ألمانيا تدعو ملك المغرب لزيارتها شامخا، والجزائر تعيد سفيرها إلى فرنسا صاغرا
عبدالقادر كتــرة
ارتأيت أن أستهل مقالي بمطلع القصيدة الميمية لأبي الطيب المتنبي.(303هـ-354هـ/915م-965م) الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، قال فيها:
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ // وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكــــارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها // وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ // وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِـــهِ // وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَـــراغِــــــمُ
ثم أروي قصة من تراثنا العربي الأصيل ، المليء بالأمثّال العربية الشهيرة، التي تناقلت عبر الأجيال، ولكل مثّل عربي قصة حدثت في الماضي ، فمنها ما قيل في بيت شعري قديم ، ومنها ما قيل مباشرة بسبب حدوث قصة ما، وانتشر المثّل وتناقلته الأجيال ، ومن تلك الأمثال هو المثّل العربي الشهير “من ادعى ما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان” ، وقصة هذا المثّل كالآتي :
“يروى أنه في قديم الزمان ، في سالف العصر والأوان ، مرّ رجلان في أجمة كثيرة من الأشجار ، فرأى أحدهما على الأرض آثار أقدام السِباع ، فقال لرفيقه : أخشى أن يخرج علينا سبع فيقتلنا ، وليس معنا سلاح ندافع به عن أنفسنا .
الدب والرفيق المغرور :
فقال له صاحبه الآخر : لا تخف ما دمت أنا معك ، وأنت تعلم مبلغ شجاعتي وقوتي ، وما كاد يتم كلامه حتى سمعا صوت دُب آتيًا ، فترك ذلك المدعى المغرور بقوته رفيقه ، وجرى نحو شجرة وصعد إلى قمتها هربًا من الدب ، وأما الآخر فاستلقى على الأرض وكتم نفَسَه!.
فلما جاء الدب دار حوله يشُمٌ بدنه فلم يجد فيه نفَسًا ، فظن أنه ميت فتركه وانصرف ، لأنه لا يأكل الميتة.
وبعد أن ذهب الدب نزل ذلك المدعي عن الشجرة ، وأقبل نحو رفيقه في شدة الخجل ، وسأله عن سبيل المزاح ، عما قال له الدب في أذنه ، فقال الرفيق الثاني له : هذا دب حكيم ، فلقد أخبرني أنه مادح نفسه كذاب لا يصدق ولا يعتمد عليه .”
شموخ المملكة المغربية الشريفة ذات العزائم والمكارم التي تحولت إلى قوة إقليمية حقيقية ضاربة في عمق التاريخ، وأنفته للتعامل ندا بندّ مع جميع الدول كيفما كانت قوتها لتجسيد ما قاله ويقوله رجالتها “إن مغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس”، أرغم دولا حاولت التطاول على سيادته على الاستسلام والخضوع والقبول بالأمر الواقع وتسارع لإعادة العلاقات أو ترسيخها .
وجه رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير، دعوة إلى العاهل المغربي لزيارة بلاده ويؤكد دعمه للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، الأمر الذي يعتبر ضربة موجعة للنظام العسكري الجزائري وجنرالات ثكنة بن عكنون وصدمة لقادته في قصر المرادية بالعاصمة الجزائرية، التي ما فتئت تجتر بغرور “أن الجزائر قوة ضاربة وقوة إقليمية” آملين أن يطول التوتر الذي اختلقوه ونفثوا فيه من سمومهم فيه ، بين المغرب وألمانيا الاتحادية.
وأفاد بيان للديوان الملكي في المغرب، مساء الأربعاء 05 يناير 2022، بأن العاهل محمد السادس تلقى رسالة من رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية، فرانك فالتر شتاينماير، أكد فيها أن “المغرب قام تحت قيادة الملك بإصلاحات واسعة”، مذكرا بـ”دعم ألمانيا المستمر والقوي للتطور الرائع في المغرب”.
وأضاف الرئيس الألماني “أثمن عاليا مبادراتكم المبتكرة في مكافحة التغير المناخي وفي مجال التحول الطاقي”، مبرزا أنه “بفضل التطور الديناميكي لبلدكم، أصبح المغرب موقعا مهما للاستثمار بالنسبة للمقاولات الألمانية في أفريقيا”.
ووجه الرئيس شتاينماير دعوة إلى العاهل المغربي للقيام بـ “زيارة دولة إلى ألمانيا”، من أجل “إرساء شراكة جديدة بين البلدين”.
وبخصوص قضية الصحراء المغربية، أكد شتاينماير في رسالته إلى الملك أن ألمانيا “تعتبر مخطط الحكم الذاتي الذي قُدم في سنة 2007 بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساسا جيدا للتوصل إلى اتفاق” لهذا النزاع الإقليمي، مؤكدا على “دعم بلاده، منذ سنوات عديدة، لمقترح الأمم المتحدة من أجل حل سياسي عادل ودائم ومقبول من كافة الأطراف”.
وأبرز الرئيس الألماني في رسالته الدور المهم للمملكة على المستوى الإقليمي، قائلا: “أشيد بالمساهمة الكبيرة لبلدكم من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة في المنطقة”، ومسجلا “الالتزام المتفرد للمغرب في مجال محاربة الإرهاب الدولي، وهو أمر ضروري بالنسبة لبلادي (ألمانيا) وأمنها”.
وأكد الرئيس الألماني أن ألمانيا تعتبر النموذج المغربي لتكوين الأئمة بمثابة عنصر واعد من شأنه القضاء على التطرف”، مختتما رسالته ب”إن بلدي وأنا شخصيا، ممتنون لكم للغاية على انخراطكم الفعال من أجل السلام في ليبيا”.
