روائح اللوائح
بقلم حسناء شهابي
اشتدت الحمى على جسد اللعبة السياسية بإلغاء أو إبقاء اللوائح الوطنية مع اقتراب موعد الانتخابات التي ستعرف إجهادا سياسياهذه السنةنظرا لتجديد كافة المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية،من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين، ثم مجلسي البرلمان، مما يجعل 2021 سنة انتخابية بامتياز. وسنة تفوح فيها روائح اللوائح التي تنبعث من كل المواقع التواصل الاجتماعية والمنابر الإعلامية والمفاوضات.و سنة تسيل المداد حول إغلاق قوس اللوائح باعتبارها تحديا للأحزاب السياسية بمختلف مراكزها نظرا لفشل الهندسة الانتخابية في تمثيلية الشباب وحتى النساء وضمان استمرارية مشاركتهم السياسية بالدوائر المحلية في تدبير الشأن المحلي والعام في إطار مسلسل ديمقراطي و هذا ما يحز في أنفسنا أن أغلبية المستفيدين والمستفيدات من اللوائح لم يظفروا بمقعد في الدوائر عند ترشيحهم وهناك من لم يستطيعوا حتى تقديم ترشيحهم نظرا للاستئناس بطبق ترشيح ريعي مريح يكرس العطب الأكبر للسياسة بتجذر أو انغراس ثقافة الانتهازية والولاء ينتج عنها إفلاسا سياسيا.
ويكفي أن أطرح سؤالا أين هن النائبات البرلمانيات المستفيدين من اللوائح الوطنية سابقا؟ علما أن في أول لائحة وطنية للنساء اعتمدها المغرب منذ سنة 2002 تم إحداث منتدى البرلمانيات أين هو هذا المنتدى؟وماذا قدم للرفع من المشاركة السياسيةللمرأة؟علما ان الرفع من تمثيلية النساء إلى 60 مقعد كانت بموجب الدستور.. و حاليا هل هناك تصور جديد أو خطة عملية لتعزيز التمثيلية النسائية عدديا و نوعيا؟ ..لهذا يجب على المرأة أن تؤمن بالمرأة.وأن تعتبرها منافسة وليست خصما مع نبذ الصراع العقيم.
بعيدا عن أي مزايدات نؤمن أن وجود المرأة والشباب في البرلمان مكسب ديمقراطي لا يمكن إلا الإشادة به، لكنه لا يصل إلى الطموحات المنشودة، واليوم من الصعب أن نراهن على تمثيلية النساء بما يوفره لهن نظام المحاصصة (الكوتا) الوطنية، وما قد يتم من خلال لائحة الشباب الوطنية أيضا. فمن الناحية المنطقية نظام الكوطا يتعارض مع مبدأ المساواة التي تعني تمتع الرجل و المرأة بحقوق على قدم المساواة باعتبار النساء نصف المجتمع. لكن باستعمال عبارة الكوطانأكد أن المرأة غير قادرة على خوض الحياة السياسية بشكلها الطبيعي .و بالتالي عند اجترار عبارة إيصال الشباب والمرأة لمواقع صنع القرار وليس وصول الشباب والمرأة فهذا يكرس انطباع بأن المرأة و الشباب غير قادرين على الوصول بذاتهم لتلك المواقع.ليس من المهم عدد النساء والشباب في البرلمان بقدر ما هي النوعية والفكر والكفاءة والاستحقاق. ولا أفوت الفرصة لأتساءل ماذا قدم الشباب المستفيدين من اللوائح لاستقطاب الشباب ولتحفيزهم وإشراكهم في العمل السياسي؟ هل سبق وأن قدم هؤلاء الشباب برنامجا يناهض العزوف في المشاركة الانتخابية؟وتطوير المشاركةالسياسية؟ لماذا لا يتطرقون إلى إشراك شباب مغاربة الخارج في اللوائح؟
أما بالنسبة للائحة الوطنية للنساء لابد من الاعتراف بالخلل لهذا يستلزم مراجعة الكوتا وتعويضها بنظام آخر يضمن الاشتغال على برامج أخرى تتعلق بالثقافة السياسية بمثابة قطيعة مع العقول البالية والتمكين الاقتصادي والمادي للمرأة، لأن استقلالها الاقتصادي قد يعزز فك ارتباط حضورها بهذه الآلية.وعلى الأحزاب ألا تغرق سياستها في نفس الأداء ونفس منهجية استغلال اللوائح أما اقتراح”جهونة اللوائح “باعتماد لوائح جهوية هو بمثابة الخروج من عنق الزجاجة.و إن كنت شخصيا أفضل ولوج المرأة و الشباب إلى المؤسسات المنتخبة من خلال خوض الانتخابات والتنافس بشكل ديمقراطي،و على الأحزاب أن تتحمل مسؤوليتها في دعم ترشيح النساء و الشباب على رؤوس اللوائح .
ختاما أتمنى أن تفوح رائحة عطر و سيظل العطر الذي يطوق المغاربة هو أن تكون الاستحقاقات الانتخابية القادمة، بمختلف مستوياتها التشريعية الجهوية الترابية والمهنية، مطبوعة بالنظر إلى المستقبل والمتوقع في الصلاحيات المخولة دستوريا لهذه المؤسسات والوحدات الترابية، بما يخدم المصلحة العامة ويدعم الجهد الجماعي لتملك نموذج تنموي جدي وواعد.
بقلم حسناء شهابي
رئيسة الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة فرع المغرب