عسكريون ،نعم، لكنهم غيرُ فرسان
رمضان مصباح
هل يُستأذَن في إطفاء الحرائق؟
اذْ استعرَّت حرائق الجزائر ؛ وبصفة خاصة حرائق غابات القبائل ،ذات الخلجان الكثيفة ،والمسالك الوعرة، والحضور السكاني والحيواني، الذي يعتلي القمم الشماء.
وإذ تأكد للعالم أن حكام الجزائر – رغم الثراء -غير أكفاء لهذا الجحيم الأرضي ،عُدة وعتادا ؛عدا ما بهر المتتبعين، من ملاحم الصبر والتضامن والنجدة التي أبان عنها الشعب الجزائري قاطبة.
وإذ التفت النيران بالسيقان الهاربة ، وخنق الدخان الأصوات الصارخة والمبحوحة ،للكبار والصغار ؛ وتدافعت البهائم والدواجن ،هاربة بحروقها ،وخلفها ألسنة اللهب كرؤوس الشياطين ،تحاصرها من حيث تتوهم النجاة.
وإذ صرخ الصراخ ، حادا مرعبا ،من حناجر النساء وهن يرين فلذات الأكباد جمرا بين أجنحة عصافير النار..
وإذ وإذ..
قلت بيني وبين نفسي : ان اليدين اللتين مدهما جلالة الملك حديثا لحكام الجزائر ؛لا يمكن ألا تسعيا – رحمة بالإنسان والحيوان والطير والبيئة – لإطفاء هذه النيران الغريبة ،التي اندلعت جهنمية وسريعة جدا ،من حواضن متعددة دفعة واحدة .
لن يصبر الملك عن رد هذا القضاء الذي نزل – مهما تكن الأسباب – خصوصا والمملكة جربت ،في غابات طنجة، منذ سنوات ،فعالية الدعم الاسباني ،الاطفائي الجوي؛ وقررت بعدها – خيرا فعلت – ألا تظل دائما مفتقرة لعدة الحرائق الفعالة، برا وجوا.
ومع هذا هجس ،في داخلي، هاجس “النخوة على لخوة ” المعروفة لجنرالات المرادية، وقلت : سيفعلها الملك ،بكل تأكيد ؛ولن يقبل رجال في النار أريحية ملك تربى على مكارم الأخلاق ونجدة الجار .
جنرالات بنياشين ،نعم ،لكنهم غير فرسان ؛لا يفقهون في قيم الفروسية النبيلة ،المعروفة لدى الشعوب الأصيلة في العالم كله.
لو حضرت هذه القيم لديهم –كما حضرت لدى مواطنيهم الذين تنادوا للنيران من كل حدب وصوب – لاستغربوا طلب الاذن الصادر عن المملكة ،والجزائر تحترق؛ خصوصا وقد فعلها الرئيس الفرنسي ماكرون ؛وصرح أن طائراته الاطفائية في الطريق الى القبائل ،وكذلك تأكد؛ دون استئذان قصر المرادية.
البدار البدار ،فالنار في الدار ؛وهل بعد هذا يُقبل تلكؤ كل قريب له القدرة على المساعدة؟
دعوهم يحترقون:
أمسك فروسيتك ودعهم يحترقون؛ هذا هو التفسير الموضوعي لرفض الدعم المغربي؛ وكأن أهوال القبائل تقع في كوكب آخر .
كأن لهذه النيران الصيفية – ان لم أقل السياسية الكيدية – كوابح غير أذرع الفرسان وطائراتهم.
لقد تحولت كراهيتكم وحقدكم على الشعب الجزائري الى سرطان جزري سيلتهمكم الى آخر قطرة من دمائكم.
وتحقدون أيضا على كل من ينتصر لهذا الشعب ؛ حتى وهو تحت النيران.
أليست غابات الجرجورة والريف والأطلس ، وغيرها بأقطار المغرب العربي ،غابات مغاربية أيضا؟
أليس من حق أجيال المستقبل ،المغاربية، أن تستنشق أوكسجين غاباتها ،المعافاة والمحصنة؟
أتفضلونها أرضا محروقة على أن تكون مغاربية؟
أتفضلونهم قبائليين متفحمين ،على أن يلهجوا بشكر المغرب؛ كما لهجوا بشكر فرنسا مستعمرة الأمس؟
بئس الرأي رأيكم..
وبارك الله في ملك فارس ،بكل أخلاق النبلاء.