ردا على الحملة التي يقودها الإعلام الجزائري ضد الملك
ما أعجب المرآة وما أغرب تركيبتها، تلك التي ينظر فيها النظام الجزائري لنفسه، فيراها فتاة شديدة الإثارة والجمال، بشعر أصفر خلاب، وعيون زرقاء فاتنة، وهو في الحقيقة مجرد عجوز شمطاء، عافها الدهر وبال عليها الزمان، وغزاها الشيب والتجاعيد من كل مكان، وانتشر على جسدها المترهل بيض القمل والبراغيث، وعششت في إبطها العناكب والعقارب السوداء.
لو افترضنا جدلا أن كائنا فضائيا زار الأرض، وأخبرناه أن بلدين مجاورين يُدْعيان المغرب والجزائر قد أغلقت الحدود بينهما منذ عدة عقود، وأن المغرب ما فتئ يمد يد الصلح ويطالب بفتح الحدود، في الوقت الذي تتعالى فيه الجزائر وتتكبر، وترفض وتتمنع، وترقص رقصة الطاووس البلهاء، وكأنها تملك مفاتيح السماء، لاعتقد الفضائي أن المغاربة يقضون نحبهم جوعا وعطشا، وخوفا ومرضا، وأنهم يموتون في طوابير الحصول على الحليب والزيت، وأنهم يتقاتلون على أنابيب الأوكسجين مثلما تتقاتل الضباع على فريستها، ولن يتبادر إلى ذهنه أبدا، ولو للحظة، أن العكس هو الحاصل.
ما إن انتهى الخطاب الملكي الراقي حتى أخرج النظام الجزائري الجبان كلابه لتنبح في الإعلام، فتصب جام حقدها على المغرب، وتلقي براثين خبثها عليه، قبل حتى أن تفهم المغزى وتستوعب المضمون؛ ربما لأنها على يقين تام من أن لا أمل لها في الفهم ولا حظ لها في الاستيعاب، فلو كان النظام من أهل الفهم لما ظل يصرف خزائن شعبه على مرتزقة جمعهم كحاطب ليل.
ما لم يطقه النظام البليد وما لم يستسغه، أن الخطاب الملكي كان تحفة في الصدق والعبقرية، ودرسا في الأخلاق والسياسة، عرفه من عرفه وجهله من جهله، كما أنه كان واعيا تمام الوعي بردة فعل النظام الجزائري الجبان، وبلؤمه الذي لو وُزع على أهل الأرض بالتساوي لاندثر مِن على وجهها الحب والوئام، وانقرض مِن على بسيطتها الأمن والأمان، ولحل بدلا عنها الخراب والدمار؛ وما خَتْمُ الخطاب السامي بالآية الكريمة: “إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا” إلا لِلَجْم الأفواه الكريهة التي ستشكك فيما بعد في صدق النوايا، وصدق من قال: من ساءت سريرته ساءت ظنونه.
أكاد أجزم أن الخطاب الملكي لم يكن مُوجها للطغمة العسكرية الغاشمة، بقدر ما كان محاولة أخيرة لإبراء الذمة أمام الله والتاريخ، وأمام الشعبين العظيمين، كما أنه دليل ساطع على أن جلالة الملك يتبع هدي جده صلى الله عليه وسلم في رأب الصدع وإصلاح ذات البين، استجابا لقوله تعالى: “إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم”، وأما العسكر الجزائري الذي أصل له ولا هوية، فيتبع أساليب السياسة النتنة التي يبغضها الله ورسوله.
نورالدين زاوش
عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة