الفوز بانتخابات 2021..بطبيعة الحال مدينة جرادة لن تفوز!!
الكاتب: منير الحردول
في ظل تنامي السجال” البوليميكي” السياسي العقيم، وأمام تناسل الشعارات البراقة، وتعدد التأويلات السياسية لمغرب الغد، وفي واقع يفرض نفسه على الجميع بدون استثناء، واقع معبر عن الحرمان وأزمات مستعصية تلوح في الأفق، جراء الانعكاسات المرتقبة لفيروس كورونا ليس على المغرب فقط، وإنما على العالم أجمع، تلك الانعكاسات وبدون شك ستكون لامحالة وخيمة، في ميادين عدة، اقتصادية واجتماعية، أغلبها يندرج في إطار البعد عن العدالة الإجتماعية.
وأمام المبادرات الاستباقية التي قام بها ملك المغرب جلالة الملك في حلحلة المستجدات غير المتوقعة، والمؤثرة على الشعب المغربي قاطبة، بالخصوص الفئات الهشة والطبقات المتوسطة التي جرتها السياسات الحزبية للحكومات التعاقبة، لدائرة اسمها الخوف والهشاشة واللا استقرار النفسي والأسري. بدأت الأحزاب السياسية المغربية في دراسة طرق اقناع ملايين المصوتين، بهدف الاستمرار فيما كانت عليه من تناقض صارخ بين الشعارات ماقبل الانتخابات وما بعدها (الانتخابات)، مما ساهم في تنامي نسب العزوف وابتعاد أفراد الطبقات الواعية بكل تلاوينها عن الساسة والسياسة، والتركيز على البحث عن وظيفة أو عمل قار يؤمن الحياة المعيشية الطبيعية أولا! في انتظار فرج من سياسة الضمير، بهدف التمتع بالقدرة على الانتقال إلى حياة كريمة مفعمة بالأمل والسفر، حياة بعيدة عن الخصاص الدائم في كل شي، هذا الخصاص الذي أضحى بنيويا، والكل تقريبا يلامسه ويشعر بحرجه لدرجة تحولت الحياة الاجتماعية إلى ساحة حرب! وقودها الزوج والزوجة، والأبناء، ومحلات التبضع، والجيران وهكذا دواليك!
وأمام اقتراب الاستحقاقات الانتخابية وقرب دخول زهاء34 حزبا غمار التنافس الذي أصبح شرسا، لا لشيء إلى للتناحر بين مختلف المكونات السياسية في إطار التموقع في مناصب المسؤولية وتسييج الوضعيات البراكماتية المعلنة والخفية!
ولعل التنافس السياسي أصبح يأخذ أبعاد استراتيجية مدروسة بدقة من قبل بعض الأحزاب المتمرسة في جلب قواعد تصويتية ثابتة، سواء من خلال الاستثمار في تقديم العون والدعم الماديين في إطار التضامن والإحسان، أو الدهاء الثقافي و مخدر قال فلان ابن فلان! أو عن طريق الولائم وقضاء الأغراض وتوظيف الآلة الإعلامية، التي أصبحت تغير مسار التصوتت للكثير من العقول البسيطة والساذجة.
هذا، دون الحديث عن أناس يتقنون فن الخطابة أو التهريج، والاستعانة بجيش من المصفقين الذين تخصص لهم المقاعد الأمامية، في إطار اضفاء الحماسة الزائدة على مستوى أصحابها، زد على ذلك التحالفات الهجينة غير المنطقية بين اديولوحيات بقيت ملتصقة فقط بأسماء الأحزاب السياسية، لكن الأفكار المرتبطة بها للأسف انساقت اتجاه الفكر الرأسمالي الصرف، بعيدا عن أجرأة ما يسمى بالليبراية الاجتماعية، التي أظهرت فعاليتها بدول الشمال كبلدان الاتحاد الأوربي، مما دفع بأغلب المفكرين إلى النأي بالنفس عن خليط حزبي غير متجانس، لا من حيث الأفكار ولا الرؤى ولا الطموح ولا…
كما أن أغلب الأحزاب للأسف منغلقة على نفسها، ولا زالت تقدس الشهادات الورقية، وتناست أن المبدعيين للأفكار لا يعترفون بالحدود الوهمية للأوراق الجامعية، والتي لا زالت عاجزة على اخراج البلاد من دوامة التناقضات التنموية بين الجهات، والأقاليم، والمدن، والأحياء، والقرى، والحواضر.
