وعادت حليمة إلى عادتها القديمة
محمد اسماعيلي
حينما يسود الارتجال في التسيير وتغلب الحسابات السياسوية الضيقة على أي اعتبار آخر.. وحينما يتم التعامل مع المواطنين حسب ما يمثله من أصوات انتخابية تارة وبتمييز فئوي تارة أخرى وكأن بعض السكان مواطنون بالدرجة الثانية أو ينتمون لبلد آخر والبعض الآخر يستحق العطف والرعاية والإهتمام ولو على حساب الصنف الأول ما دام الآخر قد يملأ صناديق الاقتراع باللون المفضل أو المطلوب أو المفروض.. لا فرق ما دام أبناء عبد الواحد واحد.. حينها تعود حليمة إلى عادتها القديمة…
مناسبة هذا الكلام هو عودة الباعة المتجولين إلى احتلال جنبات ما كان يسمى السوق المغطاة سابقا والذي تعرض هو دار الشباب الأندلس للهدم في سابقة لا مثيل لها وبتواطؤ من السلطات المحلية والمنتخبة على حد سواء لمحو المآثر القليلة لمدينة مائوية حديثة تلتها محو مآثر أخرى وتشويه البقية كما يحدث لساحة سيدي أحمد أبركان حيث تم تفريخ بعض البراريك بقدرة قادرة تفتقد لأي جمالية أو ذوق سليم بل لا محل لها من الإعراب في ساحة تاريخية تعتبر ذاكرة المدينة…
عندما تم هدم السوق المغطاة حتى قبل أن يتم الانتهاء من السوق البديلة بالقرب من عين السلطان تم تخصيص مصلى العيدين لتجار السوق المهدمة بشكل مؤقت وها هي السنة الثانية ولا زالوا هناك ولولا هذه الجائحة التي فرضت إغلاق المساجد والصلاة الجماعية لما وجدنا مكانا نصلي فيه صلاة العيد علما ان روائح الخبيثة الناتجة عن تعفن الخضار من جهة وبقايا السمك من جهة أخرى تملأ المكان ولا يسلم منها المار حتى بعيد بل وتحملها الرياح أحيانا للمنازل ليس المجاورة فقط بل والبعيدة لعشرات إن لم نقل مئات الأمتار..بينما تسري الشائعات حول دكاكين السوق الجديدة التي منحت إدارتها لشركة اصبحت اخطبوطا يحشر أياديه في كل شيء. هذه السوق التي يتأجل افتتاحها من حين لآخر لأسباب يقال أنها تتعلق إذا صحت الإشاعات بسوء التوزيع بين المستفيدين من جهة وحرمان بعض المستحقين من الاستفادة وقد تكشف الأيام المستور…
نورد كل هذه الفسيفساء من الوقائع لنتساءل:
من جاء هؤلاء الباعة الذين يحتلون جنبات السوق المغطاة المهدمة؟
ألم يتم إعطاءهم المصلى في انتظار السوق الجديدة بعين السلطان؟
قد يقول قائل أن الأزمة الاقتصادية وانعدام أي فرص للشغل بالمدينة وتأثير الجائحة هي التي دفعت بجيش العاطلين للممارسة هذه المهنة في هذا الشهر الفضيل كمورد للرزق… لكن كل هذا لا يجعل منه مبررا لاحتلال جنبات الطريق خاصة أن ذلك المكان يعرف ضيقا وازدحاما بعد الأشغال التي يعرفها من جهة ولكونه محطة لستة خطوط للحافلات ضدا على كل قوانسن المجال الحضري من جهة ثانية ومحطة لسياراة الأجرة القاصدة واولوت وزكزل من جهة ثالثة إضافة لتوقف عربات النقل الصغيرة…
لو اقتصر الأمر على البيع لربما تمت مراعاة الظروف وإن كان للسكان المكان حقوقا في الهدوء و الراحة والأمن باعتبارهم كذلك مواطنين يدفعون الضرائب لكن أن يتحول المكان كل مساء إلى مزبلة ومجمع للقاذورات المترتبة عن مخلفات الباعة المتجولين من جهة وساحة للعراك والشجار والكلام البذيء والتصرفات اللاأخلاقية من جهة أخرى إضافة إلى تهديد السكان كما يحصل مع عائلة تيجيني المتضرر الأكبر من هذا الإحتلال للملك العام…
لا يمكن السكوت على هذه الفوضى وهذا التواطؤ بأي حجة مهما كانت فالسلطات بمختلف صلاحياتها الإدارية والأمنية والتنظيمية والتشاركية التي تحترم نفسها وإن مان بعضها قد قام بواجبه لا تترك الحابل على النابل لحسابات ظرفية وضيقة ولا تتحرك مؤقتا عند احتجاج السكان فتأتي دورية للحظات يتفرق فيها الباعة ثم يعودون بمجرد ما تذهب الدورية لحال سبيلها بل تسعى إلى أداء واجبها في إطار من الاحترام والتقدير ومراعاة حقوق ومصالح السكان سواسية دون تمييز والنظر إليهم كمواطنين والتفكير في حلول موضوعية ومعقولة غير ترقيعية وليس كأوراق تصويت تنتهي صلاحيتهم بمجرد ما يضعوا الورقة في الصندوق ولا يتم التفكير فيهم وفي مشاكلهم سوى عند اقتراب موعد آخر للانتخابات…
م.إسماعيلي