ذاكرة مدينة وجدة المعرفية: الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي والعقيد عبد الحميد ميري (1923-2000) -الحلقة 107
بدر المقري
لولا أن السيرة الذاتية للمقاوم الكبير الهاشمي الطود يرحمه الله (1930-2016) كَشَفَتْ عن تَتَلْمُذِ العقيد عبد الحميد ميري الحسني أو (عبد الحميد الوجدي) على الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي (1882-1963) لَطُمِسَ كُليَةً مسارُه المتميزُ وَ لَفَاتَنَا أن نعرف أنه قد أضاف إلى نشأته في رحاب زاوية الشيخ ماء العينين التي تشرف عليها أسرته في حي (أولاد الگاضي) بوجدة، تخرجه من مدرسة الخطابي فِكراً وممارسةً.
وفي انتظار التوسع في توثيق هذه المحطة الكبرى من حياة (عبد الحميد الوجدي)، فإن المقام يفرض الاكتفاء بالمعطيات الموجزة الآتية التي تُعرفُ بِتَتَلْمُذِهِ على الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي يرحمه الله:
1- وجه الخطابي المقيم بالقاهرة نداءً إلى العالم الإسلامي يوم 29 نونبر 1947 لأجل إعلان المقاومة بعد صدور قرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين. وقد اتخذ الخطابي قرار إلحاق بعض المتطوعين المغاربيين بكليات عسكرية في مصر وسوريا والعراق لأن مقاومة المشاريع الاستعمارية تتطلب تكوينا عسكريا احترافيا. وقد كان (عبد الحميد الوجدي) من الذين التحقوا في أواخر سنة 1948 بالكلية الملكية العسكرية في بغداد رفقة متطوعين مغاربيين.
2- أعضاء البعثة المغاربية هُمْ: عبد الحميد ميري (عبد الحميد الوجدي) والهاشمي الطود ومحمد حمادي العزيز وأحمد عبد السلام الريفي (حدو أقشيش) من المغرب، و محمد إبراهيم القاضي من الجزائر، وعمر الهادي ويوسف العبيدي من تونس.
3- بدأ أعضاء البعثة المغاربية دراستهم في الكلية الملكية العسكرية ببغداد، يوم 1 نونبر 1948 و دام تكوينهم ثلاثة مواسم دراسية: (1948-1949)، (1949-1950)، (1950-1951).
4- كان أعضاء البعثة يقضون عطلتهم الصيفية في (دار المعلمين العليا) ببغداد.
5- ظل الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي على صلة بأعضاء البعثة المغاربية و كان يدعمهم ماديا. ومما تميز به الخطابي في تواصله كتابيا معهم، أنه كان يرسل بالتناوب كل مرة رسالة باسم أحد أعضاء البعثة ليبلغها إلى الباقين.
6- أرسل الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى بغداد في الموسم الدراسي (1949-1950) بعثة مغاربية عسكرية و أخرى مدنية.
7- اختص أعضاء البعثة المغاربية، و منهم (عبد الحميد الوجدي)، بسلاح المدرعات و سلاح المدفعية و الهندسة العسكرية و الاتصالات السلكية واللاسلكية والتسيير الإداري العسكري والتموين.
8- تخرج (عبد الحميد الوجدي) بِرُتْبَةِ (مُلازِمٍ ثانٍ) Sous-lieutenant، وعاد مع باقي أعضاء البعثة المغاربية إلى القاهرة في بداية يوليوز 1951. وقد وضعوا أنفسهم رهن إشارة الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في أفق تحقيق ثورة تحرير مسلحة مغاربية.
9- تكفل الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بإيجار شقق لأعضاء البعثة المغاربية في القاهرة. وكان (عبد الحميد الوجدي) يقيم في شُقة رُفْقَةَ الهاشمي الطود ومحمد حمادي العزيز.
10- حضر (عبد الحميد الوجدي) والهاشمي الطود في أواخر شتنبر 1951 اجتماعا بين الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي والزعيم الجزائري (مصالي الحاج). وقد عرض عليه الخطابي إعلان الكفاح المسلح في الجزائر، و لكن (مصالي الحاج) أكد له استحالة ذلك.
11- كلف الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في بداية أكتوبر 1951 (عبد الحميد الوجدي) والهاشمي الطود باتخاذ العُدة اللازمة لتكون ليبيا قاعدة خلفية لثورة التحرير المغاربية. وقد شرعا في تنفيذ ما كُلفا به يوم 19 أكتوبر 1951، و عَادَا إلى القاهرة في فبراير 1952، ثم كانت المهمة الثانية في أبريل 1952. وقد أقام (عبد الحميد الوجدي) خلالها في مدينة بنغازي وأصبح قائدها التنظيمي.
12- أفشلت حسابات حزبية ضيقة مشروع الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي لتكون ثورة التحرير المسلحة مغاربية.
13- ضاعت مني خيوط مسار (عبد الحميد الوجدي) بعد محطة بنغازي سنة 1952. فعسى أن يُيَسرَ البحث في الوثائق مَلْءَ هذا الفراغ.
14- إنه من تمام أخلاقيات الذاكرة أن يتم تكريم العقيد عبد الحميد ميري (عبد الحميد الوجدي) بتنظيم يومٍ دراسي يُخَص بمساره مع الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي بالإضافة إلى تسمية شارع من شوارع وجدة باسمه يرحمه الله .