عناصر الأمن الجزائرية “تعتقل” كميات من زيت المائدة كانت متخفية وتضعها تحت المراقبة
عبدالقادر كتــرة
في مشهد مثير ومخجل، تصطف طوابير من الجزائريين، يذكر بطوابير الحربين العالميتين أو فترات المجاعة والأوبئة، أملا في الظفر بقنينة زيت المائدة من فئة 5 لترات ، في عدد من المدن الجزائرية.
هذا الوضع تطلَّب نزول عناصر قوات الدرك الوطني ورجال الأمن، لتنظيم عملية توزيع زيت المائدة، التي أصبحت أغلى من الذهب والفضة في بلد يرفل في خيرات وثروات كبيرة، تذهب نسب كبيرة منها الى أرصدة وحسابات قيادات جبهة “بوليساريو”، وفقا لما أكدته تقارير دولية في هذا الصدد.
ووضعت كمية الزيت المتوفرة وهي قليلة، تحت حراسة رجال الدرك والأمن المسلحين كما لو كانت قنينات الزيت في حالة اعتقال أو مستعدة للهروب، في مشهد غريب، إذ لا يستوعب المواطن إن كانت فوهات الأسلحة النارية موجهة للقنينات أو لصدره.
وأصبح الحصول على هذه المادة الغذائية الأساسية، في الجزائر، رهين التسجيل بالقوائم الخاصة، على غرار “البون” في عهد الاستعمار، وانتظار الدور قصد الحصول على كمية منها، وبسعر فاق القدرة الشرائية الجزائرية، إن وجدت، حيث تجاوز 1000 دينار وأكثر 1200 دينار جزائري، أي ما بين 100 و120 درهم مغربي.
وضع ألهم الجزائريين في إطلاق تعليقات ساخرة ونكت ومستملحات، إحداها ” أن صيادا نجح في اصطياد سمكة من البحر، وأخرجها من الماء وكان على وشك وضعها في دلو…، لكن تذكر أن الزيت مفقودة أو لن يتمكن من اقتنائها، ورمى بها في البحر. غطست السمكة ثم أطلت عليه مرة ثانية وهتفت ” يحيى الرئيس تبون””.
وتظهر صور اصطفاف طوابير من المواطنين في صفوف بغية الحصول على نصيبهم من زيت المائدة التي يتحكم في إنتاجها مجمع “سيفتال” لمالكة الملياردير الموالي للعسكر يسعد ربراب، كما أظهرت فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت سابق، تهافت وتدافع المواطنين على محلات التجزئة لشراء كميات كبيرة من الزيت، خوفا من نفاذه، خصوصا في هذه الفترة قبل حلول شهر رمضان.
واندلعت هذه الأزمة بعد إقرار وزارة الخارجية بفرض الفواتير على هذه المادة الأساسية، مما دفع التجار إلى رفض بيعها للمواطنين.
وانضم منتجو الزيت إلى شركة “سيفيتال”، في تبرير سبب الأزمة، فهي ترجع إلى عزوف تجار الجملة عن اقتناء المخزون بسبب رفضهم التعامل بالفوترة التي فرضتها وزارة التجارة مؤخرا، في حين يرى الموزعون أن المنتجين استحوذوا على هامش الربح، وتم حرمانهم من حقهم في “الفائدة” الذي يفرضه منطق العرض والطلب.
وتطالعنا بعد الجرائد المسحوبة على النظام الجزائري بأخبار غريبة عن حجز كميات الزيوت وتدعي أن هناك احتكار ومضاربة وغيرها من التبريرات، على سبيل المثال :” حجز كمية من الزيت وثبت بعد عملية المداهمة وتفتيش المستودع، أن المحجوزات مجهولة المصدر والوجهة وأن صاحبها لا يحوز على سجل تجاري ولا فواتير ولا اعتماد أو رخصة استغلال، حيث قدرت الكمية المحجوزة بـ16 ألف من الزيوت، و1000 كلغ من شحوم المركبات.”
وتمكنت مصالح أمن دائرة ثنية الحد بولاية تيسمسيلت3 ابريل، من حجز 3812 لتر من مادة الزيت النباتي، موجهة للمضاربة والاحتكار للمنتجات والسلع ذات الاستهلاك الواسع، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك.
معاناة المواطنين الجزائريين تجددت مع زيت المائدة بعد الحليب والسميد والسمك والخضر والفواكه وغيرها مما يحتاجه الفقير في قوته اليومي، قبيل شهر رمضان الكريم، بعدما فشل النظام العسكري الجزائري في تزويد الأسواق بهذه المادة الغذائية الحيوية على غرار مجموعة من المواد الأخرى.