ما هي انتظارات جهة الشرق من النموذج التنموي المرتقب ؟
ذة . سليمة فراجي
ان النموذج التنموي سيضمن لا محالة تحسين وتعزيز تقدم الشعب وضمان استفادته من الصحة والتعليم والشغل والأمن ، وتحقيق العدالة المجالية ، ومواجهة التحديات الاستراتيجية وتأهيل الموارد البشرية وما تم التنصيص عليه دستوريًا من الحق في العيش الكريم ، علمًا انه الإطار المرجعي لتنزيل السياسات العمومية للبلاد ،
وبما ان الأحزاب والقوات الحية ومختلف الفاعلين والنقابات لم تقدم اي مقترح رغم التوجيهات الملكية السامية ولم تستوعب الرسائل القوية في هذا الشأن، اتجهت الارادة الملكية الى احداث لجنة صياغة النموذج التنموي ، تشكلت من كفاءات ومكونات من مختلف التخصصات ، علما ان الامر يتعلق بالإطار المرجعي للسياسات العمومية التي تهم الحكومات والبرلمان والأحزاب ، لذلك بات من الضروري ان تتظافر الجهود من اجل تنزيل وتنفيذ نموذج تنموي يساير تحديات المرحلة ويرقى الى الطموح الملكي ويواجه معضلات عجزت الأحزاب ومكوناتها من التصدي لها نظرا للخلافات واختلاف وجهات النظر والانتصار للمصالح الخاصة والمحسوبية وإبعاد الكفاءات .
جهة الشرق تنتظر الكثير من النموذج التنموي المرتقب ،لانها عانت وتمادت في الحديث عن الإحباط ،واليأس واللامعنى خاصة وان شريحة كبيرة محبة لجهة الشرق من ابنائها البررة يراودهم امل كبير في إنعاشها واستعادة امجادها ، لكن كيف السبيل الى ذلك ونسبة البطالة في الجهة الشرقية تتعدى ضعف باقي الجهات المغربية الاخرى ، أضف الى ذلك ان نسبة الاستثمار لا تتعدى 4 في المائة في جهتنا الحدودية المعتبرة باب افريقيا وأوروبا ، تعثر الإقلاع الصناعي اضافة الى حدود مغلقة وستار حديدي دام ويدوم لعقودوعقود ، جعل من مدينة وجدة التي إبان فتح الحدودكانت ملتقى مغاربيا يمر منها من يتوجه الى الجزائر وتونس وليبيا ، الى مدينة تعج بالمتسولين والمعتوهين وحراس السيارات المضايقين لجل السائقين ، ولا نحتاج الى التشخيص والتعليق وتقارير الخبراء للقول بأننا نعاني من نقص مهول في المعامل والمشاريع الاستثمارية ان لم نقل منعدمة ، وحتى من تشجع من المستثمرين وتسلح بإرادة حديدية من اجل خوض التجربة يواجه بالعراقيل والفشل الذريع بسبب تعقيد الإجراءات وتغول البعض على البعض ومطرقة الادارة الضريبية التي لا تضرب بقوة المتواجدين بالمركز بقدر ما تعد كابوسا لقلة قليلة من الشركات في مدينة وجدة ، وقد يؤدي الامر الى الافلاس او سلوك مسطرة التسوية او التصفية القضائية، بل حتى مساطر تحقيق الرهن المتخذة من طرف الابناك في مواجهة المدينين تنتهي بعدم حضور المزايدين واستحالة استرجاع الديون ,
كل ذلك بين عمارات شاهقة لا احد يهتم بشراء شقق فيها لانعدام السيولة ، ولا من رغبة المالكين في ايجار الشقق خوفا من عدم اداء الوجيبة الكرائية بسبب الازمة الخانقة وطول وتعقيد الإجراءات المسطرية ، ناهيك عن مساطر الشيكات بدون رصيد التي بوشرت حتى في مواجهة كبار الفلاحين ، وانه باستثناء إنجاز المقاهي والحمامات وقاعات الحفلات ، واحيانا تشييد عمارات لا هي تواجه أزمة السكن ولا هي عامرة بالساكنة ، فيحكم عليها بصمت ابي الهول ، ويواجه أصحابها بالتزامات ضريبية خانقة ،يجدالمرؤ نفسه يدفع صخرة سيزيف دونما تحقيق نتيجة تنموية ،تفرج كربة الشباب العاطل ، والمواطن المؤمن بدستور رفع سقف الحقوق والحريات ،ووعد بالحق في الشغل والسكن اللائق والتعليم والصحة للجميع٠
