تونس تصنع التاريخ من جديد.
يحي طربي
إندلعت ” ثورة الكرامة “، لأول مرة في تاريخ الدول العربية، في تونس سنة 2011، قبل أن تلهم شعوب المنطقة و تحدث ربيعا عربيا اطاح بأكبر رموز الديكتاتورية العرب كحسني مبارك في مصر و معمر القذافي في ليبيا، بالإضافة إلى زين العابدين بنعلي في تونس. تونس التي عرفت منذ ” ثورة الياسمين ” هذه، انتقالا حقيقيا من نظام ديكتاتوري استبدادي إلى نظام جمهوري، مدني، ديمقراطي حقيقي، عكس الدول العربية الأخرى التي لا زالت تئن تحت وطأة الأنظمة الشمولية، العسكرية و البوليسية. لقد عرف المجتمع التونسي تقدما ملموسا إن لم نقل نجاحا كبيرا في الديمقراطية و الحريات و المساواة و حقوق الإنسان، مقارنة مع باقي الأقطار العربية، ما جعله يتلقى كل المساندة و الدعم المادي و المعنوي و اللوجيستي و السياسي من المغرب و دول الاتحاد الأوروبي و أمريكا، خاصة خلال حكم الرئيس الراحل باجي قايد السبسي و الرئيس الحالي قيس سعيد. و للإشارة فإن المغرب كان سباقا لتقديم مساعدات طبية و لوجيستيكية مهمة للشعب التونسي للخروج من جائحة كورونا.
إن ما أقدم عليه الرئيس التونسي قيس سعيد مؤخرا يعتبر ثورة تونسية ثانية بامتياز، إذ أنه و بعد أن تسلم من اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق تقارير موثقة حول الرشوة و نهب المال العام و الفساد الإداري المتفشي في مؤسسات الدولة، و الخطر الذي يتربص بالمسار الديمقراطي من طرف حركة النهضة، قام، بموجب السلطة و الصلاحيات التي يخولها له الدستور، بإقالة رئيس الحكومة و الوزراء و تجميد مهام أعضاء البرلمان، خاصة و أن حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية تلقى أموالا من جهات خارجية لتمويل حملاته الانتخابية و لخدمة أجندات مشبوهة. من جهة أخرى، قام قيس سعيد باستدعاء رئيس اتحاد الصناعة و التجارة و طلب منه حث تجار الجملة على تخفيض اثمنة السلع و البضائع كي تكون في متناول الطبقة الفقيرة، علما أن البلاد تعيش ظروفا صعبة بسبب فيروس كورونا. كما حث معاونيه، الذين اختارهم للعمل معا من أجل إخراج البلاد من الأزمة، على احترام الحريات و صيانة حقوق الإنسان التونسي.
لقد استحسن الشارع التونسي هذه القرارات و الإجراءات التي اتخذها رئيس البلاد، لأن محاربة الفساد و استعادة الأموال العمومية المنهوبة مطلب كل التونسيين و كل الشعوب العربية. و بذلك يكون قيس سعيد قد انتصر لتونس و التونسيين بالدرجة الأولى. فهل يحذو باقي الحكام العرب حذو الرئيس التونسي؟