من جهة أخرى، وجهت خارجية ألمانيا رسالة تحية وتقدير إلى 10 من الفعاليات المغربية المقيمة بألمانيا، من توجهات مهنية وأكاديمية مختلفة، لعبت دورا في تطوير موقف الديبلوماسية الألمانية من “الأزمة مع المغرب” التي طالت منذ شهور.
وكانت هذه الفعاليات المغربية الألمانية قد طلبت وزارة الخارجية الألمانية في أكثر من مناسبة الاجتماع بها بمقر الوزارة ببرلين، حيث حضرت تلك الفعاليات من مدن ومناطق مختلفة من ألمانيا على حسابها الشخصي ونزلت في فنادق بالعاصمة على حسابها الشخصي أيضا، وكانت خير مدافع عن تفاصيل حيثيات واقع بلادها المغرب والتطورات المسجلة فيه وموقعه ضمن فضائه المغاربي والإفريقي والمتوسطي. علما أنها جميعها فعاليات لا تربطها أية علاقة بأية جهة رسمية بالمغرب، بل أغلبها فاعل في مجالات علمية أو مهنية أو جمعوية داخل ألمانيا، وأن اختيارهم قد تم أصلا من قبل تلك السلطات الألمانية لمصداقيتهم ولعلمها بعدم ارتباطهم بأية مؤسسة رسمية مغربية.
شموخ المغرب العظيم ورجاله الضراغم قابله انحدار النظام العسكري الجزائري وخدامه وزبانيته الأقزام الصغار، بعد أن أعلنت الرئاسة الجزائرية إعادة سفيرها محمد عنتر داود إلى باريس بعد ثلاثة أشهر من استدعائه عقب تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وأعلنت الجزائر، اليوم الأربعاء 5 يناير 2022، عن أنها قامت بإرجاع سفيرها لدى فرنسا، عنتر داود إلى عمله ومهامه ابتداء من يومه الخميس 6 يناير 2021، صاغرا مذلولا جارا أذيال الخيبة، بعد أن لم يسأل عنه أحد وتجاهلته الدبلوماسية الفرنسية .
وجاءت عودة السفير الجزائري بعد قرابة 3 أشهر من استدعائه للتشاور احتجاجا على تصريحات التي وصفت “بمسيئة” من قبل الرئيس إيمانويل ماكرون. جاء ذلك بحسب بيان مقتضب صدر عن الرئاسة الجزائرية.
استدعاء السفير الجزائري، جاء عقب تصريحات نقلتها صحيفة لوموند عن الرئيس الفرنسي يتساءل فيها “عما إذا كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي (1830-1962). واتهم ماكرون النظام الجزائري، بالاستثمار في “ريع الذاكرة” وتنمية الضغينة تجاه فرنسا.
الجزائر تهين نفسها بنفسها رغم صرخاتها التي لم تتجاوز حدود شواطئها التي جعلها آلاف الجزائر قواعد للهجرة إلى فرنسا، بعد أن عبر مجلس الأمة الجزائري، الغرفة الأولى في البرلمان، وعدة أحزاب سياسية جزائرية عن “إدانتهم لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي اعتبرتها تدخلا في الشأن الداخلي الجزائري لأغراض انتخابية، وتطاولا على تاريخ البلاد بخلفية استعمارية.”
وادعى مجلس الأمة في بيان له عن “رفضه جملة وتفصيلا كل شكل من أشكال التدخل أو الإملاءات أو الإيحاءات أو المواعظ مهما كانت طبيعتها أو مصدرها، والتي اعتاد مستعمر الأمس وبقاياه اليوم من لوبيات وكيانات وأحزاب لا تخفي عداءها الجزائر، إبداءها وتوجيهها دونما خجل ولا كلل”.
كما روّجوا أن “السياسة الخارجية الجزائرية لا تخضع لأية إملاءات من أي جهة كانت، وأنها تتحرك وفق مسار الواقعية السياسية وخدمة للمصالح الإستراتيجية للجزائر”، في الوقت الذي كان المسؤولون العسكريون والسياسيون يتوددون لقصر الإليزيه ويتمنون التفاتة أو إشارة ولو صغيرة للتعبير عن الرضا لكن دون جدوى، بل كانت الرسالة هي تجاهل وزير الخارجية الفرنسي تجاهل وزير الخارجية الجزائري لعمامرة في مؤتمر حول ليبيا.
وواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ‘هانة النظام العسكري الجزائري بعد أن طلب الصفح من الجزائريين الذين حاربوا إلى جانب فرنسا خلال حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي عام 1962 ويعرفون باسم الحَرْكَى.
ودُعي إلى قصر الرئاسة الفرنسية – الإليزيه – حوالي 300 حركي وأحفادهم، في ظل دعوات من المنظمات التي تمثلهم برفع قيمة التعويضات المرصودة لهم والتي تبلغ 40 مليون يورو.
وحارب ما يقرب من 200 ألف حركي إلى جانب جيش فرنسا الاستعماري في الحرب الدموية التي دارت ما بين عامي 1954 و1962 ضد جبهة التحرير الوطني الجزائرية.
واُتهمت فرنسا بالتخلي عن الحركى، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف منهم على يد قوات جبهة التحرير الوطني والتي تصف الحركى بالعملاء الخونة.
بلع جنرالات ثكنة بن عكنون ألسنتهم بعد ان طال الانتظار وبعد واصل الرئيس الفرنسي ماكرون تحريك الخنجر في الجرح واستقبال ممثلي الحركى واعتذر لهم ووعدهم بتعويضات سمينة، فما كان من جنرالات الجزائر إلا طأطأة الرأس وذهبوا إليه صاغرين، عسى أن ينالوا رضاه… و”تبقى الأسود أسودا والكلاب كلابا”.