فرنسا تُهين النظام العسكري الجزائري برفض تسليمها النشطاء والصحافيين المعارضين باعتبار فراغ ملفاتهم
عبدالقادر كتــرة
وجهت السلطات الفرنسية صفعة قوية مذلة ومهينة للنظام العسكري الجزائري برفضها تسليم أو ترحيل أو طرد النشطاء السياسيين والصحافيين الجزائريين المعارضين المقيمين بفرنسا باعتبار أن الملفات المقدمة في شأنهم للمصالح الأمنية والعدالة الفرنسية عبر السفارة الجزائرية بفرنسا، (باعتبارها) فارغة ولا تتضمن أي أدلة للتهم الموجهة إليهم مثل الإرهاب والمسّ بأمن الدولة الجزائرية، بل هم مجرد مناضلين بأفكارهم وآرائهم ويتمتعون باللجوء السياسي والحماية الفرنسية في بلد ديمقراطي قضاؤه مستقل ولا يخضع للأوامر عبر الهواتف.
وحسب الصحافي الجزائري الاستقصائي المعارض للنظام العسكري الجزائري عبدو السمار، تلقت السلطات الجزائرية الحاكمة في الجزائر، خلال هذا الأسبوع ، ردّا واضحا وقويا ومُذلا، استنادا إلى تصريحات دبلوماسيين وسياسيين فرنسيين، حول ملفات النشطاء والمناضلين الجزائريين المعارضين، التي لا تتضمن أي دليل واحد لإدانة هؤلاء بالتهم الموجهة إليهم، واعتبرها “إهانة وإذلالا للنظام الجزائري وللدولة الجزائرية وللعدالة الجزائرية وللاستخبارات الجزائرية”.
وأضاف الصحافي الاستقصائي المعارض : ” أصبحت العدالة الجزائرية مجرد “فاكس” تبعث ببرقيات تتضمن أخبار كاذبة “فايك نيوز” واتهامات غير مبررة ولا مبنية على أسس تافهة وغير معقولة ولا منطقية، ضد أشخاص، تحت الضغط والمساومة خلال مفاوضات حول طلب السلطات الفرنسية استقبال عدد من المهاجرين غير الشرعيين وتَسلُّم إسلاميين متطرفين جزائريين يقبعون في سجون فرنسا”.
وفي نفس السياق وحسب نفس المصدر، صرح “فريد زين الدين بن الشيخ” المدير العام الجديد للأمن الوطني لمسؤول سامي من الأمن الفرنسي “أعترف بأننا عجزنا عن فبركة ملفاتهم”، بعبارة أخرى فشلت دولة النظام العسكري الجزائري في مخاطبة العدالة الفرنسية ومواجهتها بملفات مقبولة، مع العلم أن القضاة الفرنسيين سبق أن “بهدلوا” القضاة الجزائريين بمطالبتهم بالكفّ عن إرسال ملفات فارغة لا تتضمن على أي دليل للتهم الملفقة لهؤلاء المعارضين..
وسبق أن توجه وفد عن النظام العسكري الجزائري، يوم 15 من شتنبر الماضي إلى فرنسا، للمطالبة بتوقيف المعارضين والنشطاء الجزائريين الذي يزعجون النظام الحاكم بفضح أساليبه القمعية الجهنمية ويؤثرون في الشعب الجزائري ويحركون الشارع الجزائري ويوجهون المظاهرات والمسيرات في مختلف المدن الجزائرية .
والوفد المشكل من رئيس الأمن الخارجي الجزائري ومديرية الأمن الوطني طالبت النظام العسكري الجزائري من باريس مساعدتها على توقيف المعارضين النشطاء الجزائريين المتواجدين على الأراضي الفرنسية وتسليمهم أو ترحيلهم خارج فرنسا، بعد أن أعدت المخابرات الجزائرية خطة لتوقيفهم والذين يتجاوز عددهم ال30 معارضا وناشطا مقيمين بفرنسا بطريقة شرعية حاصلين على اللجوء السياسي، وعلى رأسهم فرحات مهني رئيس حكومة “الماك” “الحركة من أجل تقرير مصير في منطقة القبائل” واثنين من حركة “رشاد” نجيم ويحيى مخيوبة وأمير ديزيد و هشام عبود وعبدو السمار…
وسبق أن أشارت جريدة “افاريطالياني” الإيطالية إلى أن مدير المخابرات الخارجية الفرنسية قام بزيارة إلى الجزائر، تناولت موضوع إمكانية مساهمة فرنسا في توقيف المعارضين المتواجدين على أراضيها.
وأشارت الجريدة الإيطالية، إلى أن اجتماعا ضم كل من برنارد ايمي، وهو مسؤول المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، مع ضباط من المخابرات الجزائرية، درس من بين النقاط التي أدرجت في جدول الأعمال، قضية المعارضين الجزائريين المتواجدين على الأراضي الفرنسية.
وحسب مصادر الجريدة، للتذكير، فإنه ليست هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها تنسيق محتمل بين جهازي مخابرات البلدين، في موضوع المعارضين الجزائريين في فرنسا، فقد حدث تواطؤ ما في قضية مقتل القيادي السابق في جبهة القوى الإشتراكية علي مسيلي في أبريل من عام 1987، وهي العملية التي لم يُكشف خباياها بعد كل هذه السنوات.
كما عاد عناصر المخابرات الجزائرية للنشاط في الميدان بقوة خلال العام الفارط، حيث نفذوا عدة عمليات توقيف واستنطاق للناشطين في الحراك، واعتقال ناشطين معروفين في نضالهم بحقوق الانسان كما تم اعتقال عدد من الصحافيين الذين رفضوا تنفيذ تعليمات المخابرات الجزائرية والنظام العسكري الجاثم على صدر الشعب الجزائري.
