2022 سنة الأمل والعمل !
اسماعيل الحلوتي
بالرغم مما بات يعيش العالم على إيقاعه منذ مطلع السنة الميلادية 2020 من أزمة صحية خانقة، بسبب تفشي جائحة “كوفيد -19” وما فرضته من قيود وخلفته من تداعيات اقتصادية واجتماعية مؤلمة، مازال هناك مغاربة يحافظون على عادتهم في الاحتفال بحلول السنة الميلادية الجديدة كباقي شعوب العالم. حيث أنهم يحرصون على تبادل التهاني والأماني فيما بينهم، وإن عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبدون إقامة تلك الحفلات المعتادة في البيوت أو خارجها في المطاعم والحانات…
فما هي يا ترى تطلعات المغاربة وانتظاراتهم وهم يستقبلون السنة الميلادية الجديدة 2022؟ من المؤكد أن هناك تفاؤلا لدى معظمهم بأن تشكل بارقة أمل تختفي خلالها كل دواعي آلامهم وأحزانهم وتتحقق فيها آمالهم وأحلامهم، وفي مقدمتها أن يرفع الله عنهم والإنسانية جمعاء الوباء اللعين الذي تحول إلى كابوس رهيب أفقدهم طعم الحياة ولذة النوم الهادئ، لاسيما أنه اختطف أرواح عديد الأصدقاء والأقارب، وأدى إلى تسريح آلاف العمال والمستخدمين من عملهم. ويأملون أن تكون حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، التي تتهيأ للاحتفال بمرور المائة يوم الأولى على تنصيبها، حكومة أفعال وليست حكومة أقوال، وفي مستوى طموحاتهم…
وجدير بالذكر أن هناك مغاربة جد محبطين ومتشائمين من هذه السنة كما السنة السابقة وحتى اللاحقة، بعد أن استبد بهم اليأس وجعلهم يفقدون الثقة في كل ما حولهم من مؤسسات ومنتخبين، جراء ما تراكم لديهم من خيبات أمل في الحكومات المتعاقبة، وخاصة الحكومتين السابقتين بقيادة عبد الإله بنكيران وخلفه سعد الدين العثماني عند رئاستهما الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، الذي تلقى صفعة قوية في انتخابات الثامن شتنبر 2021، عقابا لإخلاله بوعوده وفشله في تدبير الشأن العام.
حيث أنهم ومن خلال تواصل مسلسل الزيادات في أسعار المواد الواسعة الاستهلاك في ظل الحكومة الجديدة التي دشنت ولايتها بقرارات قاسية، ومن بينها فرض شروط مجحفة في اجتياز مباراة أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين مثل خفض سن الترشيح إلى 30 سنة، مما فوت على آلاف الشباب المعطلين فرصة المشاركة، يرون أن دار لقمان مازالت على حالها وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، ما لم تتوفر الإرادة السياسية القوية في إحداث التغيير وتفعيل مقتضيات الدستور بشكل سليم، من قبيل الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة مختلف مظاهر الفساد والريع وعدم الإفلات من العقاب، والسهر على إسناد المسؤوليات لمن يستحقها من النزهاء وذوي الكفاءة والحس الوطني الصادق، بعيدا عن المحاباة والمحسوبية…
بيد أنه في المقابل هناك فئات عريضة في المجتمع استقبلت السنة الميلادية الجديدة 2022 بكثير من التفاؤل، يحذوها الأمل الكبير في أنها ستكون يقينا أفضل من سابقتها، وفيها ستتحسن أحوال البلاد والعباد… ومما زاد من ارتفاع منسوب الشعور بالاطمئنان وجود عدة مؤشرات توحي بأن زوال الجائحة المشؤومة بات وشيكا، خاصة أن العديد من خبراء الأوبئة يتوقعون نهايتها في الشهور القليلة القادمة، ومن الراجح أن يشكل متحور “أوميكرون” آخر مراحل انتشار فيروس كورونا المستجد، ومن ثم عدم ظهور متحورات جديدة مستقبلا…
فمن الطبيعي أن تكون لأي شخص سواء كان مغربيا أو أجنبيا طموحاته ومشاريعه التي تتجدد مع كل سنة ميلادية جديدة، حسب إمكاناته الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، لكن ما يوحد المغاربة بمن فيهم الفاقدون لأي بصيص من الأمل في التغيير، أن هذه السنة ستكون أفضل على الأقل من السنوات العشر التي قضوها تحت سلطة البيجيدي، مليئة بالعطاء المثمر والأفراح تحت عنوان “سنة الأمل والعمل”، ففيها سيتم تنزيل برامج ومشاريع كبرى وخاصة تلك التي يشرف عليها ملك البلاد محمد السادس ك: النموذج التنموي الجديد وتعميم الحماية الاجتماعية، بالإضافة إلى أن الحكومة حريصة على ترجمة التزاماتها ووعودها إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع…
ذلك أن الأمل معقود على قائد التحالف الثلاثي عزيز أخنوش في التعجيل بتطويق تداعيات جائحة كورونا على تلك الفئات الاجتماعية المتضررة، بفعل الحجر الصحي الشامل وفقدان موارد رزقها، الانكباب على معالجة القضايا التي أخفقت فيها الحكومتان السابقتان، والحد من منسوب الاحتقان الشعبي، الذي ساهم في اندلاع الاحتجاجات بمختلف المناطق والقطاعات، ومازالت أسبابه قائمة مثل تواصل الغلاء الفاحش وارتفاع معدل البطالة إلى 12,8 في المائة حسب ما جاء في تقرير المندوبية السامية للتخطيط.
وعلاوة على ذلك يتوخى الكثير من المواطنين أن تكون حكومته قد بادرت منذ البداية إلى وضع خطة محكمة لإنعاش الاقتصاد الوطني ورفع معدل النمو إلى حوالي 5 في المائة، بما يمكن أن يساعد في توسيع دائرة الاستثمار العمومي، والتعجيل بحل معضلة البطالة التي ما فتئت تتفاقم بصفة مقلقة ومحاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي وتجويد الخدمات في الإدارة وقطاعي التعليم والصحة، وتقليص التفاوتات المجالية بين الجهات، لخلق نوع من الانسجام مع أهداف الجهوية المتقدمة…
إننا نتمنى صادقين أن تكون سنة 2022 انطلاقة جديدة نحو بناء الدولة الاجتماعية على أسس صلبة، وأن يتواصل العمل الجاد والدؤوب في اتجاه تحصين الوحدة الترابية وتعزيز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، القطع مع مختلف مظاهر الاستهتار بالمسؤولية ومحاربة كافة أشكال الريع والفساد التي تحول دون تحقيق التنمية، وأن تسهر الحكومة على تنفيذ ما سبق لرئيسها أن تعهد به من التزامات ووعود.