وأمام هذا وذاك، ربما قريبا ستنطلق الحملات الانتخابية بأساليب متنوعة، لكن في جوهرها يكمن الخلل، فهناك بعض الأحزاب تستغل العزوف، ويبدو أنها ترغب في هذا العزوف، بغية الحفاظ على وضعيتها التصويتية الانتخابية المريحة، بالنظر لتوفرها على قاعدة انتخابية ملتزمة فكريا وعقديا بثقافة عنوانها الولاء المطلق، مهما كانت أخطاء وهفوات تنظيماتها، وهناك أحزاب ترعرعت في بيئة اسمها قضاء مآرب بعض المناطق لمدة طويلة، أو مصالح آنية بسيطة، أو تضامن دوري متزن موثق، بهدف اخراج المقابل في فترة التصويت الانتخابي! فهكذا للأسف المبين تمر السياسة في عرس الانتخابات، التي تكثرت فيها الولائم، والتواضع، وأكل الفول المحمص! والدجاج، وشرب القهوة والشاي في الأحياء الشعبية والهامشية. وهي الوضعية التي يتهرب منها من يتقن التمثيل في الحملات الانتخابية في الأحياء التي تضم طبقات وسطى وراقية، لكون هذه الطبقات فاضحة للنفاق، مؤمنة بالغير الهادف، متشبتة بثوابت البلاد، لا تنطوي عليها حيلة حلال علينا حرام عليكم، ولا الشعارات الرنانة التي أصبحت بكثرتها ورتابتها، إلى جوفاء، لا مؤسسة لمغرب يتسع للجميع دون استثناء.
لذا، أظن أن رهان الانتخابات لن يميل لي أنا بالطبع، لكوني ابن عامل بمنجم الفحم تقاعد وكافح المرض المهني وظروف العيش إلى أن انتقل للرفيق الاعلى، بل سيذهب لمن تعود على مخالفة نفسه وأفكاره، وحين يبرر ذلك يبتسم ويقول فرضتها متطلبا المرحة!
ولعل الرابح الأكبر لرهان الانتخابات مهما كانت سيمسي هو الضمير، ضمير قول الحق، ضمير الاخلاص للوطن، ضمير نكران الذات والتعود على تقديم الاستقالة، في حالة برزت الفضائح أو الأخطاء عوض الإقالة. فالضمير هو سر نجاح الأمم.
فبلادنا ولله الحمد بلاد خير وأمان، رغم كثرة المعضلات الاجتماعية، فذكاء وتبصر عاهل البلاد محمد السادس في التسريع بإخراج السجل الاجتماعي وتعميم الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة، والمبادرة في احداث صناديق تضامنية واستثمارية يد من صميم ضمير النهوض التنموي للبلاد والعباد.
فيا أحزاب رهان الانتخابات ليس هو الهدف، الوطن أغلى، ويا عقل تعقل، وياضمير انهض، وكفى من التناحر و التراشق الإعلاميين العقيمين، المغاربة يحتاجون للإخلاص في القول والعمل، لا لثقافة “كوطا” ” الشباب والنساء الريعة، والحلال والحرام حسب الأهواء، وكثرة الولائم، والتمادي في خبث أنا أو لا أحد!
إذن ضمير الإخلاص لبراءة الصدق، هو من سيحدد رهان انتخابات 2021 في بلاد المغرب الأقصى!