وسبق للسلطات الإسبانية أن سلمت في غشت الماضي، في صفقة مع النظام العسكري الجزائري، الرقيب الأول السابق في قيادة الدرك الوطني محمد عبد الله (33 عاما، وهو رقيب أول سابق في قيادة الدرك الوطني انشق عن المؤسسة النظامية ولجأ نحو أوروبا) إلى الجزائر لأجل محاكمته.
وأوضح دفاع المتهم أن السلطات الإسبانية اعتقلته الأسبوع الماضي، قبل أن يصدر مرسوم ترحيله إلى الجزائر، مباشرة بعد إصدار محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة الجزائري، يوم 21 مارس الماضي مذكرة توقيف دولية ضده رفقة 3 أشخاص آخرين.
ووجهت له تهما تتعلق بجناية الانخراط في جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية وجناية تمويل جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة وجنحة تبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية”، وفق ما نشرته وقتها وكالة الأنباء الجزائرية.
يذكر أن محمد عبد الله كان ينتمي إلى السلك النظامي إلا أنه غادر القيادة منذ 3 سنوات حاملا معه فيديوهات التقطها أثناء انتمائه إلى أسراب الطيران لقيادة الدرك الوطني، وطلب اللجوء السياسي في إسبانيا
كما سبق لتركيا أن سلمت، خلال غشت الماضي، إلى الجزائر المساعد الأول قرميط بونويرة، السكرتير الخاص السابق و”العلبة السوداء” التي تضم أسرار الجنرال القوي الراحل أحمد قايد صالح، وبحوزته وثائق سرية تمكن من إخراجها بعد هروبه، والاحتفاظ بها في أماكن سرية.
ولتقدير أهمية هذا الضابط الذي يدعى قرميط بونويرة، فمن الضروري معرفة أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تدخل بنفسه من أجل اعتقاله وترحيله إلى الجزائر، لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يكن له ما يخسره، بل إنه هو الرابح الأكبر من خلال الاستجابة لطلب عبد المجيد تبون.
وتركيا ليس لديها ما تخسره لأن أجهزتها كان لها الوقت الكافي (عدة أشهر) من أجل الحصول على كل المعلومات الاستراتيجية التي كان يتوفر عليها قرميط بونويرة، وطيب رجب أردوغان هو الرابح أيضا بقبوله تسليم هذا الضابط إلى الجزائر، لأنه يعرف حق المعرفة أنه سيحصل على ثمن غال مقابل هذا التسليم، أولا من خلال تحييد كل معارضة من قبل الجزائر للتواجد العسكري التركي في ليبيا وثانيا من خلال فتح الباب على مصراعيه أمام الشركات التركية لكي تحصل على صفقات عمومية مهمة بالجزائر. هذا دون أن ننسى حنين رجب طيب أردوغان إلى المستعمرات السابقة للإمبراطورية العثمانية، التي كانت تسير أهم المدن المتواجدة على الشريط البحري الجزائري ما بين 1512 و1830.
وسلمت تونس تسلم لاجئا سياسيا للجزائر أثار انتقادات واسعة من طرف 42 منظمة حقوقية التي اعتبرت أن ما حدث هو سابقة خطيرة أقدمت عليها الدّولة التّونسية وقالت في بيان إنها “علمت باختفاء الناشط السياسي الجزائري سليمان بوحفص (54 عاما) في تونس في ظروف غامضة مؤكدة على أن ما حدث هو “سابقة خطيرة أقدمت عليها الدّولة التّونسية بتسليم اللاجئ الجزائري، المتمتع بالحماية الدّولية إلى سلطات بلده”.
ومن بين المنظمات الموقعة على البيان الرّابطة التّونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، والمنتدى التّونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والنّقابة الوطنية للصحفيين التّونسيين، والجمعية التّونسية للدفاع عن الحريات الفردية.
وفي يوليو 2016، ألقت الشرطة الجزائرية القبض على “بوحفص” (مسيحي)، بتهمة الإساءة للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات، قبل أن يُخفف الحكم إلى 3 سنوات.
وقال البيان إن شهود عيان أفادوا “بأن سيارات بلوحات (…) غير معروفة قدمت يوم 25 غشت الماضي إلى المنزل الذي يقيم فيه الناشط الجزائري، واقتادته إلى جهة غير معلومة، قبل أن تقوم السلطات التونسية بتسليمه لنظيرتها الجزائرية، حيث سيقع تقديمه أمام أنظار القضاء الجزائري”.
ودعت المنظمات الحقوقية “الدّولة التّونسية إلى احترام تعهداتها الدّولية في هذا الظّرف الدّقيق وضمان حماية حقوق الإنسان وحقوق اللاجئين”.
واعتبرت أن “إقامة علاقات صداقة مع الدّولة الصديقة (الجزائر) لا ينبغي أن يكون على حساب احترام الالتزامات الدّولية التي تحمي اللاجئين وطالبي اللجوء واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية وعدم التّسليم”، وفق البيان.
وأشارت إلى أن “سليمان بوحفص قدم إلى تونس، حيث منحته المفوضية السّامية لشؤون اللاجئين صفة اللاجئ، في شتنبر 2020”.
وشددت على أن “الحماية الدولية التي تحصل عليها (بو حفص) تفرض على السّلطات التّونسية، الموقعة على معاهدة جينيف لسنة 1951 وبروتوكولها لسنة 1967 واتفاقية مناهضة التّعذيب عام 1984، عدم إعادته القسرية”.