المغرب يبسط سيادته على “لكويرة” ويعلن تشييد ميناء
عبدالقادر كتــرة
أبرزت خريطة لمنطقة الصحراء المغربية ومحيطها الإقليم في نشرة القناة الأولى الرئيسية مساء الأربعاء28 أبريل 2021، خلال بثها تقريرا حول ميناء الداخلة الأطلسي المستقبلي، المواقع المينائية الحالية والمستقبلية على طول السواحل المغربية، حيث كشفت عن التخطيط لإنشاء ميناء جديد بمدينة الكويرة أيضا.
هذا يعني أن المملكة المغربية الشريفة بسطت سيادتها على مدينة لكويرة القريبة من مدينة “انواذيبو” شمال موريتانيا وذلك في إطار مشروع عمراني تنموي عملاق ينطلق من مدينة الداخلة وينتهى على حدود إقليم الصحراء مع مدينة انواذيبو الموريتانية.
وعرضت القناة العمومية، حسب ما نشرته جريدة “الصباح”، تقريرا بمناسبة انتهاء الدراسات الخاصة بمشروع ميناء الداخلة وإعلان وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء عن نتائج المرحلة الأولية لعروض إنجاز هذا المشروع تمهيدا لفتح طلب العروض النهائي، إلا أنها أبرزت أيضا أن المغرب يعمل على إنشاء ميناءين آخرين جنوب الداخلة، الأول هو ميناء امهيريز والثاني هو ميناء الكويرة، هذا الأخير يعني بشكل مباشر فرض السيطرة ميدانيا على منطقة كانت إلى وقت قريب ضمن المنطقة العازلة وأيضا فرض منافسة قوية على ميناء نواذيبو الموريتاني.
وتمثل هذه الخطوة، حسب نفس الجريدة، إحدى أبرز أوجه فرض السيادة المغربية على منطقة الكويرة بعد إخراجها من المنطقة العازلة، عقب التدخل الميداني للقوات المسلحة الملكية في “الكركارات” لطرد عناصر البوليساريو التي كانت تقطع الطريق البري الرابط بين المغرب وموريتانيا، بتاريخ 13 نونبر 2020، إذ عقب ذلك أحدثت الرباط تغيرا جذريا في الجدار الرملي الذي تحول جنوبا صوب موريتانيا بعدما كان يمتد إلى أقصى الشرق لينتهي في السواحل الأطلسية، ما يعني عمليًا منع أي إمكانية لوصول العناصر الانفصالية إلى الشواطئ.
مشروع ضخم ستكون له انعكاساته الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة على تنمية منطقة الكويرة، كما أن المغرب يخطط للشروع في إعمارها على نطاق واسع مستقبلا عبر عدة مشاريع اقتصادية وسياحية. والإعلان الرسمي عن المشروع في الظرفية الراهنة، المتسمة بالصراع الدبلوماسي الضاري مع جبهة “البوليساريو” والجزائر، تعني أيضا جني نقاط ثمينة على مستوى تأكيد السيطرة الميدانية المغربية على المنطقة وتأمينها، تزامنا مع زعم الجبهة وجود “حالة” حرب في الصحراء.
وقال المحلل الأمني والاستراتيجي محمد الطيار إن “منطقة لكويرة أرض مغربية تاريخيا، وبسط السيادة عليها أمر حتمي، فموقعها الاستراتيجي الاستثنائي والمتميز شكل موضوع أطماع النظام العسكري الجزائري الذي حاول مرات عدة اختراق منطقة ما كان يعرف قديما بشبه جزيرة الرأس الأبيض، المشكلة حاليا من لكويرة المغربية ونواذيبو الموريتانية”.
وأضاف الطيار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ “أول هذه المحاولات كانت خلال عام 1975، حيث قامت القوات العسكرية الجزائرية بنقل حوالي سبعين عنصرا من مجندي البوليساريو، المؤطرين من طرف ضباط جزائريين، بشاحنات جزائرية إلى لكويرة عبر نواذيبو، وجندت عددا آخر في عين المكان، ورفعت علم البوليساريو فيها”.
وشدد الخبير ذاته على أن “هؤلاء المجندين لم يمكثوا في لكويرة أكثر من شهر، وانسحبوا بسبب اندلاع الحرب مع موريتانيا وهجوم الهواري بومدين عليها بواسطة مليشيات البوليساريو، عقابا للرئيس الموريتاني آنذاك المختار ولد داداه لانحيازه إلى المغرب.”
وفي هذا الصدد، يورد المحلل ذاته، فـ”من نتائج الانتصار الساحق للمغرب في قضية الكركرات وبدون أن يضيع رصاصة واحدة، بسطه لسيادته على كامل ترابه الوطني، ومنها منطقة لكويرة التي تفرض تدابير الحفاظ على الأمن القومي المغربي إعادة إعمارها، وتوفير جميع المرافق الضرورية لرجوع الساكنة إليها وإعادة الحياة إليها من جديد”.
وأوضح الخبير نفسه أن “إعادة إعمار لكويرة سيكون لها الأثر العظيم على هذه المنطقة الاستراتيجية، وسيتم سد باب أطماع النظام العسكري إلى الأبد في الوصول إلى المحيط الأطلسي على حساب التراب المغربي”.
ويرى الطيار أن “إعمار لكويرة سيكون له الأثر الحميد على موريتانيا، فلن تعد هناك أي حواجز تفصلها عن المغرب، وهذا الأمر من شأنه أن يجعلها تشعر بالأمان، ويدفعها إلى الخروج من الموقف الذي تسميه بالحيادي في قضية الصحراء المغربية، وهو موقف فرض عليها عنوة بالتهديد والوعد والوعيد من طرف النظام العسكري الجزائري منذ عهد الهواري بومدين”.
وختم المحلل الأمني والاستراتيجي تصريحه بالقول إن “إعادة إعمار مدينة لكويرة سينعكس بشكل إيجابي على المنطقة التي ستتحول إلى منصة سياحية وبحرية متقدمة ومهمة في تنمية الجانب المغربي وكذا الموريتاني من شبه الجزيرة”.