جماعة راس عصفورـ دوار اولاد سعيد ـ إقليم جرادة : في ظل الجفاف ،المجال الغابوي في خطر
جابري يحيى
لا حديث في الايام الاخير ة بجماعة راس عصفور, وخاصة على مستوى دوار اولاد سعيد بني بوحمدون الا عن التخريب والتدمير الذي يطال الغطاء النباتي ، خاصة شجر البلوط الاخضر والشيح الذي تزخر به المنطقة , والذي يعتبر من المجالات الضيقة والنادرة في إقليم جرادة الذي يعاني من الجفاف و التصحرمنذ عقود
فرغم الحرص الذي أصبحت تبديه الساكنة حفاظا على هذا الموروث البيئي من الدمار بتوقيف كل أشكال قطع الغابة أوالرعي الجائر .رغم كل ذلك تفتقت عبقرية المسؤولين على الاقليم عن تفويت الملك الغابوي والمجال الغابوي لتعاونيات تدعي البحث عن المعادن واستخراجها وتسويقها في ظروف أقل ما يقال عنها أنها غير مراقبة وغير مؤطرة وفي أمكنة مضرة بالساكنة على عدة المستويات :
1 ) ففيما يتعلق بالغابة وشجر البلوط الاخضر خصوصا سمح الاستغلال العشوائي المفتوح على السماء بتدمير واجتثاث مساحات شاسعة من الغابة الطبيعية يستحيل معها ان تنبت مرة اخرى في ظروف سنوات الجفاف المتعاقبة
2) بالنسبة لنبات الشيح الطبي والعطري الذي تزخر به المنطقة والذي يعتبر مرتعا للماشية ومساهما في توفير أجود اللحوم في قبيلة بني بوحمدون تم تدمير مساحات لا يستهان بها منه إن لم نقل أغلب مساحاته
3) ساكنة الدوار ومنها نساء وأطفال وفتيات كانوا يظطرون إلى مرافقة قطعانهم في الغابة أصبحو يخشون على أنفسهم وعلى ماشيتهم من وجود غرباء في الغابة لا يعرف أحد من أين أتو وكيف نصبو خيامهم البلاستيكية بها ومن أي نوع هم خاصة مع تواجد سيارات وعربات كثيرة في ملك هؤلاء
4) تشعر ساكنة الدوار بأن حرمة الدوار أصبحت مستباحة ولم يعد للجماعة ولا لسكان القبيلة حرمة .كما أنه أصبح من المستحيل على سكان القبيلة ودوار اولاد سعيد من الرجال على الخصوص ، المبيت بعيدا عن مساكنهم مهما كانت الظروف لعدم الشعور بالامن الذي اصبح يطغى على الساكنة
5) استغلال المعادن على الطريقة المفتوحة à ciel ouvert ينتج عنه العديد من الابار والحفر الخطيرة ، التي تتركها التعاونيات وراءها والتي تشكل خطرا على الكل إنسانا كان، أم حيوانا وخاصة في الليل
هذه جملة من الاضرار التي لحقت سكان جماعة راس عصفور عموما ودوار اولاد سعيد على الخصوص كما استقيناها من أفواه الساكنة القاطنة بالدوار ، والتي تلتمس تدخل الجهات المسؤولة إقليميا وجهويا ووطنيا كل في دائرة اختصاصه من أجل رفعها وإعادة الطمأنينة إليها خصوصا إذا علمنا أن الثقافة السائدة لدى ساكنة الدوار تعتمد على مشاركة المرأة لاخيها الرجل في جميع أعباء الحياة التي تقوم على الزراعة وتربية الماشية …
جميل جدا أن تجد الدولة والمسؤولين وطنيا وجهويا وإقليميا ومحليا حلا لازمة بطالة الشباب ،ولكن ليس على حساب راحة الساكنة ومصالحها ، وليس على حساب المحاط الطبيعي لقبيلة عاشت فيه منذ قرون خلت ، وليس على حساب الغطاء النباتي الطبيعي الذي ما أحوجنا إلى الحفاظ عليه من الاندثار ، وليس على حساب البيئة ، المتنفس الوحيد في المنطقة لساكنة المدن المجاورة
للإشارة فمنطقة بونزورة وحواض الشيح التي يتم تخريبها حاليا ،سبق لشركة تويسيت أن نقبت فيها في اربعينيات القرن الماضي ولم تجد المعدن الكافي ، لذا يتساءل السكان عن السر في توجيه التعاونيا نحو المجال الغابوي بجماعة راس عصفور بينما المعدن لازال موجودا بمنطقتي تويسيت وبوبكر الخاليتين من المجال الغابوي ، ويخشون أن يكون الامر يتعلق ببيع الغابة وسرقة الحطب أكثر من بيع المعدن
نتمنى أن يوقف هذا النزيف في أسرع وقت وذلك بسحب رخص الاستغلال العشوائي من التعاونيات ، لان إفران المغرب الشرقي –كما يحلو للبعض تسميته –في خطر ..والمسؤولين عن المياه والغابات والبيئة في المنطقة تجاوزتهم الامور على ما يبدو…. نسال الله عز وجل سبل الرشاد وأن يحفظ هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين… آمين …
يحيى جابري