط في هذا المسار لما فيه صالح الشعب الليبي”.
وأشادت الأمم المتحدة، الاثنين8 شتنبر 2020، بـ”الدور البناء” للمغرب الذي ساهم منذ اندلاع الأزمة الليبية في الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى حل سلمي للنزاع في ليبيا.
وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن “المملكة المغربية لعبت، منذ بداية الأزمة الليبية، دورا بناء وساهمت في جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سلمي للنزاع الليبي”.
وقال دوجاريك، في تصريح وزع على وسائل الإعلام الدولية المعتمدة لدى المنظمة الدولية، إن “الاتفاق السياسي الليبي الموقع سنة 2015 في الصخيرات يبرهن على التزام المغرب الراسخ بإيجاد حل للأزمة الليبية إلى جانب الأمم المتحدة”.
وتابع “إننا مقتنعون بأن هذه المبادرة المغربية الأخيرة سيكون لها أثر إيجابي على تيسير الأمم المتحدة للحوار السياسي الذي يجريه ويقوده الليبيون”.