يؤذن و لا يصلي
من المضحك المبكي إن بعض السياسيين الذين يغصون في الديكتاتورية والاستبدادية و التحكم والنفاق السیاسي يعملون جاهدين أن يكونوا صوتاً للثورات والداعیة لھا بكل ما أوتیت من إمكانيات،وتطالب بممارسة الدیمقراطیة والاستجابة لمطالب الشعب بینما ھم یكفرون بالدیمقراطیة لأنھا حرام طبعا في ممارستهم و تنظيماتهم وحلال في أسطوانة خطاباتهم البئيسة التي يرددونها في محارب الإعلام بافتعال المعارك والهجمات ثم إحاكة المؤامرات للإيقاع بالخصوم .
إن الأشكال المتدنية من العمل السياسي يعود بالدرجة الأولى إلى تأسيس واجهة كيانات حزبية تعمل بنظام المافيات لتحقيق مصالحها وليست أحزاب سياسية تهتم بالشأن العام بل أكثر من ذلك تهتم باستخدام حثالات قاع في مناورتها . فمن المستحيل الارتقاء بأساليب العمل السياسي دون الارتقاء بمستوى الكيانات الحزبية إلى مستوى مؤسسات سياسية تقودها نخب سياسية مناضلة ومثقفة ومدركة لمهمة و مسؤولية العمل السياسي كرموز التغيير و الإصلاح ولديها من الخبرة العملية لإدارة الصراع الاجتماعي و الثقافي و الأيديولوجي عبر المفاوضات الراقية والسلمية لتحقيق الأمن والاستقرار بما يخدم عملية التنمية والتقدم للمجتمع .لهذا فنتيجة العزوف يجسده الشرفاء وأصحاب الكفاءات أما التهافت فمن الطامعين المتسلقين من أجل تحقيق المنافع وإن كان ذلك التنازل على حساب مصالح والتفريط بمطالب الشعب.
ما يحز في النفس أن هناك أحزابا أفلست سياسيا وتنظيميا ومازالت تتبجح بإنجازات من صنع خيال طغيانها عن جد افتقدنا أبطال سياسيين كنا من قبل نتغنوا بهم أين نحن منهم؟ و أين نحن من الدور المحوري للسياسي الذي يرتكز على النضال الواعي ضد التسلط و القمع؟ أين نحن من الرؤية النقدية والتنويرية للمجتمع ؟ فالسياسي المسؤول و الجاد هو من يترافع عن الحقيقة في وجه القوة.
لهذا كفاكم ادعاء بالديمقراطية وأنتم أبعد ما یكون عنھا فتفعلون ما یفعله الدیك الذي یؤذن ولا یصلي.. أنتم بالفعل ھكذا، بل أنتم تكفرون بالدیمقراطیة وتقمعون من یطالبكم بھا وتسحقون من يعارضكم وتغیبون من هم أحسن منكم وتحرضون ضد أي تحرك یقوم به المصلحون.
الشجرة التي لا تثمر في الخريف فلا تنتظر خيراتها في الربيع لهذا صرخاتكم الاصطناعية للدفاع عن حقوق الإنسان والحریات والكرامة والدیمقراطیة ما ھي إلا قمیص عثمان الذي تتاجرون به.
بقلم الأستاذة حسناء شهابي