تم الإعلان عن افتتاح موسم القنص ببلادنا، اعلان جعلني اتذكر هذا اليوم البهيج الذي كان بمثابة عيد سنوي لدى القناصين.
محمد بوعصابة، فاعل جمعوي وكاتب / الرباط
بهذه المناسبة أحيي القناصين متمنيا لهم فتحا وافتتاحا كريمين وقنصا غنيا واسترجع قسطا من طفو لتي ومراهقتي مرتبطة بالقنص إهداء لروح والدي رحمه الله و لانعاش ذاكرتي كما سأعمل على مواكبة ايام القنص الاولى بسرد بعض الذكريات وتقاسمها مع القراء.
أتذكر فترة الستينات من القرن الماضي وانا في اخر مرحلة الطفولة وبداية المراهقة حيث كنا نستعد ليوم افتتاح موسم القنص وكلنا حماس تغمرنا فرحة منقطعة النظير. كنا نسكن خلال تلك الفترة بقرية مستكمار Mestigmer city التابعة إداريا لدائرة العيون الشرقبة باقليم تاوريرت، و كانت لوالدي رحمه الله بندقية نوع سانت اتيان روبيست S. ETIENNE ROBUSTE ذات طلقتين ناريتين المسماة الزويجة بالعامية, اقتناها من عند المرحوم السي علي المسمي بالحاج علي مول السلاح باربعمائة وخمسين درهما وذلك سنة 1964 ، كان متجره بشارع محمد الخامس بوجدة. كان لنا كلب صيد اسمه ستوب STOP أهدي وسنه بعض اشهر لوالدي من طرف صديق له بالقبيلة رحمه الله، حيث كان قناصا هو الاخر. اخترنا له اسم ستوب لكي يقلص من تباعده عنا وليقف عند ندايه لكي ينتظر الاوامر التي سنصدرها له، مأواه ملجأ من طين وقصب بنيته لسلفه ديانا DIANA قبالة بيتنا منذ ان بدات في تربيته وتمرينه على الصيد. منذ كان ستوب صغيرا، عملت على تعليمه تقنيات اكتشاف الطيور العادية والحمام والارانب بالوادي القريب من مسكننا، مستمرا هو الاخر في اكتشاف حيوانات تلفت حسه كالقنفود والسلحفاة البوري، واسترجاع الحاجة بعد ابعادها عنه . كما سهرت على تلقينه بعض المفردات ليكون متجاوبا معنا وفق الأعمال المنوطة باختصاصاته وكي أدربه على سرعة رد الفعل، فأهم الصفات في الكلب المعد للصيد هو التجاوب السريع مع تعليمات معلمه . كان ذلك خلال العطل المدرسية او الأسبوعية حيث كنت اتابع دراستي بالاعدادي بتاوريرت وبعده بالثانوي بوجدة.
كان لونه يجمع ما بين الأسود و البني مع بعض البياض على وجهه و في ارجله. حرصت على وضع حزام من الجلد الخالص حول عنقه وبه قطعة معدنية طبع عليه اسم STOP. بدا ستوب في مزاولة مهامه إلى جانب ابي في الشهر السابع من عمره. وفي أول مهمة له وقد كنت موجودا انذاك كانت الحصيلة هائلة، 8 من الحجل وارنبين . من المهام التي كانت تسند الي ليلة القنص و انا ابن الخامسة عشر، هي مرافقة الكلب ستوب الذي أصبح بمثابة فرد من العائلة الى ساقية من سواقي المياه المخصصة لسقي الحقول للقيام بغسله بالصابون. كان ستوب يتمتع بحيوية كبيرة يلجأ بعد غسله بخفة إلى رقعة ارض معشبة يحتك بها مرات عديدة لتجفيف جسمه من الماء تحت اشعة الشمس. وبعد حين اناديه للرجوع إلى البيت فيستجيب، نرجع مارين بساحة المدرسة التي كانت فضاء للعب كرة القدم والنيبلي نحن الاطفال امر رفقة كلبي وانا اخاطبه باللغة الفرنسية لامر ما، او اذا بعد عني شيءا ما اطلق سافرة خاصة به ليرجع قرابتي، الشيئ الذي كان يلفت انظار الاخرين وانا أشعر بفخر كبير. وفي المساء، بعد تناول وجبة العشاء، وبعد اطعام ستوب كالعادة وفي جو عائلي تغمره الفرحة بحضور اخوتي الصغار، كان ‘والدي رحمه الله ينظف البندقية من الداخل باكسيسوار خاص لذلك بزيت خاصة و ينظر تارة داخل جعبتيها للوصول الي لمعان تام، ثم ينظفها من الخارج ويدهن مفاصيلها و بعد ذلك يهيئ الخرطوش بالة يدوية تثبت على طاولة وانا اساعده علي ذلك بمنحه الخرطوش الفارغ و جمع ما عبأه في الحزام الخاص بها دون ان ننسى مراقبة محفظة الصيد التي كنا ناخذ فيها زادنا مع علبة مليئة بالشاي المخصصة لحمل الغنيمة بها. اما الام فكانت تهيئ لنا الزاد وملابس وحذاي خاصين للصيد ي يرتديهم الوالد.
كانت تلك التهيئات تدوم الي منتصف الليل الي ان ننام ساعات قليلة ونستيقظ باكرا قبل طلوع الفجر لتناول القهوة ومغادرة بيتنا على متن السيارة التي كانت في حوزة الوالد رفقة قريب لنا من الدوار او صديق لابي من القرية له دراية في مجال القنص يرافقنا بمثابة مستشار ومساعد، دون ان ننسى STOP الذي كان ياخذ مكانه بالصندوق الخارجي للسيارة…. يتبع… محمد بوعصابة، فاعل جمعوي وكاتب / الرباط.