الإفلاس الإعلامي الجزائري
بقلم: إدريس الواغيش
تتعدد الإفلاس في الدول، وقد يكون هذا الإفلاس قانونيا أو اقتصاديا وأخلاقيا، وما قدمته قناة الشرور جزائرية إلى جمهورها من تفاهة وإساءة إلى شخص جلالة الملك محمد السادس ليس إعلاما محترفا ولا إبداعا فنيا رفيع المحتوى، بقدر ما هو قصور فكري وإفلاس إعلامي لحكومة جنرالات فاشلة تعلن جهارا عن سقوطها الأخلاقي، وهي إذ فعلت، فإنها قد أعلنت عن بداية الأفول بالنسبة لنظام العساكر في الجزائر أخلاقيا بصفتهم يدبرون شؤون دولة تعيش وسط منتظم دولي له ضوابط وأخلاقيات، فلا هي احترمت القيم الأخلاقية لمهنة الإعلام وأعرافه المعمول بها في مختلف بقاع العالم، ولا مارست ثقافة إعلامية عريقة ومترسخة في دولتهم كما هو معمول به في بعض الدول الديمقراطية مثل أمريكا أو إنجلترا، وخصوصا في فرنسا من خلال البرنامج الشهير(لي غينيول) الذي دأبت(كانال+) على تقديمه على شاشتها وأضحك الفرنسيين لدرجة أنه طبع ذاكرتهم على مدى ثلاثين سنة، ولكن هذه الدول لها ما يشفع لقنواتها وسخريتها بحكم عراقة ديمقراطياتها واحترامها لضوابط تقديم مثل هذه البرامج.
وإن سمينا الأشياء بأسمائها، سنقول إن قناة “الشروق” القناة العمومية التي تمرر الخطاب الإعلامي الرسمي الجزائري وترّهات مخابراتها وتمولها جيوب دافعي الضرائب من الشعب الجزائري الشقيق تبرر انهزامها الإعلامي الذي لم يكن سوى عنوانا بارزا لانهزام دولة الجنرالات نفسها في واقع الأمر وسقوطها أخلاقيا ومهنيا، وليس للقناة التي تبقى مجرد أداة ناقلة ومأمورة بالتنفيذ. انتكاسة إعلامية أخرى تنضاف إلى الانتكاسات التي عاشها أزلام الجنرالات من قبل في منطقة الكركارات وما تبعه من انهزام سياسي على جميع المستويات في مختلف المنتديات والمحافل الدولية والقارية والأممية، كان آخرها “الرسالة الأضحوكة” التي تقدم بها البرلمان الجزائري إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن مطالبا إياه بالتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء، في جهل تام من برلمان الجنرالات لأصول الديبلوماسية وبروتوكولاتها في دولة رائدة في الديمقراطية مثل أمريكا، لأن عساكر الجزائر تعودوا على مخاطبة رؤساء بعض الدول في إفريقيا وجنوب أمريكا بـ”الباليزا” على طريقتهم، ونسي العساكر عن جهل تام أن الأمور في الولايات المتحدة الأمريكية تجري وفق أعراف وتقاليد في الديمقراطية والوضوح والشفافية، وأن ما يقرره الرئيس الأمريكي بايدن أو غيره يبقى في الأخير مجرد تكملة لرأي الكونغريس(البرلمان) بغرفتيه (النواب والشيوخ) في واشنطن، وما سبقه من عودة للمغرب بقوة للاتحاد الإفريقي وفتح قناصل وسفارات الدول العربية والإفريقية في العيون والداخلة وإنجازات المغرب الاقتصادية ودخوله لصناعة السيارات من بابها الواسع دون أن ننسى انفتاحه على صناعة وتركيب أجزاء الطائرات.
مادة “الشروق” الإعلامية فاسدة من أصلها ولا تصلح للتصدير، وتظهر بالواضح أن عساكر الجزائر وجنرالاتها أصبحوا محاصرين عاجزين تائهين ومنهزمين نفسيا في دواخلهم وعسكريا في الصحراء المغربية وديبلوماسيا وإعلاميا في العالم وأفلسوا ماليا في عقار ديارهم، أضاعوا البوصلة منذ مدة ليست بالقصيرة ولم يعودوا يعرفون ماذا يصنعون وقد اعتراهم الضياع، لكن ماذا ننتظر منهم، والحالة هذه، سوى المزيد من السقوط الاخلاقي والإفلاس الإعلامي والاقتصادي والسياسي المدوّي…!.
كان جديرا بقناة الشرور أن تهتم بالشأن الداخلي الجزائري وأزمة المواطن الجزائري مع أضعف متطلباته، كفاكهة الموز التي لم تعد فئات واسعة من الشعب على اقتنائها أو الوقوف في الصفوف الطويلة منذ الصباح الباكر لاقتناء أضعف متطلبات العيش الكريم كمادة الحليب، والبحث عن بذرة الديمقراطية الغائبة في بلد يحكمه العساكر بقبضة من حديد وأوصلوه إلى الأزمة والإفلاس الكلي، وهم يبحثون في يأس عن طريقة يصدرون بها أزمتهم خارج التراب الجزائري عن طريق برنامج إعلامي فاسد ورديء المحتوى.