كعكة بدون أسد بنجشير
محمد شحلال
دخلت طلائع قوات طالبان عاصمة البلاد كابل بعدما مهدوا لذلك باحكام قبضتهم على جل الولايات.
ولعل حرص المنتصرين على توفير الانسيابية الملائمة لهذا ،،الفتح،،يتجلى في غض الطرف عن السلطة الحاكمة لتغادر بسلام ومن غير اراقة دماء.
ربما كان انسحاب أمريكا وحلفاؤها رسالة واضحة للحكومة الأفغانية،لذلك رتبت الامور بما يلزم لتستخلص الدروس اللازمة.
بين التدخل السوفياتي الذي انهى حكما تقليديا في بلد اسلامي فقير، بمبرر الاصلاح والعصرنة،والرد الامريكي الذي هول من نشر الخطر الشيوعي في أكبر المعاقل الاسلامية باسيا،بين كل ذلك،كان على الأفعان ان يتحملوا التقتيل والتخريب الممنهج،خاصة حين تدخلت دول البترودولار العربية لأداء فاتورة الصراع،وتجرب كل التنظيرات الاسلامية في الجهاد عبر نظريات عزام وامثاله.
لعل المقاتلين الأفغان ما عرفوا للانتشاء ذروته مثلما كان يحصل حين يسقطون الطائرات اللسوفياتية كالذباب بواسطة صواريخ،،ستينحر،،الامريكية المحمولة.
لقد كنا نتابع مشاهد المجاهدين الافغان بزيهم التقليدي وهم يتربصون بطائرات العدو التي تنتهي أشلاء في تضاريس البلاد الوعرة.
خرج السوفيات صاغرين،ولم يمر وقت طويل حتى تفكك حلف وارسو وسقط أحد أبرزه معالمه :جدار برلين.
اعتقد المجاهدون الافغان بأنهم تحولوا الى قوة ضاربة فاسسوا نظاما خاصا في البلد فيه الكثير مما يخالف روح العصر،وتوافدت عليه التنظيمات الاسلامية من كل حدب وصوب ،ليصبح أسامة بن لادن أحد أكبر نجوم الجهاد بعد ان قلب طالبان ظهر المجن لأمريكا ،واصبحت العدو الفعلي الذي يجب هزمه.
تشعبت الاراء ،وانتشرت التنظيمات،فدخل البلد في دوامة من الاقتتال دامت سنين طويلة،فرضت خلالها امريكا وحلفاؤها حكاما على المقاس،لكن لغة الرصاص لم تعرف التهدئة،وأصرت حركة طالبان على المقاومة الى أن أنهكت كل خصومها حتى تحقق لها النصر.
خلال هذه السنين الطويلة التي حولت حياة الافغانيين الى جحيم،،حدثت وقائع وقصص لن تظهر كل تفاصيلها في الحال، لكن لعل الحدث الذي بصم أيام المقاومة الأفغانية،هو اغتيال ،،أسد بنجشير،،(شاه مسعود)،أحد أبرز القادة الافغان بطريقة غادرة يقال بأن بن لادن كان وراءها حين جند عميلين على أنهما صحفيان ذهبا ليجريا لقاء مع الزعيم وكان بحوزتهما كاميرا ملغومة !
بعد نفس طويل،هاهم طالبان يحتفون بالعودة المظفرة الى كابول،لكن شاه مسعود وبن لادن انتهيا نهاية مأساوية،ولم يكتب لهما أن يواكبا العهد الجديد وما يحبل به من مفاجأت.
ان كل عاقل واكب سنوات الاقتتال بهذا البلد الاسلامي،يتمنى أن يدرك الشعب الأفغاني بأنه حان وقت المصالحة والشروع في استخلاص العبر لبناء المستقبل، لكن صور المواطنين وهم يسارعون الى طلاء ما يغضب توجهات طالبان،تؤكد وجاهة التوجس من نوايا الحكام الجدد.