خواطر92 -عندما يكبر الأولاد
محمد اسماعيلي
عندما يكبر الأولاد
سيكون البيت خالياً من الفوضى والإزعاج..
ولن نجد رسومات مضحكة على جدران المنزل.. أو ملصقات غريبة على باب البيت.. أو صور مليئة بالألوان على الثلاجة…
عندما يكبر الأولاد
سنجلس لقراءة كتابنا المفضّل.. دون أن يأتي ابننا الصغير لنمسح له وجهه أو يضع يده المبللة على صفحات كتابنا.. أو تأتي ابنتنا الصغيرة لتقفز فوق ظهرنا وتضمنا وتغمرنا بالحب…
عندما يكبر الأولاد
لن نجد بقايا الأكل الفاسد أسفل السرير.. أو أصداف متناثرة على طاولة غرفة الجلوس..
ولن نجد أحدا يكسر المزهريات الموجودة بالمنزل..
عندما يكبر الأولاد
لن نجد أحد يعبث بحواسبنا.. أو يلعب لعبته المفضلة في هواتفنا…
عندما يكبر الأولاد
لن نسمع لصراخ الأبناء وهم يتجادلون من سيدخل الحمام أولاً فنضحك في سِرِّنا من كلماتهم..
عندما يكبر الأولاد
لن نجد أحدا يزورنا في منتصف الليل خائفا من حلم مزعج أو كابوس.. ويكون حضننا وسريرنا مأمنا له.
عندما يكبر الأولاد
سنمشي في المتاجر دون أن نقلق لمرورنا على قسم الحلويات أو الألعاب.. وسَنَمُرُّ أمام آلة كرات العلك دون أن نضطر للوقوف أمامها…
عندما يكبر الأولاد
لن نضطر لتحضير الشوربه على شكل أحرف.. أو تقشير الفواكه وصَفِّها على شكل قطار.. وإطعامها للأولاد بواسطة الطائرة الخيالية…
عندما يكبر الأولاد
نعلم أن الحياة ستكون مختلفة.. فالأولاد سيغادرون العش والبيت سيصبح فارغاً وهادئاً ونعلم أن ذلك لن يعجبنا أبداً ويحزننا كثيرا..
ولكن عندما يعودون إلينا مع أولادهم سنعود لذكرياتنا القديمة لنعيشها ثانية..
لتستمتع بكل لحظة مع الأولاد.. فأحداث اليوم هي ذكريات المستقبل…
لنستمتع بتربية فلذات أكبادنا فهي تجربة ثرية حقا…
لنستمتع بالحياة مع أولادنا قبل أن يكبروا..
قبل أن تشاركنا فيهم صوارف الأيام وملاهي الدنيا.. وقبل أن ينفضوا من حولنا.. فبقدر استمتاعنا بوجودهم وهم صغارا نستمتع بحضورهم وهم كبارا …
لما كان الاولاد صغارا كانوا معنا.. ولما كبروا صار لكل واحد منهم حياته الخاصة واهتماماته وأولوياته…
وهم صغارا كانوا يحاولون الحديث معنا ولما كبروا ربما ننتظر منهم كلمة فلا نطالها..
وهم صغارا يتمسحون بنا ويجلسون بجوارنا ويرغبون في الذهاب معنا في كل مكان.. وعندما يكبرون فسنجدهم يتضايقون جداً إذا قطعنا خلوتهم أو دخلنا عليهم دون استئذان وطبعاً يرفضون الخروج معنا أو مرافقتنا لحفل أو في نزهة…
وهم صغارا قلوبهم كلها كانت لنا.. اما لما يكبرون فستكون قلوبهم لغيرنا خاصة إذا لم نترك رصيدا لديهم وهم صغارا… لذلك علينا أن نشحن أرصدة كثيرة جدا جدا من الحب والعطف والتسامح والسلام والرحمة والشفقة في قلوب أولادنا وهم صغارا لنجدها ويردونها لنا وهم كبارا…
لنقدم لأولادنا الإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة والسبت.. لعلهم يقدمون لنا الأحد…
هكذا هي سُنّة الحياة…
م.إسماعيلي
2021/04/02