تحدثنا كثيرا عن عشرات انواع المياه الغازية والطبيعية الموجودة في الاسواق ، باستثناء فزوان و لالة شافية وعيشون التي هي مياه من منبع جهة الشرق ، ولا زلنا نجهل سبب عدم استثمارها وتسويقها من اجل خلق فرص الشغل ، رغم اجماع الأطباء على منافعها ،
تساءلنا لماذا لا يتم التفكير في تحويل الطاقة الأحفورية بالطاقات البديلة بمدينة جرادة المدينة المنجمية بامتياز وخلق معامل للألواح الشمسية خصوصا وان المنطقة تتوفر على جميع المكونات المتطلبة من ماء ورياح وشمس حارة ،وهو ما عايناه بالنسبة للأردن الذي يتوفر على نفس المناخ لما كنّا بصدد مناقشة دور المشرع في تشجيع الطاقات البديلة المنظم من طرف برلمان المناخ ،
تم الحديث عن الصناعات التحويلية خصوصا وان المنطقة تتميز بالحوامض والبواكر والحليب ومشتقاته وان التوفر على اقطاب صناعية وفلاحية دون التفكير في التصنيع وجلب المستثمرين ورفع الحيف عن طريق التحفيزات الضريبية ولو الجزئية منها ، وإيجاد فرص التسويق مع اعتماد الجودة من اجل مواجهة المنافسة ، قد تجعل منها بنايات لا فائدة منها ، العدد القليل من الشركات اصبح هاجسها المراجعات الضريبية التي دفعت بالكثيرين الى الإفلاس وحل الشركات ، ولكم انتفض العديدون في وجه الحكومة موضحين ان التحفيزات الضريبية ولو الجزئية قد تكون هي المحفز لجلب المستثمر خصوصا وان الجهة تتوفر على اربع مطارات وطريق سيار وتثنية الطرقات وميناء الناظور بل ولماذا لا تعرف الناظور القفزة التي عرفتها مدينة طنجة ؟ اذا كان الوطن يعاني من نموذج تنموي مرتبك بسبب انعدام العدالة المجالية ، وتغول اصحاب المصالح الخاصة والتوزيع غير العادل للثروات وكان الحلم على الصعيد الوطني هو اقتصاد منتج للثروة وللشغل اللائق وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل للثروات ،ودعم الطلب الداخلي وتقوية الطلب الخارجي، ورفع تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين الحكامة ومحاربة المضاربة والاحتكار والريع، وتطوير نجاعة الإدارة وتحسين مناخ الأعمال ، وملاءمة تخصصات الطلبة مع سوق الشغل حتى لا نواجه بحملة ديبلومات لا تمكن أصحابها من ولوج سوق الشغل ، فان التمادي في تجاهل العدالة المجالية وترك جهات معرضة للإحباط والمعاناة اليومية دون سياسة حكومية ناجعة مخططة لإقلاع اقتصادي محركه إقلاع صناعي ،يجعل المجهوذات المبذولة في مجال التاهيل والبناء التحتي عرضة للاندثاروالتلاشي كالوضع الذي تعيشه المحطة السياحية بالسعيدية ،وغيرها من المنجزات التي غيب أهميتها انعدام الاستثمار وما استتبعه من بطالة وانعدام فرص الشغل وهجرة الشباب الى مقاصد مجهولة .
لذلك اذا كانت تقربر اللجنة بخصوص النموذج التنموي يشكل مرحلة جديدة في توطيد المشروع المجتمعي، تحت قيادة العاهل المفدى يهدف “تعزيز الارتباط بقيم المواطنة الإيجابية والفاعلة، وتقوية الشعور بالانتماء إلى الأمة، وتأكيد الشخصية التاريخية والثقافية المغربية، الغنية بتاريخها العريق، والمتميزة بالانفتاح، وبتعدد مكوناتها” فان تنزيل وتفعيل هذا النموذج في ظل منظومة اقتصادية في تحول مستمر يقتضي التسلح بارادة قوية لان الحلول السحرية كما قيل غير موجودة وان تداعيات كورونا كشفت عن فئات هشة وثغرات القطاع الصحي ، كما ان الرقمنة اصبحت تفرض نفسها والمنظومة التربوية اصبحت على المحك
جهة الشرق تنتظر ما سيتحقق من نتائج تخص عملية إقلاع شاملة تليق بجهة تعتبر حصنًا حصينا لمغرب غني بجهاته وثوابته وروافده .