الحزن الراقي
خواطر103
“الحزن الراقي”
يقول أحد الحكماء: ”كن مؤدبًا في حزنك، حامدًا في دمعتك، أنيقًا في ألمك؛ فالحزن كما الفرح سيمكث قليلاً ويعود من حيث أتى حاملاً معه تفاصيل صبرك.”..
لا تحزن..
فالحزن يفقدك راحة يومك ويفسد عليك غدك..
لا تحزن..
فالحزن يطفئ النور الذي بداخلك.. ويتعب روحك ويغطي بالعبوس ضياء وجهك..
لا تحزن..
فالحزن يسر خصمك ويؤلم حبيبك ويقلق صديقك ويشمت بك عدوك..
لا تحزن..
فالحزن لا يرد مفقودا ولا يوقف قدرا ولا يجلب نفعا..
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
هل سمعتم يوماً بالحزن الراقي؟
هو ذاك الحزن الذي يحرق العيون دون دموع، يسكن في أيسر الصدر ولا يعلم به أحد لأن صاحبه لا يشكيه ولا يبكيه بل يتعايش معه وفيه.
كم هو مؤلم.. أن لا يؤنسك في غمرات حزنك إلا حزنك.. تَبّاً له كم هو وَفِيّ.. ومهما يكن لا تحرم نفسك من جمال الحياة.. لأن أحدهم ظلمك أو خذلك أو ضايقك..أو خانك.. أو غادرك.. أو فارقك.. فلا أحد يستحق أن تخسر كل شيء من أجله.. وإن وجد من يستحق فهو لن يرضى أن تضر نفسك من أجله… ستجبرك الحياة لتعلمك أنها لا تقف على أحد… وأنك تستطيع أن تعيش مع الجميع أو مع البعض أو بدونهم جميعا.. فالحياة لا تنتظر أحدا ولا تتوقف من أجل أحد.. ستحزن لوحدك وستبقى وحدك تتألم بينما الجميع سيمضي لذلك الأجدر بك والأولى أن تعتق نفسك من عبودية الإنتظار ولا تقف على عتبة الماضي تستجدي عودة الراحلين.. فمن قوانين الكرامة أن تعيش وحيدا خير لك من العيش بديلا.. أن تستند على عصا أفضل من الإستناد على كتف لا يريدك.. فلا تجبر نفسك على أحد ولا تجبر أحدا عليك.. ولا تفعل المستحيل لشخص لا يفعل لك حتى الممكن.. ولا تخسر نفسك للحفاظ على مَن لا يأبه لغيابك ولا يهتم لفقدانك..
استمتع بحياتك قدر المستطاع ودلل نفسك.. فالعمر واحد وأغلى من أن تهدره خلف إنسان خاب فيه الظن أو خان الثقة أو خذل عند الحاجة إليه.. فلا تسمح لأي كان أن يجرك إلى عالم الأحزان ويسلبك حقك في الفرح والمرح.. في الابتسام والضحك.. فمهما خسرت هنالك دائما أشياء رائعة تستحق الحياة إلا إذا خسرت نفسك فلا شيء يعوضك مهما كسبت أخرين وربحت من آخرين…
م.إسماعيلي
2021/07/24