الجزائر : نهج سياسة القمع والترهيب والاعتقالات في تخويف وتهديد الشعب قبل انتخابات 12 يونيو…!!
بدر سنوسي
بث التلفزيون العمومي في الجزائر، مساء يوم الجمعة الاخير، مقاطع “عنيفة” لضحايا المجازر التي ارتكبتها جماعات إرهابية خلال “العشرية السوداء”، والتي ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين. وتضمن البرنامج الخاص أيضا اتهامات لـ”حركة رشاد” ولمعارضين في الخارج…وخلفت الصور التي وقع عرضها جدلا واسعا في البلاد و تساؤلات حول الجدوى من بثها في هده الفترة خاصة بعد تنامي الحراك الشعبي الدي يرفض رفضا قاطعا المشاركة في انتخابات 12 يونيو..
هدا ولا تزال ردود الفعل الغاضبة تتوالى بخصوص البرنامج الدي بثه التلفزيون العمومي والدي تضمن مشاهد اعتبرت صادمة ومرعبة وثقت لمجازر ارتكبتها الجماعات المتشددة تسعينات القرن الماضي، وخلال بث المشاهد حاول سعيد شنقريحة التلويح بالتهديد الإرهابي الذي ساد خلال سنوات التسعينيات، وبالتالي تخويف الجزائريين في وقت تمر فيه البلاد بأخطر أزمة متعددة الأوجه في تاريخها.
الغريب في الامر انه ليس المرة الأولى الدي تلجأ فيعا ” عصابة السوء ” الى تخويف الجزائريين ببث مشاهد الرعب في سنوات ” العشرية الدموية” بل سبق التلويح بورقة الإرهاب، كما وقع في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، بإقدام التلفزيون الرسمي على بثّ صور مرعبة ومشاهد صادمة من المأساة الوطنية، معتبرًا ذلك “إرهابًا إعلاميًا يُراد به ترهيب الشعب الجزائري”. وانتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي آنذاك بث “مشاهد العنف”، التي اعتبروها “مخالفة لقانون ميثاق السلم والمصالحة الوطنية”، الذي صودق عليه في استفتاء 29 سبتمبر 2005.
و في تصريح سابق للوزير الأول أحمد أويحي ، اعلن جهارا دعمه، لخطوة التلفزيون بنشره سنة 2018 صورا حول فترة المأساة الوطنية والتي وصفها البعض” بالصادمة” ، وأكد أويحي على هامش زيارته إلى وهران أن “الصور التي نشكر التلفزيون الوطني على بثها، كانت للترحم على ضحايا الإرهاب وكانت ذاكرة للجزائريين مهما كانت توجهاتهم السياسية، لان هذه الأمانة التي تسمى الجزائر– يضيف – يجب أن تحفظ” . وحسب المتتبعين فان ما خفي من تصريحات الوزير اويحيى كان اعظم ، وكأن لسان حاله يقول : اما ان تقبلوا التقشف يا شعب الجزائر …و الا سوف يحدث لكم مثل ما حدث في الصور…….
و في سياق الموضوع ، سبق وان دكر وزير الدفاع الجزائري ورئيس أركان الجيش، الفريق احمد قايد صالح، في خطاب الجزائريين بـ”العشرية السوداء” (فترة الإرهاب في التسعينات)، وقال “هناك جهات تريد عودة الجزائر إلى سنوات الجمر (…) – زاعما – انها منزعجة من رؤية الأوضاع مستقرة في البلاد”.
ليبقى السؤال المطروح اليوم، إلى أي مدى سيذهب النظام الجزائري مع استراتيجية التهديد الإرهابي؟ لا أحد ينسى أنه خلال العشرية السوداء، كان السؤال المحوري بالنسبة للشعب الجزائري، “من يقتل من؟” ليتضح بالملموس أن عددا من المجازر ارتكبها نفس الأشخاص الذين كانوا يزعمون أنهم يحاربون الإرهاب… لكن المؤكد هو أنه في مواجهة احتمال انفجار شعبي محتوم وفي مواجهة النزعة السلمية التي أبان عنها الحراك خلال مدة ليست بالهينة من التظاهرات الأسبوعية، تحاول السلطة العسكرية إدامة سيطرتها بالتلويح بخطر الإرهاب…. علما ان البعض يعتبر ان ما تلوح به العصابة من تحذيرات، ما هو الا “إيحاءاتٌ سلبية، بالابتزاز والمساومة والمقايضة بالحلول الانفرادية للسلطة، أو القبول بالوضع الحالي في ظل الازمة الخانقة التي تمر منها الجزائر….
يشار إلى أن ازمة ” العشرية السوداء ” التي بدأت مطلع 1992، بعد إلغاء نتائج الانتخابات العامة التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ، خلفت نحو مئتي ألف قتيل، وخسائر قدرت بما يقارب عشرين مليار دولار، بالإضافة إلى الآلاف من حالات الاختفاء القسري والجرحى والمساجين والمطرودين من عملهم.